في البداية لا يسعني إلا أنْ أتوجهَ بالشكر الجزيل لقيادتنا الرشيدة على تعييني سفيراً للإمارات العربية المتحدة لدى الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية.
وأتعهد في هذه المناسبة بالعمل الدؤوب من أجل تعزيز العلاقات الثنائية، والمضي بها قدماً نحو آفاق جديدة من التعاون لصالح بلدينا وشعبينا الشقيقين.
ترتبط دولة الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والسعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظهما الله)، بعلاقات تاريخية متميزة وراسخة تنبع خصوصيتها من وشائج القربى والمصير المشترك، وأصبحت تُشكل نموذجاً فريداً للأخوة الراسخة، المبنية على حُسن الجوار والمصالح المشتركة، فما يجمع دولة الإمارات والمملكة من أواصر الأخوة والعلاقات المتميزة من الصعوبة بمكان الإلمام به أو حصره بجوانب محددة، لأنَّه يعني علاقة الشقيق بشقيقه والتي تزداد أصالة سنة تلو أخرى عبر مسيرة حافلة بالعطاء والعمل المشترك.
في كل يوم إضافة جديدة لهذه العلاقات، حيث تزيد وشائج الأخوة أكثر ومعها التطلعات إلى إنجازات ونتائج إيجابية أوسع تصبُّ في مصلحة الشعبين الشقيقين، ولا سيما أنَّ العلاقات الإماراتية - السعودية تزداد رسوخاً وصلابةً وعمقاً بفضل حرص قيادة البلدين، وما يجمع شعبيهما من رؤى تعزز وتطور وتخدم هذه العلاقات، وتدفع بها إلى الأمام نحو آفاق واعدة وأرحب في المجالات كافة.
وقد أصبح البلدان امتداداً استراتيجياً للآخر، كما أنَّ استثنائية العلاقات بينهما، تمثل حالة دائمة وليست عابرة، وهنا يحضرني قول الأمير خالد الفيصل إنَّ «السعودي إماراتي والإماراتي سعودي»، وهذه العبارة تلخص عمق العلاقة بين البلدين.
إنَّ الروابط الأخوية والتعاون الدائم بين البلدين يمثلان ضمانة قوية للأمن القومي الخليجي والعربي بوجه عام، وخاصة مع تطابق وجهتي نظَر البلدين الشقيقين تجاه مجمل قضايا المنطقة، وتعاونهما البنَّاء والمثمر في التعامل مع التحديات التي تواجههما، وفي مقدمتها التصدي لخطر التطرف والإرهاب، والقوى والأطراف الداعمة لذلك، ومواجهة التدخلات الخارجية في دول المنطقة.
التعاون الإماراتي - السعودي بات بالفعل سداً منيعاً أمام أطماع الطامعين، ويوفر قاعدة أساسية راسخة لحماية المصالح الاستراتيجية للدول والشعوب الخليجية والعربية، وأصبح واحداً من النماذج الإيجابية في توظيف الموارد والإمكانات من أجل صيانة المصالح والتصدي للخطر والتهديد الاستراتيجي.
لقد أسهمت جهود المملكة ومعها دولة الإمارات في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، خاصة أن تاريخيهما مكلل بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية، أو لدعم الدول العربية، كما انضم البلدان إلى الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتصدي للتطرف والإرهاب، خاصة فيما يتعلَّق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية، وهي جهود تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع. كما أنَّ النجاحات التي حققتها السعودية خلال هذه السنوات بفضل قيادتها الحكيمة أسهمت في تعزيز مكانتها العربية والإقليمية والعالمية على الأصعدة كافة.
التنسيق بين دولة الإمارات والسعودية مستمر ومتواصل وعلى أعلى المستويات، لأنَّ كليتهما بعد استراتيجي للآخر، وقد جاء تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو (أيار) 2014 نقلة نوعية تؤكد حرص القيادة في كلا البلدين الشقيقين على مأسسة هذه العلاقات.
وللغايات ذاتها أنشئ مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي ضمن اتفاقية بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في شهر مايو 2016 بتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، (حفظهما الله)؛ حرصاً على توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين، ورغبتهما في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية، والتكامل السياسي والأمني والعسكري.
وقد عقد المجلس منذ تأسيسه عدداً من الاجتماعات وورش العمل التي نتج عنها إطلاق مجموعة متنوعة من المشروعات التنموية، التي أسهمت بشكل فعّال في تعزيز التعاون بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في جوانب ومجالات عدة؛ تشمل الطاقة والمال والاستثمار والإسكان والاقتصاد والتعليم والسياحة، فضلاً عن المجالات المستقبلية، وذلك بهدف ابتكار الحلول وتحقيق الاستفادة القصوى للموارد والإمكانات الكبيرة التي يحظى بها البلدان بوصفهما من أكبر الاقتصادات الإقليمية، وأكثرها تأثيراً في المنطقة والعالم.
وفي يونيو (حزيران) 2018 رفعت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مستوى العلاقات الثنائية بينهما إلى مراحل غير مسبوقة، اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً ضمن «استراتيجية العزم» التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية وخلال 12 شهراً.
ويعد العمل الإنساني والتنسيق بين البلدين في هذا المجال من العوامل التي تجسد التكامل بين المملكة ودولة الإمارات، حيث يعكس التعاون السعودي - الإماراتي في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لكثير من دول المنطقة التي تتعرض لأزمات، جانباً من طبيعة العلاقات الراسخة بين البلدين، والتنسيق الواسع في شتى القضايا والمواقف السياسية والإنسانية المختلفة، كما يعكس حرصهما على التخفيف من معاناة الشعوب الشقيقة، ويؤكد في الآن ذاته ريادتهما في العمل الإنساني.
وحرص البلدان على التنسيق في تقديم المساعدات المشتركة، في رسالة تعكس مدى التفاهم والتنسيق بينهما، في ظل وحدة الهدف والرسالة، وذلك انطلاقاً من العلاقات الراسخة والممتدة. وقد تجسّدت تلك المساعدات بشكل خاص في اليمن، وأيضاً بالتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظماتها المعنيّة، في مواقف إنسانية جليلة تخدم الملايين، في قطاعات شتى، من المتضررين من الظروف الداخلية التي تشهدها تلك البلدان، تجسيداً لقيمة العمل الإنساني.
لقد نجحت المملكة من خلال قيادتها الاستثنائية لقمة مجموعة العشرين العام الماضي التي شاركت فيها دولة الإمارات في تشكيل استجابات عالمية ناجحة وعظيمة لمواجهة جائحة (كوفيد - 19)، وتحقيق التوازن المنشود بين الحفاظ على الصحة العامة، والانتعاش الاقتصادي بالتعاون مع مجموعة العشرين، والوصول بهذه الأهداف إلى أنحاء العالم كافة، من خلال تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة.
ولا يسعني في هذا المقال إلا أن أتوجَّهَ بالتهنئة الصادقة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير دفاع المملكة العربية السعودية على نجاح أعمال القمة، حيث أسهمت في معالجة أهم وأبرز القضايا التي تُعنى بمستقبل المنطقة والعالم.
وإنّي إذ أبدأ مهمتي سفيراً لدولتي الحبيبة في بلدي الثاني، فإنَّه يعتريني التفاؤل والحماسة للبناء على ما هو قائم بين البلدين الشقيقين، وتعزيز التلاحم وتعميق العلاقات والارتقاء بها بين الشعبين.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة