خارطة إماراتية تنموية لمواجهة أحد أخطر تحديات العالم
خارطة طريق إماراتية تنموية إنسانية شاملة لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية التي تعد أحد أخطر التحديات التي يواجهها عالم اليوم.
خارطة رسمها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال مشاركته في أعمال "المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة " الذي اختتمت فعالياته اليوم الأحد في العاصمة الإيطالية روما، وتم خلاله إطلاق مبادرة بين أوروبا ودول حوض المتوسط بشأن الهجرة غير الشرعية تندرج ضمن ما يعرف باسم "مسار روما" ، في أحدث حلقات الدعم الإماراتي المتواصل للمجتمع الدولي في مواجهة تلك الظاهرة.
والهجرة غير الشرعية هي الهجرة التي تتم بصورة غير نظامية أو غير قانونية لأسباب سياسية أو اقتصادية أو مناخية، وتؤدي تلك الظاهرة إلى خسارة آلاف الأرواح البشرية سنوياً.
مسارات متوازية
وتكثف الإمارات جهودها لمساعدة اللاجئين والنازحين حول العالم ومكافحة الهجرة غير الشرعية عبر مسارات متوازية، وأخذت الإمارات على عاتقها مواجهة تلك الظاهرة، عبر معالجة أسبابها الجذرية، وتداعياتها الحالية، وقدمت رؤية شاملة متكاملة في هذا الصدد.
فعلى الصعيد السياسي تبذل الإمارات جهودا رائدة لدعم الأمن والسلم الدوليين والوساطة للتخفيف من حدة النزاعات الدولية، وتقديم مساعدات إنسانية للمهاجرين في بلدان اللجوء، ودعم الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير النظامية.
وضمن أحدث حلقات الدعم، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمة له بمناسبة انعقاد "مؤتمر التنمية والهجرة" مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير النظامية ويتضمن ذلك دعم المبادرات المطروحة في "مسار روما".
وعلى الصعيد الاقتصادي، تبذل الإمارات جهودا رائدة في الحد من الفقر على النطاق العالمي، ومساعدة الدول والمجتمعات المحتاجة، والعمل على المساعدة في إحلال الاستقرار والتنمية الاقتصادية في دول المنشأ والهجرة، حتى تضاعفت المساعدات الخارجية الإماراتية على مدار الـ 50 عاما الماضية لأكثر من 187 ضعفاً بقيمة إجمالية تجاوزت 322 مليار درهم إماراتي.
وعلى الصعيد المناخي، تواصل دولة الإمارات حشد الجهود الدولية لتحقيق أهداف قمة "كوب 28" المعنية بمكافحة تغير المناخ، الذي يعد التحدي الأكبر الذي يواجه البشرية.
وتستضيف دولة الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين COP28، في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.
أما على صعيد تعزيز التعاون الدولي لمواجهة تلك الظاهرة، تجسد مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في أعمال مؤتمر روما، وإعلانه مساهمة بلاده بمبلغ 100 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير النظامية، نموذجا على التعاون الدولي كما ينبغي أن يكون لمواجهة تلك الظاهرة.
رسائل ودلائل
مشاركة دولة بحجم وثقل الإمارات، وقيادة بحجم ومكانة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أعمال "المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة " في العاصمة الإيطالية روما، تحمل رسائل ودلالات هامة على دعم المؤتمر وأهدافه التي يأتي على رأسها معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية.
وافتتحت المؤتمر جورجا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا بحضور رؤساء دول وحكومات ومسؤولين معنيين وخبراء إلى جانب ممثلي العديد من المنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المعنية بقضايا الهجرة وتحدياتها والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وناقش المؤتمر تحديات الهجرة غير النظامية والحاجة الملحة إلى إيجاد حلول متكاملة تعالج أسبابها من جذورها، إلى جانب البحث عن السبل الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعوامل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والأمن والاستقرار في بلدان الهجرة..إضافة إلى تكثيف العمل الجماعي الدولي والتعاون البناء للإسهام في حماية أرواح المهاجرين وصون كرامتهم وحقهم في الحياة الكريمة حيث تتسبب هذه الهجرات في فقدان آلاف الأرواح البشرية سنوياً.
رؤية شاملة
وآثر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال مشاركته في المؤتمر تقديم رؤية شاملة، لمعالجة تلك الظاهرة، تحت مظلة مبادئ وقيم الإمارات، التي تؤمن بأهمية تعزيز التعاون الدولي لمواجهة تلك الظاهرة.
وقال في هذا الصدد إن المؤتمر يعقد في مرحلة هامة يمر بها العالم تتطلب مزيداً من التكاتف والتضامن بين دوله، ونحن في دولة الإمارات نؤمن إيماناً راسخاً بأن العمل الجماعي الدولي وبناء جسور التعاون بين مختلف دول العالم السبيل لمواجهة التحديات العالمية المشتركة.. والارتقاء بالإنسان وضمان مستقبل مزدهر للأجيال المقبلة.
وأكد رئيس دولة الإمارات أن ظاهرة الهجرة غير النظامية والتي تؤدي إلى خسارة آلاف الأرواح البشرية سنوياً تعد أحد أخطر التحديات التي يواجهها عالم اليوم، مشددا على أن هذه الظاهرة تحتاج إلى معالجة شاملة تقوم على التنمية والاستقرار بشكل رئيسي لأن التنمية تجلب الاستقرار والسلام، سواء داخل المجتمعات أو على المستوى الدولي.
وأضاف أن التعامل مع حالات النزوح، من لجوءٍ أو هجرة، يتطلب تعزيز الجهود المشتركة لمعالجة المسببات الرئيسية عبر جهود تنموية شاملة وتعاون وثيق بين جميع الدول المتأثرة والتي تشمل دول المصدر والعبور والدول المستضيفة للاجئين والمهاجرين، إضافة إلى دعم الأجهزة والمبادرات الأممية والإقليمية للبناء على ما تم تحقيقه سابقاً في مواجهة هذه التحديات.
التغير المناخي
أيضا أبرز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته بأن التغير المناخي يعد أحد أبرز أسباب الهجرة غير النظامية لأنه يسبب الجفاف ويدمر المحاصيل الزراعية ويزيد الفقر في الكثير من الدول.
وفي هذا السياق أعرب رئيس دولة الإمارات عن تطلعه للقاء رؤساء الدول ووفودها المشاركة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية الثامن والعشرين (cop28) الذي تستضيفه دولة الإمارات نهاية العام الجاري.
وأضاف: “إننا نسعى من خلال المؤتمر إلى تسريع الجهود الدولية لمعالجة آثار تغير المناخ ودعم تنفيذ مخرجات المؤتمرات السابقة”.
وأكد في هذا السياق أن دولة الإمارات تؤمن بأهمية دور الدبلوماسية والحوار كأدوات لبناء الثقة.. وستظل داعمة للسلام والاستقرار العالمي داعية إلى التعاون من أجل خير البشرية.
100 مليون.. عطاء يتواصل
ولم يكتف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمشاركته في المؤتمر وتقديم رؤية شاملة لمعالجة تلك الظاهرة على أهميتها، بل أعلن- كما هي عادة الإمارات الخير والعطاء - مساهمة بلاده بمبلغ 100 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير النظامية ويتضمن ذلك دعم المبادرات المطروحة في "مسار روما".
وقال إن المؤتمر يؤكد رغبة دولنا في تعزيز التعاون والتكامل والعمل المشترك بشأن قضية دولية على درجة كبيرة من الأهمية والحساسية وهي قضية الهجرة غير النظامية بما يخدم تطلعات الشعوب نحو الاستقرار والتنمية والازدهار.
دعم كبير يحمل رسائل هامة من أبرزها:
- احترام الإمارات لحقوق الإنسان للاجئين والمهاجرين.
- دعم البلدان المتأثرة بالهجرة غير النظامية للحد من تداعياتها السلبية على تلك الدول.
- تقديم مساعدات تنموية يمكن من خلالها توفير فرص عمل للمهاجرين واللاجئين.
- الحرص على إقامة مشاريع تنموية تفي بمتطلبات اللاجئين الصحية والتعليمية والمعيشية والخدمية.
- تجسيد مبدأ المسؤولية الدولية المشتركة في حماية اللاجئين والبلدان التي تأويهم.
- الحرص على دعم الاستقرار والسلم الدوليين من خلال تلافي التداعيات الأمنية والإنسانية السلبية لتلك الظاهرة من قبيل الاتجار بالبشر واستغلال المهاجرين في جرائم من قبيل الاتجار في المخدرات وغيرها.
التزام إنساني
ويعد الاهتمام بقضايا اللاجئين والمساهمة في إيجاد الحلول المبتكرة والملائمة لها، والحد من تداعياتها الإنسانية مبدأ ثابت في نهج الإمارات بفضل توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات .
وتقف الإمارات في مقدمة الدول التي تمد يد العون لكل من دفعتهم الظروف إلى ترك أوطانهم واللجوء إلى أماكن أخرى بحثاً عن الأمن والاستقرار، حتى باتت جهودها تشكل إحدى أهم نقاط الانطلاق الأساسية في التحرك الدولي نحو معالجة هذه المشكلة المتفاقمة، خاصة مع وصول عدد اللاجئين والنازحين في العالم إلى 110 ملايين نسمة.
جهود لطالما أشادت بها المنظمات الدولية، وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنها حصلت من الإمارات على 20 مليون دولار منذ بداية عام (2022)، بزيادة قدرها 100% مقارنة بالعام 2021، مشيرة إلى أن هذا المبلغ استخدم في الكثير من المجالات، وعلى رأسها التعليم وبناء مساكن للاجئين في العديد من دول العالم.
وأوضحت المفوضية، أن هناك مساعدات أخرى تقدمها الإمارات، مثل المساعدات المباشرة والمساعدات اللوجستية للمنظمات والجهات الدولية والإنسانية التي تعمل انطلاقاً من مكاتبها ومستودعاتها في الإمارات، واصفة الدولة بأنها "من الدول السابقة بالعالم في دعم جهود المفوضية، ومساعدة المحتاجين والنازحين واللاجئين".
وذكرت المفوضية أن دولة الإمارات تضم أكبر عدد من المساعدات الفردية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستحوذ الإمارات بمفردها على 50% من المساعدات الفردية بالمنطقة المقدمة لدعم مشاريع ومبادرات المفوضية، مشيرة إلى وجود 20 ألف متبرع ملتزم بالتبرع للمفوضية في المنطقة.
وتضم الإمارات أكبر مستودع للمواد الإغاثية في العالم للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وذلك في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وهذا المستودع يمكّن المفوضية من الاستجابة السريعة خلال ساعات لمساعدة 240 ألف شخص في العالم، وسوف يتم توسيعه ليقدم المساعدات إلى 400 ألف شخص خلال الفترة المقبلة، بعد أن قدمت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية مستودعات جديدة للمفوضية.
وبلغ حجم الدعم الذي قدمته الإمارات لبرامج المفوضية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2010 و2022 تجاوز مبلغ 300 مليون درهم.
أيادي الخير
وأينما يممت وجهك حول العالم، تجد أيادي الخير الإماراتية حاضرة لتقديم الدعم والمساعدة، ففي سوريا، قدمت دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية ما يزيد على 2.1 مليار دولار من المساعدات لغوث اللاجئين السوريين سواء داخل سوريا أو في كل من الأردن ولبنان والعراق واليونان من خلال توفير الغذاء والإيواء والرعاية الصحية وإنشاء المستشفيات الميدانية، وإنشاء المخيم الإماراتي- الأردني في منطقة مريجيب الفهود الأردنية ومخيمات مماثلة في إقليم كردستان العراق وفي اليونان، لتوفير سبل المعيشة والحماية والخدمات الاجتماعية المختلفة.
ومنذ بداية الأحداث الأخيرة في السودان، سارعت الإمارات إلى إرسال الإمدادات والمساعدات الطبية والغذائية لإغاثة المدنيين المتضررين في هذا البلد الشقيق ودعم النازحين في دول الجوار، للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية للأزمة.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية والسياسية والبرلمانية المتواصلة لحل الأزمة الأوكرانية، تنشط أيضا الجهود الإنسانية للإمارات للتخفيف من وطأة الأزمة.
وفي إطار تلك الجهود جاء إعلان رئيس الإمارات في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي تقديم 100 مليون دولار للمدنيين الأوكرانيين إلى جانب إرسال 3 طائرات تحمل إمدادات إغاثية من بينها 2520 مولداً كهربائياً ومستلزمات شخصية.
وقدمت دولة الإمارات أيضا، إمدادات إغاثية عاجلة للمتضررين عبر 11 طائرة إغاثية، وإمدادات طبية شملت 540 طناً من المواد الطبية والغذائية، و94 طناً من المواد غير الغذائية، إلى جانب إرسال 6 سيارات إسعاف لدعم اللاجئين الأوكرانيين في بولندا ومولدوفا وبلغاريا.
وقبل 4 شهور، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رئيسة مؤسسة أولينا زيلينسكا للمنظمات الخيرية.
واطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء على تداعيات الأزمة الأوكرانية على المستوى الإنساني خاصة على الأطفال.
ووجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم 4 ملايين دولار مخصصة لرعاية الأطفال المتضررين من الأزمة لصالح أحد المشاريع التي تعمل عليها المؤسسة تحت مسمى "بيوت الأيتام العائلية"، حيث ستسهم في بناء 10 مبان ستحتضن نحو 100 طفل.
وأكد رئيس دولة الإمارات أن بلاده لن تدخر جهداً في العمل على التخفيف من الآثار الإنسانية لهذه الأزمة على جميع المستويات، والإسهام الفاعل في أي جهد دولي أو إقليمي يستهدف احتواء هذه الآثار، من منطلق قيمها الأخلاقية ونهجها الإنساني الراسخ على الساحة الدولية.
توجيهات متتابعة تبلور إنسانية قائد ملهم، وتجسد قيم ومبادئ الإمارات الراسخة في مساعدة ودعم الشعوب ونجدة الملهوف والمستغيث.
أيضا تعد الإمارات من أبرز الدول التي ساهمت في دعم الاحتياجات الطارئة للاجئي الروهينجا في بنغلاديش من ضمنها تعهدها بتقديم ملايين الدولارات لتخفيف معاناتهم .
من جانبها تواصل المؤسسات والجهات الإنسانية والخيرية في الإمارات مثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة «القلب الكبير»، تنفيذ برامجها المخصصة لدعم ومساندة اللاجئين والنازحين حول العالم والتي تشمل جوانب الصحة والتعليم والغذاء وغيرها.