تأتي الزيارات الإماراتية إلى تركيا وإيران في سياق سياسات تستلهم مبادئ الخمسين، وتنفتح على زوايا الصراع لتقريب الرؤى بين الأطراف.
لقد أعلنت الإمارات تواصلها المباشر مع صانعي القرار في البلدين، تركيا وإيران، لتبدأ بذلك حوارَ كبار، يقوم على تفهُّم مواقف كل دولة، وصولاً إلى اعتماد السبل الأنجع لحل المشكلات العالقة.
وها هو حوار الكبار يحط رحاله هذه المرة في طهران، بعد المحطات الكثيرة التي شهدت على دبلوماسية إماراتية فريدة واستثنائية، إقليمياً وعالمياً، لتخاطب عقول الإيرانيين بما فيه مصلحة بلدهم، بلغة إماراتية لا تقبل المواربة والدوران، بل تصل مباشرة إلى غايتها في تحقيق السلم والأمن والازدهار للمنطقة بأسرها، استناداً إلى رؤية خمسينية طموحة، تحقق الخير للمنطقة والعالم، وتتلاءم مع مكانة دولة الإمارات الاستراتيجية في قلب خطوط التجارة ومعاملات الاقتصاد وخطط التنمية والصحة والحفاظ على البيئة والتحول إلى الطاقة المتجددة النظيفة.
الإمارات تدرك اللحظة الراهنة وتفهمها جيداً، فتبادر إلى الفعل لا حساب رد الفعل المتسرع، بل بوعي القادم من الأيام، إلى خمسين عاما قادمة، تعيد بناء التكتلات الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية، وتصل ما انقطع من علاقات الدول، فهي تبني جسور التواصل والتلاقي، بمعرفة يقينية بما لدى الشعوب من عاطفة الأخوة الإنسانية، التي أزهرت في الإمارات ومنها، بوثيقة أممية وشراكة دينية لتصبح يوماً عالمياً تحتفل به الأمم المتحدة كل عام.
إذاً، هما مفردتان إماراتيتان بامتياز: أخوة إنسانية ورؤية مستقبلية، وبهما تخاطب دولة الإمارات هذا الإقليم المضطرب، الذي دفع الثمن الباهظ من خيراته ومقدّرات شعوبه وأرواح أبنائه، بل ويمكن أن يستمر في دفعه مستقبلا ما لم يتم فعلاً الالتزام باتفاقات الكبار في حوارهم البنّاء، الذي تقوده الإمارات على كل الصُّعُد، فما من سبيل إلى ضمان أمن الملاحة في الخليج، أو فك عقدة رفض الحوثيين للحل السياسي واستهدافهم المدنيين في اليمن ومحيطه، أو سيطرة "حزب الله" الإرهابي على الدولة اللبنانية، أو وجود المليشيات الإيرانية في سوريا، إلا من خلال التواصل المباشر مع إيران.
ولا يمكن حل مشكلات الشمال العراقي والسوري ووجود مليشيات "جبهة النصرة" وأخواتها، أو إخراج المرتزقة من ليبيا، أو تآمر الإخوان ضد الأنظمة السيادية الوطنية في بلدانهم، إلا بالحوار المباشر مع تركيا.
هي منهجية دقيقة تسير عليها دولة الإمارات، يقود دفتها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدبلوماسية مرنة ترسّخ مبادئ الأخوة الإنسانية في العلاقات الإقليمية والدولية، وتتطلع إلى التفاهمات المشتركة لما فيه خير ومصلحة الجميع، وبها وحدها، نحقق استقراراً وازدهاراً لمنطقتنا الغنية بالخيرات والموارد الطبيعية والبشرية، فمستقبل أجيالنا القادمة يستحق منا كل اهتمام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة