خارطة طريق إماراتية لمواجهة التحديات العالمية.. 4 بنود

خارطة طريق إماراتية لمواجهة التحديات العالمية وتداعياتها على المنطقة، تتضمن 4 بنود وضعها الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات.
تلك الخارطة التي جاءت في تغريدة له عبر حسابه في موقع "تويتر" تضمنت توصيفا واقعيا لطبيعة المنطقة التي قال إن نظامها الاقتصادي والمعيشي ذات "طبيعة هشة وحساسة".
تلك الطبيعة التي تتميز بها المنطقة جعلتها شديدة التأثر بتداعيات "الأزمات الكبرى" التي "يدفع ثمنها العالم غاليا".
ولمواجهة تلك الأزمات والوقاية من تداعياتها، اقترح قرقاش خارطة طريق من 4 بنود، تستند إلى: التعايش، والتسامح، والبحث عن الحلول الواقعية، والتعاون الجماعي انطلاقا من مبدأ المسؤولية المشتركة.
خارطة طريق أخذت دولة الإمارات على عاتقها منذ وقت مبكر تطبيقها على أرض الواقع ضمن دبلوماسية بناء الجسور الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، عبر مد أواصر الصداقة والتعاون والتسامح بين الشعوب وبناء علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة كافة.
وذلك ضمن استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها دولة الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين.
وتنفذ دولة الإمارات البنود التي تتضمنها تلك الخارطة في إطار مبادئ الخمسين التي اعتمدتها دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتكون خارطة استراتيجية تحدد توجهات البلاد في مختلف المجالات للخمسين عاما القادمة.
وتعد تلك المبادئ بمثابة خارطة طريق استراتيجية لتحقيق الريادة الإماراتية بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية خلال الخمسين عاما القادمة، وصولا لتحقيق هدفها في "مئوية الإمارات 2071" بأن تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم، وأكثرها تقدماً.
كما تجسد الإمارات على أرض الواقع تلك المبادئ والأهداف، باحتضانها أكثر من 200 جنسية من مختلف الأديان والثقافات يعيشون على أراضيها بانسجام ووئام في دار زايد، واحة الإنسانية ومنارة التسامح.
الأزمة الأوكرانية
على رأس الأزمات العالمية، التي ألقت بتداعياتها على العالم بصفة عامة والعرب بشكل خاص، وبدأت تعيد تشكيل ملامح نظام عالمي جديد، الأزمة الأوكرانية.
وتقوم الإمارات بجهود سياسية وبرلمانية وإنسانية متواصلة على أكثر من صعيد للدفع بحل سياسي سلمي واقعي لإنهاء الأزمة الأوكرانية.
يعزز فرص نجاح تلك الجهود في تحقيق أهدافها موقف دولة الإمارات المتزن والمتوازن من الأزمة، وسعيها الجاد للدفع بحل عقلاني واقعي سلمي، يستند إلى قواعد القانون الدولي، التي تقضي باحترام سيادة الدول.
وضمن أحدث تلك الجهود، أرسلت دولة الإمارات 28 أبريل/نيسان الماضي طائرة تحمل على متنها 30 طنا من الإمدادات الغذائية إلى جمهورية مولدوفا لدعم اللاجئين الأوكرانيين، وذلك ضمن الجسر الجوي الإغاثي الإماراتي الذي تم تدشينه منذ شهر مارس الماضي للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية التي يواجهها النازحون واللاجئون الأوكرانيون وخاصة من النساء والأطفال.
خطوة تأتي في وقت يقود فيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية بنفسه، حراكا متواصلا ومكثفا، لحلحلة أزمات عربية ودولية والبحث عن حلول نوعية لها، بما يسهم في دعم أمن واستقرار العالم، من بينها الأزمة الأوكرانية.
وضمن أحدث تلك الجهود، تصدرت الأزمة الأوكرانية أجندة القمة الثلاثية التي جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، في القاهرة، 24 أبريل/ نيسان من الشهر نفسه.
تأتي تلك القمة ضمن عدة قمم واجتماعات ومباحثات أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لحل تلك الأزمة، من بينها مباحثات هاتفية مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال تلك المباحثات ضرورة إيجاد تسوية سلمية للأزمة من خلال الحوار والتفاوض والحلول الدبلوماسية، وشدد على أهمية تقديم الدعم الإنساني للمتضررين من المدنيين وتوفير الحماية والمساعدة لهم.
وتوجت تلك الجهود بزيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي إلى روسيا 17 مارس/آذار الماضي، وإجرائه مباحثات مع نظيره الروسي سيرجي لافروف لدعم مسار حل سلمي للأزمة.
التغيرات المناخية
أيضا من أبرز التحديات التي تواجه العالم، وتلقي بتأثيراتها على المنطقة، التغيرات المناخية.
ولعبت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية دورا محوريا في حشد الجهود والطاقات العالمية من أجل مواجهة تحدي تغير المناخ وطرح الحلول والمبادرات التي تسهم في تسريع جهود حماية البيئة والتنوع البيولوجي.
وتستعد دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP 28 والتي ستقام في عام 2023، حيث تتطلع إلى تنظيم دورة متميزة تسهم في تبني العالم لتوجه اقتصادي يدعم العمل المناخي، وتحفز المجتمع الدولي لمزيد من التعاون وتسريع وتيرة جهود مواجهة تحدي تغير المناخ.
أزمة الغذاء
أيضا من أبرز الأزمات العالمية الموجودة، والتي تفاقمت بسبب أزمتي أوكرانيا والتحديات المناخية، أزمة الجوع، والتي واجهتها الإمارات خلال الفترة الماضية بمبادرة إنسانية رائدة هي مباردة "المليار وجبة".
ومبادرة المليار وجبة أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في 2 أبريل/ نيسان الماضي، وأعلن ختامها بعد 26 يوما من إطلاقها، بعد نجاحها الوصول لهدفها في توفير مليار وجبة للمحتاجين.
رقم يكشف نهج الخير والعطاء الإماراتي الراسخ والذي يعد قيمة إنسانية مستدامة تتجاوز حدود الجغرافيا لتمد يد العون للمحتاجين في مختلف أنحاء العالم.
وتستهدف المبادرة الأكبر في المنطقة توفير دعم غذائي يصل إلى مليار وجبة للفقراء والجوعى في 50 دولة حول العالم، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030 ومن ضمنها هدف القضاء على الجوع في العالم.
وتحمل مبادرة "المليار وجبة" أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنها تسهم في إنقاذ حياة عشرات الآلاف حول العالم، حيث يتسبب تحدي الجوع وسوء التغذية والأمراض المرتبطة به حول العالم بفقدان طفل لحياته كل 10 ثوانٍ وموت 25 ألف شخص يومياً منهم 10 آلاف طفل، فيما يبيت 800 مليون إنسان حول العالم جائعين كل يوم.
ويعاني 52 مليون إنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نوعاً من أنواع الجوع أو سوء التغذية أغلبهم من النساء والأطفال.
أيضا تعد الحملة ترجمة على أرض الواقع لمبادئ الخمسين، التي تعد خارطة طريق استراتيجية لتحقيق الريادة الإماراتية بمختلف المجالات، للخمسين سنة المقبلة.
وينص المبدأ التاسع من تلك المبادئ على أن "المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً. ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة. والاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات".
وبالتالي تعد تلك المبادرة إضافة نوعية جديدة لجهود دولة الإمارات الإنسانية عربياً وعالمياً لمد يد العون لكل من يحتاج المساندة دون تمييز بين عرق أو دين أو منطقة جغرافية.
دبلوماسية جسور الصداقة
على أرض الواقع تنفذ دولة الإمارات خارطة الطريق التي تحدث عنها د. قرقاش، في إطار الخطوات الإماراتية المتسارعة لتصفير الأزمات بالمنطقة ودعم أمنها واستقرارها.
ضمن أحدث تلك الخطوات، كان استقبال دولة الإمارات 18 مارس/آذار الماضي الرئيس السوري بشار الأسد الذي قام بزيارة للبلاد، هي الأولى له لدولة عربية منذ 11 عاما، وتتوج جهودا دبلوماسية إماراتية لإعادة سوريا لحاضنتها العربية والعمل على حل أزمتها.
زيارة تأتي بعد نحو شهر من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دولة الإمارات، منتصف فبراير/شباط الماضي في خطوة وصفت بـ"التاريخية" وكانت الأولى له منذ نحو 9 أعوام، تعزيزا ودعما للعلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.
تأتي تلك الزيارة بعد 3 أشهر من الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتركيا، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
التعاون المشترك.. 19 قمة في شهرين
أيضا تجسد التعاون المشترك بين الإمارات ودول العالم لمواجهة أزمات المنطقة والعالم، في الحراك السياسي والدبلوماسي الإماراتي المتواصل والمكثف، الذي يقوده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بنفسه، عبر قمم متواصلة ومباحثات مكثفة.
19 قمة إماراتية عربية دولية عقدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع قادة دول المنطقة والعالم خلال شهري مارس وأبريل الماضيين حسب إحصاء لـ"العين الإخبارية"، بخلاف المباحثات الهاتفية المتواصلة على مدار الشهرين.
قمم ومباحثات ضمن حراك سياسي يقوده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بنفسه لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات والتحولات التي تشهدها المنطقة والعالم، والعمل على تعزيز التضامن الخليجي والعربي.
لقاءات ومباحثات تضمنت رسائل إماراتية واضحة بالحرص على دعم الأمن والاستقرار في العالم، وتخفيف حدة التوترات بأماكن الصراعات ودعم قضايا الأمة الإسلامية والإنسانية، سواء في أوكرانيا أو فلسطين أو اليمن، أو في أي دولة تحتاج مد يد العون أو المساعدة، إلى جانب الحرص على تعزيز أواصر الأخوة ونشر قيم التسامح ودعم العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة.
جهود دبلوماسية وسياسية متواصلة تقوم بها الإمارات بشكل متواز ومتزامن على أكثر من صعيد، في ظل تعاظم مكانة الإمارات وتزايد الثقة الدولية بقدراتها، وتوالي الإشادات العربية والدولية، على المستويين الرسمي والشعبي، بدبلوماسية الإمارات "المتوازنة" و"الشجاعة" تجاه العديد من الأزمات.
aXA6IDE4LjE5MS4xMjYuMTExIA== جزيرة ام اند امز