المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات لديهما كثير من الأسهم الدولية في صناعة التوجهات الاستراتيجية لمنطقتي الخليج والشرق الأوسط.
والتعاون بين الدولتين يرتقي إلى مستوى الشراكة والتكامل في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وهذا التعاون المميز هدفه مواجهة التحديات وتحقيق المصالح المشتركة والإسهام في دعم أمن واستقرار المنطقة.
والحقيقة، أنه يمكن رؤية مستوى العمق في العلاقة بين البلدين من خلال إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي قبل سنوات، ما أدى إلى صياغة رؤية استراتيجية مشتركة بين السعودية والإمارات.
ومن المهم العودة إلى تاريخ هذه العلاقة، والذي يمتد إلى فترات طويلة بدأت وتطورت مع قيام اتحاد دولة الإمارات تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والذي أسس قواعد الدولة الحديثة في الإمارات وأسهم في بناء علاقاتها المتينة مع دول الخليج العربي بالدرجة الأولى.
الدولتان، السعودية والإمارات، لهما دور بارز في صياغة الاستراتيجية النفطية في العالم وحفظ مستويات أسعار النفط على المستوى الدولي، وحديثا استطاعت هذه العلاقة بينهما في أن تترجم إلى واقع أكثر وضوحا من خلال استراتيجية العزم، التي وقَّعتها الدولتان، والتي اشتملت على ستين مشروعا تهدف إلى تأكيد نموذج مميز من العلاقة بين بلدين من خلال التعاون والتكامل المؤديين إلى تنفيذ مشروعات استراتيجية مشتركة، هدفها تأكيد أن علاقتهما نموذج راسخ وقادر على مواجهة التحديات الكبرى في المنطقة.
السعودية والإمارات لديهما من التفوق الشيء الكثير، فالعلاقة التجارية والاقتصادية بينهما هي الأكبر في المنطقة الخليجية، وهذه الشراكة يترجمها حجم التبادل التجاري الضخم بين الدولتين، ففي النصف الأول من عام 2021م بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي ما يقارب سبعة عشر مليار دولار، هذا بالإضافة إلى تعاون راسخ في مجالات حيوية وتكنولوجية أخرى.
أما على الجانب الاجتماعي، فالعلاقة بين الدولتين تتخذ مسارات أكثر عمقا، فالمجتمعان السعودي والإماراتي لديهما كثير من المشتركات، التي جعلتهما في تقارب حقيقي أسهم في توسع مستوى العلاقات والصداقات بين مواطني الدولتين.
هذه المعطيات ما هي إلا جزء بسيط من علاقة تاريخية متينة ربطت قيادتَي البلدين على مر الزمن.
ولعل زيارة سمو ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى دولة الإمارات مؤخرا تعبير مميز على أن السعودية والإمارات نموذج استراتيجي تدعمه المشتركات الكبرى والتحالفات الاستراتيجية بين البلدين، والتي أسهمت في تطور هذه العلاقة، فالدولتان تنظران إلى بعضهما في إطار التكامل الخليجي.
وقد حملت زيارة ولي العهد السعودي للإمارات كثيرا من الدلالات الإيجابية، وأجابت عن كثير من الأسئلة حول العلاقات العميقة بينهما، والتي بقيت راسخة في إطار تكاملي بين دولتين لهما دور بارز في دعم الأمن والاستقرار ونشر السلام في المنطقة.
التاريخ يعلمنا أن عمق التكامل بين السعودية والإمارات تَشكَّل بطريقة قابلة للتقدم بشكل مستمر، وهذا ما تعكسه الزيارات الرسمية بين البلدين وتطوراتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة