إن الجديد المفيد في الملف السوري أنه لا جديد يذكر.
فعلى الرغم من الزخم الإعلامي المحدود الذي رافق الذكرى العاشرة لشرارة الأزمة في سوريا، فإنَّ المناخَ السياسي الدولي والإقليمي لا يمنح المتتبع لهذه الأزمة أي تفاؤل يفضي إلى إنهاء الصراع وخلاص الشعب السوري.
فعلى المستوى الداخلي، لا يزال السوريون يعانون بشكل غير مسبوق نتيجة الانهيار الاقتصادي الحاصل، وتراكم ملفات الأزمات المتتالية من لجوء ونزوح وتشرد لملايين الناس داخل سوريا وخارجها، كما أن الحرب بشكلها العسكري لم تضع أوزارها بعد في كثير من المناطق.
والرؤية الروسية القائمة على تقديم قضية إعمار سوريا قبل نضوج الحل السياسي تراوح مكانها، في ظل رفض أوروبي وأمريكي لها، والحل السياسي في سوريا لا يحظى بأولوية في جدول أجندات المجتمع الدولي، وهذا ما صرح به قبل مدة قصيرة أرفع مسؤول في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.
ولكن موسكو التي استقبلت خلال الأيام الماضية وفداً من مليشيا حزب الله اللبناني حرّكت مياه المليشيات الإيرانية الراكدة في سوريا، بعد طلبها من الحزب التحضير لمرحلة انسحابه من سوريا، لأن تصرفات عناصره التي تحتل سوريا بأمر من طهران، باتت تقلق صناع القرار الأمني والعسكري الروسي في سوريا.
وفي الوقت نفسه، ناقش الروس الأزمة السورية مع ضيفهم الإسرائيلي وزير الخارجية جابي أشكنازي، وهو ما رأت فيه العديد من وسائل الإعلام الروسية والغربية حواراً غير مباشر - هو الأول من نوعه - بين المليشيا وتل أبيب، حول مستجدات القصف الإسرائيلي شبه اليومي لحزب الله في سوريا وغيره من الجماعات المسلحة الإيرانية.
وداخل الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن، لا يبدو أن هناك خطة أمريكية واضحة حول سوريا أو حتى تعيين مبعوث أمريكي رفيع المستوى على غرار ما حصل في اليمن، وفريق الرئيس بايدن المعني بالشرق الأوسط يعكف على إدارة الأزمة السورية ودراسة مآلاتها، دون تقديم أي تفاصيل تشرح كنه التعاطي معها في المستقبل القريب أو حتى البعيد نسبياً.
وأما الأمم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي ككل في سوريا، فإنها وعلى لسان مبعوثها إلى سوريا النرويجي جير بيدرسون، قدمت اعتذاراً للسوريين بعد مضي عشر سنوات على نكبتهم، نتيجة عجزها من خلال مبعوثيها عن تحقيق أي اختراق في سوريا يؤدي في نهاية المطاف لجسر الهوة السحيقة بين الفرقاء الإقليميين وتابعيهم.
والجدير بالذكر أن مفاوضات واشنطن المحتملة مع إيران حول العودة إلى الاتفاق النووي لن تتضمن في مراحلها الأولى - بحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي - أي تطرق إلى كنه الاحتلال الإيراني لسوريا، وسيتم ترك هذه المسألة المعقدة جانباً وعدم التحدث حولها، أقله خلال العام الحالي أو ربما العام الذي يليه.
وعلى مستوى المؤسسة المشتركة الوحيدة تقنياً، بين الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، ألا وهي اللجنة الدستورية في جنيف، فإن العمل معطل كلياً، ولم يصل الجانبان لصيغة ولو أولوية حتى اللحظة، يتم عبرها الاتفاق على جدول أعمال موحد لجلسات كتابة المواد الدستورية.
وأما هيئة المفاوضات السورية فإنها لا تزال تغط منذ أشهر في سبات عميق، والخلافات بين مكوناتها تعطل حتى الاجتماعات الافتراضية الرسمية وغير الرسمية، ولا مجال لبحث نتائج المهمات الموكلة إليها عند تأسيسها، كون العمل المنوط بها غير منجز وتحتاج إلى معجزة سياسية دولية وإقليمية، كي تستفيق من نومها وتباشر إتمام ما أُسست من أجله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة