مبادرات ملهمة وجهود رائدة.. كيف تكافح دولة الإمارات التغير المناخي؟
جهود إماراتية رائدة في مكافحة تغير المناخ تعد نموذجا ملهما لمختلف دول العالم، في مواجهة التحدي الأبرز الذي يواجه البشرية حاليا.
جهود تأتي ضمن منظومة متكاملة من الاستراتيجيات، والتشريعات، والمبادرات والبرامج والمشاريع لحماية البيئة على الصعيدين المحلي والدولي، وتعزيز العمل المناخي وتحفيز وقيادة عمل جماعي شامل وفعال من أجل المناخ عالميا.
وترسم تلك الجهود وأهدافها وخططها، استراتيجية إماراتية شاملة لمكافحة التغير المناخي، تستند إلى محاور اقتصادية وبيئية وعلمية وسياسية، تتكامل جميعها لتشكل نموذجا ملهما لمختلف دول العالم.
- خطاب محمد بن زايد لمنتدى الاقتصادات الرئيسية.. خارطة طريق لمواجهة أكبر تحدٍّ عالمي
- قرقاش: كلمة محمد بن زايد بمنتدى الاقتصادات الرئيسية تمثل تشخيصاً عميقاً لتحديات المناخ
وتوجت الإمارات جهودها على الصعيد المحلي بالإعلان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن المبادرة الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، وذلك في خطوة نوعية جعلت الإمارات أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطلق مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي.
وتعززت تلك الجهود دوليا باختيار العالم دولة الإمارات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
خارطة طريق
ضمن أحدث تلك الجهود جاءت مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في "منتدى الاقتصادات الرئيسية الخاص بالطاقة وتغير المناخ"، الجمعة، الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن والذي شهد مشاركة قادة ورؤساء حكومات في 17 دولة من الاقتصادات الكبرى التي تشكّل 80 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي ومن عدد سكان العالم.
ووضع خطاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المنتدى خارطة طريق للعالم لمواجهة التغيرات المناخية، تستند على محاور عدة أهمها ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي من خلال التعاون والعمل المشترك لمواجهة هذا التحدي.
دعوة تبعها بتحذير بأن "تداعيات التغير المناخي تنعكس على جميع الدول والمجتمعات وهذه التداعيات في تزايد مستمر، وسيكون لها تكلفة كبيرة على الاقتصاد العالمي وحياة الإنسان والتنوع البيئي."
وبيّن رئيس دولة الإمارات "أن العالم يمر اليوم بمرحلةٍ حاسمةٍ في مجال العمل المناخي تفرض علينا تسريع الجهود والعمل المشترك".
الطاقة النظيفة
وبالتزامن مع المنتدى تم إصدار رخصة تشغيل الوحدة الثالثة لمحطة براكة للطاقة النووية السلمية.
وتساهم محطة براكة للطاقة النووية السلمية في ريادة الإمارات عالميا على صعيد دعم منظومة الاقتصاد الأخضر، وجهودها في قطاع الطاقة النظيفة .
ومن شأن هذا المشروع أن يسهم بدور أساسي في تنويع مصادر الطاقة بتوفيره عند تشغيل محطاته الأربع 5.6 جيجاواط من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية لأكثر من 60 عاما مقبلة، أي ما يعادل ربع احتياجات دولة الإمارات.
وتواصل دولة الإمارات جهودها الريادية في مواكبة التوجهات العالمية لمواجهة تحدي تغير المناخ، من خلال مبادرات عديدة في قطاع الطاقة.
وبدأت الإمارات بالتوجه نحو قطاع الطاقة النظيفة قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، وتحتضن حالياً ثلاثاً من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها تكلفة.
وتعد الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تشغل محطة طاقة نووية عديمة الانبعاثات الكربونية، وأول دولة في المنطقة تقوم ببناء منشأة صناعية لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
كما تعمل الإمارات على تعزيز الاستثمارات في مصادر الطاقة المبتكرة مثل الهيدروجين النظيف، حيث أطلقت أول مشروع صناعي للهيدروجين الأخضر في المنطقة بشهر مايو 2021، كما عملت على زيادة إنتاج الهيدروجين الأزرق بهدف تنويع مزيج الطاقة، واعتمدت كذلك حلول التقاط الكربون المستندة إلى الطبيعة، إذ تعتزم الدولة زراعة 100 مليون شجرة مانغروف بحلول عام 2030.
الحياد المناخي
تسهم تلك المشاريع وعلى رأسها محطات براكة في تحقيق الإمارات لهدف الحياد المناخي بحلول 2050.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر الماضي مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
ويشكل إعلان دولة الإمارات عن هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 تتويجاً لجهود الدولة ومسيرتها في العمل من أجل المناخ على المستويين المحلي والعالمي خلال العقود الثلاثة الماضية منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 1995، حيث تبنّت دولة الإمارات منذ ذلك الوقت مجموعة كبيرة من التشريعات وطبقت العديد من الإجراءات الهادفة إلى خفض الانبعاثات وتقديم الحلول المستدامة، بما يتماشى مع أفضل الممارسات في جميع القطاعات الحيوية، بما فيها الطاقة والصناعة والزراعة.
ثقة عالمية
على إثر تلك الجهود، نالت الإمارات ثقة العالم وفازت في نوفمبر الماضي باستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
تفويض دولي للإمارات لتنفيذ مهمة جديدة لإنقاذ الكوكب من التغير المناخي، الذي يعد أخطر ما يهدد البشرية.
تفويض يستند إلى ما تمتلكه الإمارات من خبرة عملية كبيرة في مبادرات الحد من تداعيات تغير المناخ ومشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث بدأت خطة الإمارات نحو "كوكب نظيف" منذ 3 عقود وتستمر في تنفيذ خطتها الطموحة لإنقاذ العالم من تداعيات التغير المناخي.
وسيشهد مؤتمر "كوب 28" أول تقييم عالمي لمدى تقدم الدول في تنفيذ مساهماتها المحددة بموجب اتفاق باريس، كما أنه سيتيح للإمارات إطلاق نهجٍ استباقي شامل يراعي احتياجات وظروف مختلف الدول، المتقدمة والنامية، مع توحيد جهود المجتمع الدولي.
مسيرة رائدة
تمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قبل 50 عاما.
وانطلقت تلك الجهود بعد 6 أشهر فقط من تأسيس دولة الإمارات من خلال مشاركة وفد رفيع المستوى في المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، ثم صدور أول قانون وطني في المنطقة يستهدف حماية البيئة في العام 1975.
وتتواصل تلك الجهود الرائدة في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، حيث تعد الإمارات الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تدعم وتوقع طواعية على اتفاق باريس للمناخ.
ومنذ توقيعها الاتفاق، سجلت دولة الإمارات على مدار الأعوام المنقضية إنجازات عدة في خفض مسببات التغير المناخي وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته بموجب توجيهات القيادة الرشيدة ونظرتها المستقبلية المتقدمة.
ونظراً لأهمية موضوع التغير المناخي محلياً وعالمياً، أدرجت دولة الإمارات التصدي لهذه الظاهرة كأحد أهدافها الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة.
كما اعتمدت دولة الإمارات باقة واسعة من التشريعات والاستراتيجيات الداعمة للعمل من أجل البيئة والمناخ، ومنها التحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر.
وفي عام 2016، قامت دولة الإمارات بتوسيع دور وزارة البيئة والمياه لتدير جميع الجوانب المتعلقة بشؤون التغير المناخي الدولية والمحلية، وأعادت تسمية الوزارة لتصبح وزارة التغير المناخي والبيئة، وتعمل هذه الوزارة على قدم وساق لتعزيز جهود دولة الإمارات في معالجة مشكلة التغير المناخي، وحماية النظم البيئية الفريدة.
جهود دولية بارزة
على صعيد جهودها الدولية لمواجهة تغير المناخ، استثمرت دولة الإمارات في 40 دولة حول العالم في مشاريع طاقة نظيفة بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 50 مليار دولار أمريكي، كما تخطط لاستثمار أكثر من 50 مليار دولار خلال العقد المقبل.
وكشفت دولة الإمارات في عام 2021 عن مجموعة من المبادرات العمليّة لمواجهة تحدي التغير المناخي على المستوى العالمي ومنها الإعلان عن خارطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين التي حددت ثلاثة أهداف أساسية، تتمثل في فتح مصادر جديدة لخلق القيمة من خلال تصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته ومنتجاته إلى مناطق الاستيراد الرئيسة، وتعزيز فرص مشتقات الهيدروجين الجديدة بواسطة الفولاذ منخفض الكربون والكيروسين المستدام، بالإضافة إلى الصناعات الأخرى ذات الأولوية والتي تساهم في تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وأطلقت دولة الإمارات في نوفمبر الماضي مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ"، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة 30 دولة.
وتهدف المبادرة التي تصل قيمة التزاماتها الأولية إلى 4 مليارات دولار، إلى تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وقد تعهدت دولة الإمارات باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة.
وتستمر دولة الإمارات في حشد الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استضافتها لكبرى الفعاليات والأحداث التي شكلت منصة جامعة لكبار المسؤولين وصناع القرار والخبراء من حول العالم.
وإضافة إلى مؤتمر "كوب 28"، تستضيف دولة الإمارات بشكل سنوي فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، ومنتدى المناخ في القمة العالمية للحكومات، والقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، والمعرض السنوي لتكنولوجيا المياه والبيئة والطاقة "ويتيكس"، إضافة لاستضافتها للمقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".
aXA6IDUyLjE0LjI3LjEyMiA= جزيرة ام اند امز