المساعي الإماراتية ستقطع الطريق وتفوت الفرصة أمام أعداء الأمة الذين يحاولون استغلال أزمات الإقليم في تحقيق مآربهم الخبيثة.
ليس بالأمر الغريب أن نقرأ ونتابع في الأخبار أن تنجح شخصية بوزن الشيخ محمد بن زايد في رأب صدع استمر عقدين من الزمن بين دولتين جارتين، فوالده الشيخ زايد ين سلطان آل نهيان -رحمه الله- لم يأل يوما جهدا في بذل نصح أو جهد في التقريب بين كل من يجد الشيطان بينهما سبيلا.
زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى أديس أبابا التي أضفت زخما سياسيا واقتصاديا وإعلاميا لمنطقة القرن الأفريقي، أعقبتها زيارة مثمرة للرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى أبوظبي، والذي ما لبث أن ترجم ذلك اللقاء إلى خطوات عملية وجادة جدا، فأعلن استعداده لطي صفحة الخلافات البغيضة إلى الأبد مع الجارة إثيوبيا، ثم استقبل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي بادر بكسر جدار الجليد في العلاقات بين البلدين، الذي يتمتعان بالكثير من المشتركات الاجتماعية والثقافية التي تجمعهما، فضلا عن احتياج كل منهما للآخر في المجال الاقتصادي.
أفضل ما في هذه المساعي الإماراتية أنها ستقطع الطريق وتفوت الفرصة أمام أعداء الأمة الذين يحاولون استغلال أزمات الإقليم في تحقيق مآربهم الخبيثة
إريتريا التي تتمتع بأكثر من منفذ استراتيجي على البحر الأحمر، أبرزها مينائا عصب ومصوع، أعلنت استعدادها للتعاون المفتوح مع الجارة الإثيوبية لتستفيد من ميناء عصب القريب لها على البحر الأحمر، الذي كانت تديره في عهد مضى، ومن ثم تحقيق منفعة اقتصادية مشتركة ستعود فوائدها ليس فقط على البلدين بل على دول منطقة القرن والشرق الأفريقي، ولعل في ذلك حلا جذريا لدول القرن الأفريقي التي عانت اقتصاديا لعقود من الزمن، وحاول من في قلبه مرض إبقاءها في حالة ستاتيكو عدائية تنافرية لاستغلالها لمآرب شرانية على قاعدة فرق تسد.
خطوة كهذه لا بد أن لها من الفوائد العابرة للحدود والقارات، فإلى جانب الخيرات الاقتصادية المباشرة لإصلاح ذات البين لا بد من ربط انعكاسات ذلك على الوضع الأمني غير المستقر على الضفة الأخرى من البحر الأحمر في اليمن، وبينهما المعبر البحري المهم (مضيق باب المندب) الذي يعد شريان الحياة للعالم دونما مبالغة، والهدف أن يتعزز أمن هذه المنطقة الاستراتيجية مع انتعاش دول المنطقة واستقرارها اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا.
الغريب في الأمر فقط أن تتعالى بعض الأصوات الخبيثة والمسمومة التي لا تفتأ تقلل من شان المساعي الإماراتية الحميدة في إصلاح ما يمكن إصلاحه من علاقات متوترة أو اقتصاد متدهور أو سياسة متضررة هنا أو هناك، وتنال من كل من يتحدث عنها بخير أو يرى فيها كل الخير دونما تخوف، ودون قليل تفكير تجير كل تلك الجهود -بكل غباء- إلى ما تصفه ببحث الإمارات عن مصلحتها فقط، أو إلى "طموحات" هدفها نفوذ وسيطرة.
ولكن.. وبقليل من التركيز والتدقيق في مصادر ترويج تلك المزاعم الواهية تزول علامات التعجب والاستنكار، حيث ما هي إلا أبواق للإخوان المتأسلمين.. بكل بساطة ما لذي قدمه من سبق منذ زمن إلى تلك المنطقة، اللبيب بالإشارة يفهم، ولمن لم يفهم.. لم نر سوى الموت والخراب والدمار.. ولمن يصم أذنيه ويغمض عينيه لأنه مأمور ومجبور على تأجير عقله وغير مصرح له بممارسة طقس الفهم والتمييز، وأفضل ما في هذه المساعي الإماراتية ستقطع الطريق وتفوت الفرصة أمام أعداء الأمة الذين يحاولون استغلال أزمات الإقليم في تحقيق مآربهم الخبيثة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة