لدولة الإمارات إرث حضاري وإنساني منذ انطلاقة مشروع تأسيس الاتحاد الإماراتي في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971م.
وقد شكّل هذا الاتحاد، الذي أرسى جذوره المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، قفزة نوعية وحضارية تميزت بوحدة الهدف والمصير.
وتمكنت القيادة الإماراتية من خلق كوادر فاعلة ومنتجة وقادرة على التطوير والتقدم والعمل بغية إنجاز الخطط الاقتصادية التنموية.
في المقام الأول، عملت على تطوير موجبات المخططات التنموية الموضوعة، وصولاً إلى نجاحات ذات آفاق استراتيجية، ذلك ما جعل دولة الإمارات تحظى بأهمية بالغة على كل المستويات عربياً وإقليمياً ودولياً، وغدت التوجهات القيادية محل تقدير واهتمام العاملين في كل الهيئات الرسمية والخاصة، ما أدى إلى جعل التماسك الاجتماعي والتلاحم المصيري يسمو بالبلاد إلى مراقي الخير والرفاه.
وضم سجلُّ إنجازات دولة الإمارات مشاريع ضخمة حققتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا وحقوق الإنسان، تُضاف إلى إنجاز كبير تحقق قبل أشهر قليلة بعضوية الإمارات في مجلس الأمن الدولي.
هذا التناغم في احتلال المكانة العليا في العالم يدل على المرتبة الدولية السامية والراقية، التي تحظى بها الإمارات، فلا ننسى فوزها بعضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي للفترة بين عام 2022م و2024م، بتصويت 180 دولة لصالحها من إجمالي 193 عضواً، ويعد فوز دولة الإمارات بهذه العضوية تتويجا لمسيرة حافلة زيّنتها إنجازات متعددة في الداخل والخارج قوامها الإنسان أولا، وتلك مهمة جديدة في مسيرة الخمسين عاماً المقبلة.
وإذا ما حاولنا الإمعان أكثر والاستدامة وإبراز التحولات الحضارية، نجد أنها بلغت شأنا خلاقا على مختلف الأصعدة الاقتصادية والصحية والاجتماعية، وتحققت تلك المكانة عبر وضع أسس وآليات إنتاجية ناجحة، وبلا أدنى شك كانت الاستجابة التنموية الناهضة واضحة، باعتبار أداء العمل ظل على الدوام مُجدياً وبناءً، بما في ذلك الخبرات والإبداعات الشبابية المزوّدة بآلية علمية وبتقنيات واسعة، تندرج ضمن السياق المعرفي الآني والمستقبلي، فكانت تلك التطورات بمجملها مُحققةً للتقدم الشامل، ما يؤهل دولة الإمارات أساساً لأن تكون الموئل والمبتغى بعطاءاتها الثرّة الواسعة محلياً وعربياً وعالمياً.
وتغدو تلك الآليات التنموية والإنتاجية بمثابة قوانين تنتظم بتراتبية عامليها وبانيها، وهذا يعني أن ما تنتجه مؤسسات الدولة وما تخرج به من أعمال ذات قيمة مطلقة لا التباس فيها، وفي كل ما يخصها، كان منطلقاً ثابتاً وعلمياً يتعلق بإفرازات ما قد أسسته وأنشأته وعملت على إبرازه للعيان القيادة الرشيدة من مكتسبات وعلوم إنسانية، وهكذا فإن صِيَغاً ثابتة لا مراء فيها تحققت ضمن إدراك المؤسسات الاقتصادية الناهضة بالمجتمع الإماراتي.
وعززت دولة الإمارات قيم التعايش السلمي والاحترام ونشر مفاهيم التسامح وتقبّل الثقافات المختلفة واستيعابها، وحملت سمات ومزايا خاصة في ظل التعايش السلمي بين أكثر من مائتي جنسية ينتمون إلى ثقافات مختلفة على أرضها.
وبلغ حجم المساعدات الإماراتية الخارجية 320 مليار درهم، وذلك منذ تأسيس اتحاد الإمارات، من بينها نحو 206 مليارات و34 مليون درهم، 56.14 مليار دولار أمريكي، خلال الفترة من 2010م حتى 2021م.
وطوال هذه السنوات نجحت الإمارات في أن تصنع الفارق في مجال العمل الإنساني، الأمر الذي ترجم على أرض الواقع، لأن تتبوأ لسنوات عديدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي.
في حين تهدف المبادرات الجديدة للمرحلة المقبلة في الإمارات، تحديداً الخاصة بالاقتصاد الرقمي، إلى استقطاب استثمارات نوعية وتمويلات جريئة في فرص اقتصادية جديدة قائمة على تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والتقنيات الصاعدة والناشئة التي تصوغ مجتمعات المستقبل الذكية، وبالتأكيد سيكون للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي الدور المحوري والفعال لدعم جهود الدولة في التحول إلى الاقتصاد المعرفي الذي يركز على قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، وتشكل قمة Pycon منصة عالمية تجمع بين هذه الأطراف كافة على أرض الإمارات.
هدف الإمارات سيظل خدمة المصالح الوطنية العليا للدولة، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية، وكما أن هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد، فهدف الاقتصاد هو بالمقام الأول توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد، لذلك فالقيادة الإماراتية تركّز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، وستكون التنمية الاقتصادية للدولة هي المصلحة الوطنية الأعلى، وجميع مؤسسات الدولة بتخصصاتها كافة وعبر مستوياتها الاتحادية والمحلية ستكون مسؤوليتها بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً المنصرمة.
رؤية القيادة الإماراتية واضحة.. ألا مكان للتواكل والتخاذل والتراجع، وستبقى الأولوية الرئيسية الكبرى لديها تقوية الاتحاد وتوطيد أركانه، مؤسسات وتشريعات وصلاحيات وميزانيات، وتطوير مناطق الدولة كافة، عمرانياً وتنموياً واقتصادياً، وتلك الاستراتيجية هي الأسرع والأكثر فعالية في ترسيخ اتحاد دولة الإمارات إلى ما فيه النماء والسعادة للبشرية جمعاء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة