أحد أهم سمات هذا النموذج الإماراتي الرائد في إدارة الأزمة هو التخطيط المسبق المبني على أسس علمية، والتعامل المرن مع تطورات الأزمة
في خطوة تحمل الكثير من التفاؤل والدلالات الإيجابية بشأن تجاوز الإمارات أزمة وباء كورونا المستجد واستعادة الحياة الطبيعية، أقرت الجهات المختصة في إمارتي أبوظبي ودبي الأسبوع الماضي خططاً لإعادة فتح الأسواق والمراكز التجارية، كما قررت أبوظبي استئناف خدمات حافلات النقل العام، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لضمان استمرار وفاعلية الجهود الوطنية الناجحة لاحتواء الوباء ومنع انتشاره.
إحدى أهم سمات هذا النموذج الإماراتي الرائد في إدارة الأزمة هو التخطيط المسبق المبني على أسس علمية، والتعامل المرن مع تطورات الأزمة على أرض الواقع
مبعث التفاؤل هو أن هذه القرارات تشير بوضوح إلى أن الإمارات بدأت تتخطى هذه الأزمة، وبدأت مسيرة العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل تدريجي، وهذا يعني أنها نجحت بصورة كبيرة في محاصرة هذا الوباء تمهيداً للقضاء عليه بصورة نهائية. وهذا النجاح هو بلا شك ثمرة الإدارة الحكيمة لهذه الأزمة منذ بدايتها من قبل القيادة الإماراتية الرشيدة، حفظها الله، والتي أصبحت تدرس بوصفها أحد النماذج الرائدة إقليمياً وعالمياً في إدارة أزمة الوباء.
إحدى أهم سمات هذا النموذج الإماراتي الرائد في إدارة الأزمة هو التخطيط المسبق المبني على أسس علمية، والتعامل المرن مع تطورات الأزمة على أرض الواقع، فمنذ البداية راقبت الإمارات تطورات الفيروس عقب ظهوره في الصين في أواخر العام الماضي، ثم بدء انتشاره خارج حدود الصين، ومع كل مرحلة من مراحل تطور انتشار الوباء كانت الإمارات تتخذ الإجراءات المناسبة التي تكفل لها بالأساس حماية مواطنيها والمقيمين على أرضها ومنع انتشار الوباء داخل أراضيها، فبدأت بتقييد حركة الطيران والسفر من وإلى الأماكن الموبوءة، قبل أن تعلقها بصورة شبه كلية مع انتشار الوباء في أغلب دول العالم، ثم بدأت في محاصرة الفيروس داخلياً من خلال تطبيق آليات العمل عن بعد والتعليم عن بعد وإغلاق الأسواق والمراكز التجارية وخدمات النقل العام وغيرها من الإجراءات التي تضمن تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي الذي يحول دون انتشار الوباء، وكثفت من جهود الفحص الطبي لاكتشاف المصابين وعزلهم وعلاجهم، حتى تقدمت دول العالم في عدد الفحوص نسبة إلى حجم السكان، كما أنجزت أكبر مختبر لتشخيص "كورونا" في العالم خارج الصين خلال 14 يوماً فقط، وغير ذلك الكثير من الخطوات التي ضمنت لها السيطرة على الفيروس ومنع انتشاره على نطاق واسع في البلاد.
والآن تبدأ الدولة خطوات استعادة الحياة الطبيعية، من خلال خطوات تدريجية بدأتها بقرار فتح الأسواق التجارية وفق اشتراطات واضحة ومحددة تضمن استمرار جهودها الناجحة في محاصرة الوباء، وفي الوقت نفسه تنشيط بعض القطاعات الاقتصادية الرئيسية بما يقلل من وطأة التأثيرات الاقتصادية السلبية التي قد يخلفها. ومثلما حدث في عملية التدرج في إغلاق الأنشطة الاقتصادية والمؤسسات والأسواق، فإن هذا التوجه الانفتاحي سيمضي أيضاً بشكل تدريجي، وإن كنت أتوقع أن يتم بخطى أسرع حتى تتم عودة الحياة لطبيعتها بالكامل في القريب العاجل.
وما يثير الإعجاب ويؤكد أن الدولة تتحرك وفق خطط مبنية على أسس علمية، هو أنها بدأت من الآن تستعد لمرحلة ما بعد وباء كورونا بخطط استباقية للتعامل مع التغيرات المتوقع أن تشهدها هذه المرحلة، ورهانها كما هو العادة على قدراتها البشرية؛ حيث أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، الأسبوع الماضي عن مجموعة من الخطط والإجراءات استعدادا لعالم ما بعد كورونا، من بينها "تشكيل فريق لتطوير الموارد البشرية الحكومية وتوفير تطبيقات جديدة لرفع إنتاجيتهم ومهاراتهم، والإعداد لمنظومة تقنية جديدة للعمل الحكومي لما بعد الأزمة"، مؤكدا سموه أن "واقع العمل سيتغير، وطريقة العمل لا بد أن تتغير، وعالم ما بعد كورونا يحتاج إلى استعدادات مختلفة لأنه سيكون مختلفاً". كما أعلن سموه عن تشكيل فريق عمل آخر "لتنمية قطاع الزراعة الحديثة بالدولة"، برئاسة وزيرة الدولة للأمن الغذائي، بهدف استخدام التكنولوجيا لرفع الإنتاجية الغذائية للقطاع الزراعي وتعزيز استراتيجية الأمن الغذائي في الدولة.
هذه الرؤية المستقبلية هي ما تميز الإمارات وقيادتها دائماً، وهي التي تجعلنا متفائلين بأن المستقبل سيكون أفضل رغم كل السيناريوهات السوداوية التي يرسمها الخبراء من حولنا لعالم ما بعد كورونا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة