في 23 سبتمبر تحتفي الإمارات بيوم السعودية الوطني، وفي 2 ديسمبر تحتفي السعودية بالإمارات، في نموذج لما يمكن أن يصنعه التحالف من قوةٍ
دولة الإمارات العربية المتحدة تحتفي بالعيد الوطني السابع والثمانين للمملكة العربية السعودية لعدة أيامٍ هذا العام، وهو شأن دأبت عليه الإمارات منذ أعوام، تؤكده عاماً بعد عام، وتتوسع فيه وترافقه فعاليات رسميةٌ وشعبيةٌ.
تفعل الإمارات هذا مع عدة دولٍ وبالذات الدول الخليجية الشقيقة، ولكنها على الدوام تجعل الاحتفال بالسعودية مختلفاً ومتميزاً وذا طابع خاص، في كل المناسبات، وهو أمرٌ تفعله القيادة والشعب، ويتنافس فيه الجميع، والسؤال المهم هو لماذا؟ لماذا تفعل دولة الإمارات ذلك؟.
راهن الخصوم -إيران وقطر والإخوان-على إضعاف هذا التحالف السعودي الإماراتي، وقاموا بحملات إرجاف عالمية، بعد تسلم الملك سلمان لمقاليد الحكم في السعودية، ولكن الجواب كان تاريخياً، فقد توثّقت عرى التحالف، وتعمّقت، ووصلت لمستويات غير مسبوقة
وشائج التاريخ وأواصر القربى، وحدة اللغة والثقافة والدين، مشتركات العادات والتقاليد، إرث الأعراف وطبيعة المصالح المشتركة، هذه جميعاً، تشكل جزءاً مهماً يمنح العمق والاتساع لهذه العلاقات وهذا الاحتفاء، وقد كتب عنها كاتب هذه السطور في عددٍ من المناسبات، ومع هذا أيضاً العلاقات الخاصة التي لطالما ربطت أسرة آل نهيان بأسرة آل سعود، وجميع أسر الحكّام الكريمة، منذ بناء الدولة الحديثة، والتي تعززت لاحقاً بين المغفور له الشيخ زايد وملوك السعودية فيصل وخالد وفهد، وعبد الله قبل استلامه لمقاليد السلطة في بلاده.
لكنني أحسب أن جزءاً مهماً من الجواب يكمن في الوعي المتقدم للقيادة السياسية في الإمارات، فقبل عقدٍ من الزمان وضمن ظروف وسياقات مختلفة عن اليوم، اختارت بعض دول الخليج مواقف متباينة، فبعضها اختار بوعيٍ أن يصرّ على معاداة السعودية، ويسعى في التآمر عليها بكل ما استطاع، وهو ما فعلته وتفعله قطر، وبعضها اختار حياداً من نوعٍ ما، وهنا جاء القرار والخيار الاستراتيجي للوعي المتقدم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو خيار التحالف الاستراتيجي بكل المقاييس مع المملكة العربية السعودية، وهو ما شكّل تلاقياً مهماً لقيادة البلدين، وصنع الفارق في المنطقة والعالم.
سارت القيادتان في نهج مستمر ومتماسك في قيادة العالم العربي نحو النجاة من التحدي الكبير المتمثل فيما كان يعرف ب «الربيع العربي» وأزماته وتحدياته، ولم تلبثا أن امتلكتا رؤية مميزة لدور تاريخي يجب أن تتحملا المسؤولية التاريخية تجاهه، فكانت مواجهة ذكية لمشروع أكبر الحلفاء الدوليين –أميركا-وتحالفاته حينذاك، والرهان على أن مصالح الدولتين وشعبيهما مقدمة على كل اعتبار.
قام هذا التحالف القوي والنافذ بإنقاذ البحرين من انتفاضتها 2011، وتم إنقاذ مصر 2013 وتم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعةً إرهابيةً، مع التصدي العاقل لمشاريع العدو الأكبر في المنطقة والعالم، النظام الإيراني.
راهن الخصوم -إيران وقطر والإخوان-على إضعاف هذا التحالف السعودي الإماراتي، وقاموا بحملات إرجاف عالمية، بعد تسلم الملك سلمان لمقاليد الحكم في السعودية، ولكن الجواب كان تاريخياً، فقد توثّقت عرى التحالف، وتعمّقت، ووصلت لمستويات غير مسبوقة في علاقات الدولتين مع كل الحلفاء في الماضي والحاضر، وسجلت نجاحاتٍ مبهرةً، أكثر عمقاً ووعياً، وأبلغ أثراً وقدرةً.
بحزم الملك سلمان، انطلقت «عاصفة الحزم» لإنقاذ اليمن فكانت الإمارات هي الدولة الثانية في «التحالف العربي»، وكانت المواءمة بين الحرب ودعم الشرعية وبين الدعم الإنساني، فكانت السعودية والإمارات كتفاً بكتف، وكانت مواجهة إيران استراتيجيةً مهمةً فكانت الإمارات على الموعد، وكانت محاربة الإرهاب أولويةً بعد قمة الرياض ومقاطعة قطر فكانت الإمارات في المقدمة.
المشاريع الكبرى التي تتصارع في المنطقة ثلاثةٌ، المشروع الطائفي الإيراني، والمشروع الأصولي التركي/الإخواني، والمشروع العربي، السعودي الإماراتي المصري، وبشائر الظفر والنصر تتجه للمشروع العربي.
أخيراً، في 23 سبتمبر تحتفي الإمارات بيوم السعودية الوطني، وفي 2 ديسمبر تحتفي السعودية بالإمارات، في نموذج لما يمكن أن يصنعه التحالف من قوةٍ ونجاح.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة