الإمارات وكوريا الجنوبية.. شراكة استراتيجية ترجمتها أزمة كورونا
مقال للشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، نقلا عن وكالة "يونهاب للأنباء" الكورية الجنوبية
قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، إن دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية أظهرتا خلال الوضع غير العادي الذي واجهه العالم هذا العام بسبب الآثار غير المسبوقة والمترتبة عن فيروس كورونا المستجد ترجمة حقيقية لمعاني الصداقة والتضامن.
جاء ذلك في مقال للشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نقلا عن وكالة "يونهاب للأنباء" الكورية الجنوبية تحت عنوان "نموذج لشراكة ثنائية أصبحت أقوى بعد تفشي فيروس كوفيد - 19 " بمناسبة زيارته لسيؤول المقررة غدا تزامنا مع الاحتفاء بمرور 40 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأضاف: "تعبر الإمارات عن تقديرها لشعب دولة كوريا الجنوبية إذ تحظى الدولتان بعلاقات ثنائية متميزة، لقد كانت كوريا الجنوبية من أوائل الدول التي واجهت فيروس كوفيد - 19 عند بداية تفشي الجائحة خلال الأشهر الماضية، وقد اكتسبت سيؤول خبرة كبيرة شاركتها معنا ومع المجتمع الدولي".
خبرات متبادلة
وأوضح أن "الخبرات الكورية الجنوبية شكلت جزءا مهما في مجال أفضل الممارسات التي نالت أهمية كبيرة في جهود مكافحة الجائحة ووقف انتشار الفيروس، إذ تحركت كوريا الجنوبية بشكل مبكر ومسؤول من أجل الحد من انتشار كوفيد - 19 وقدمت نموذجا يحتذى به على المستوى الدولي".
وعبر عن فخر دولة الإمارات بأنها استفادت من تجربة كوريا الجنوبية في تنفيذ الإجراءات الوطنية الهادفة إلى الحد من انتشار الفيروس مع استمرار عمل خدماتها اللوجستية الدولية الأساسية.
في حين قدمت الإمارات المساعدة بإجلاء المواطنين الكوريين وعائلاتهم من طهران أثناء ذروة تفشي الفيروس في المنطقة وأبقت الدولة على الروابط التجارية مع سيؤول قبل أن تضطر إلى إغلاق الحدود بشكل مؤقت.
كما أعرب عن تقدير دولة الإمارات لكوريا الجنوبية لإعطائها الأولوية في تصدير معدات اختبارات فيروس "كوفيد - 19" والمستلزمات الطبية إلى الدولة، حيث سعت كل من دولة الإمارات وكوريا الجنوبية إلى القيام بإرسال المساعدات الضرورية إلى العديد من الدول الأخرى وذلك في إطار التزام البلدين بمبادئ العمل الإنساني.
العلاقات الثنائية
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أشار أيضا إلى أن البلدين يقعان في مناطق استراتيجية وحيوية، ويدعم كلاهما تحقيق الاستقرار والرفاهية في الدول المحيطة، وبالتالي تسعى الدولتان إلى الحد من التطرف والأنشطة التوسعية - أينما كانت مصدرها - من خلال تعزيز العمل الجماعي المشترك في مناطقنا في إطار القانون الدولي، ونؤمن بأن التعاون والتضامن عاملان أساسيان لبلدينا بسبب التحديات التي واجهناها سويا وبشكل منفرد.
تابع: "لقد اعتمدنا نموذج العلاقات الثنائية بين بلدينا كمثال يحتذى به لعلاقاتنا مع الدول الأخرى، فقد كسرت الإمارات وكوريا الجنوبية حواجز السفر ووقعتا اتفاقية استثمار متبادل وتعهد الجانبان بتعزيز التعاون الثقافي وكذلك أشكال التبادل الأخرى".
كما كان هناك 14 رحلة جوية أسبوعية بين كوريا الجنوبية والإمارات قبل الأزمة الصحية العالمية الحالية، ونأمل أن ينمو هذا العدد في المستقبل بعد انحسار أزمة فيروس "كوفيد - 19" وتخفيف القيود المصاحبة له.
40 عاما من العلاقات
وأعرب الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عن فخره "بإطلاق الحوار الثقافي الإماراتي - الكوري 2020 في شهر يناير بمناسبة الاحتفال بمرور 40 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والاحتفاء بالثقافة الإماراتية والكورية في الدولتين.
وأكد على أن العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا الجنوبية شهدت نموا ملحوظا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما عام 1980.
وأوضح أنه على مر السنين، تطلعت دولة الإمارات للتعاون مع كوريا الجنوبية نظرا لخبرتها الكبيرة في مجالات التصنيع والتكنولوجيا، وتطلعت كوريا الجنوبية للتعاون مع الإمارات نظرا لخبرتها الكبيرة في مجال الخدمات اللوجستية والتجارة والسياحة في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين وصلت إلى مرحلة مهمة عندما وقعت الإمارات عقودا مع شركة الطاقة الكهربائية الكورية و"هيونداي" و"سامسونج سي آند تي" للمساعدة في بناء أول محطة للطاقة النووية في العالم العربي.
وستلبي محطة براكة للطاقة النووية 25 % من احتياجات الإمارات المحلية من الطاقة عندما تبدأ العمل بكل طاقتها، مما سيخفض من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمقدار 21 مليون طن سنويا.
كما أكد أن البلدين يتمتعان بشراكة قوية في قطاع الطاقة التقليدية من خلال توقيع اتفاقيات هامة في مجالات حقول النفط والغاز.
ولفت إلى أن الدولتين دعمتا في عام 2018 علاقاتهما المتميزة على جميع المستويات بعد أن وقعتا شراكة استراتيجية مميزة من شأنها تعزيز الفرص التي تؤسس أسواقا وقنوات اقتصادية جديدة خارج كوريا الجنوبية والإمارات.
شراكة استراتيجية
وأضاف: "واليوم تشمل الشراكة التجارية بين الإمارات وكوريا الجنوبية عددا كبيرا من القطاعات والأنشطة، بما في ذلك تجارة السلع، وتطوير التكنولوجيا، والبحث والتطوير في مجال الطاقة، والخدمات المالية، والخدمات اللوجستية، والصحة، والأمن الغذائي، والزراعة، وقطاعات أخرى".
وأوضح أن حجم التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين وصل إلى ما يقارب الـ 5 مليارات دولار أمريكي، وهناك أكثر من 50 شركة كورية مقرها في دولة الإمارات، والتي تضم أكثر من عشرة آلاف مواطن كوري جنوبي.
وحول مستقبل العلاقات، قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إنه على الرغم من كل هذه الإحصائيات المتميزة للبلدين، إلا أن الجانبين يعتبران ذلك مجرد بداية لعلاقة أعمق وأوسع نوفر من خلالها حلولا مشتركة لعدد أكبر من الأسواق.
وأضاف: "سيكون من المناسب أن يكون لكوريا الجنوبية مشاركة متميزة في إكسبو 2020 دبي الذي سيعقد في عام 2021 نظرا للظروف غير المسبوقة التي واجهها العالم بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، ونرحب بالتزام دولة كوريا الجنوبية بالمشاركة بشكل قوي في هذه الفعالية التاريخية والتي تتزامن مع الذكرى الخمسين للاتحاد".
أول زيارة
وأشار إلى أنه سيكون أول وزير خارجية يزور سيؤول منذ تفشي جائحة كوفيد - 19، ما يعد بمثابة شهادة على التقدير والاحترام المتبادل بين قيادة الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية لبعضهما البعض ورؤيتنا المتفائلة لعالم ما بعد " كوفيد - 19 " وكذلك مستقبل مشرق سنتعاون في تشكيله سويا.
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز