"الإيموبيليا".. هرم وسط القاهرة سكنه أشهر فناني مصر
عمارة الإيموبيليا لها تاريخ عريق منحها مكانة الهرم بين بنايات وسط القاهرة.. ما حكايتها؟
"هنا عاش الفنانون نجيب الريحاني، محمد فوزي، أنور وجدي، ليلى مراد، محمد عبد الوهاب، ماجدة الصباحي، فكري أباظة، كاميليا، هنري بركات، أسمهان، أحمد سالم، آسيا داغر، توفيق الحكيم، حلمي حليم، كمال الشيخ" لافتة لابد أن تجذب المارة في شارع شريف باشا بوسط القاهرة، لأنها تشير إلى هرم رابع يقبع بعيدا عن أهرامات الفراعنة في الجيزة، هو عمارة الإيموبيليا، أشهر بنايات وسط القاهرة.
بدأ بناء عمارة الإيموبيليا في عام 1937، وتبلغ مساحتها حوالي 5444 مترا مربعا، وبنتها شركة الإيموبيليا للعقارات واكتمل بناؤها عام 1940، ولها 4 واجهات، وكان لها عدة شركاء في ملكية البناية أشهرهم أحمد عبود باشا أحد أشهر رجال الأعمال في مصر آنذاك ورئيس النادي الأهلي الشهير، ورئيس مجلس الشيوخ محمد محمود خليل والبارون لويس دي تنوا.
وعندما قررت الشركة بناء "الإيموبيليا" نظمت مسابقة معمارية للفوز بتصميمها، وتقدم لها أكثر من 13 متسابقا وفاز بجائزتها الأولى ماكس أدرعي وجاستون روسيو وبلغت قيمتها ٦٠٠ جنيه مصري، وفاز بالمركز الثاني المهندس المعماري الشهير انطوان نحاس، الذي قام ببناء العديد من المباني والهيئات في مصر.
وتتألف البناية من جناحين؛ ارتفاع الأول 13 طابقا والثاني 11 طابقا، وتطل علي حديقة بها نافورة من الرخام، وهي أول عمارة بها جراج تحت الأرض يسع حوالي مائة سيارة، وتكلف بناؤها مليونا و200 ألف جنيه مصري وهو رقم خيالي في وقت بنائها.
وتعد البناية تحفة معمارية إذ تتميز بتصميمها الانسيابي وموقعها الفريد الذي يطل على اثنين من أهم شوارع وسط القاهرة "الخديوية" هما شارع شريف باشا وشارع قصر النيل، وكان بها 27 مصعدا مقسمين ما بين مصاعد للسكان وثانية للخدم وثالثة للأثاث، وتبقى منها الآن 15 فقط.
وكانت بناية الإيموبيليا تتميز بنظام للتدفئة المركزية الذي كان يمد جميع شققها البالغ عددها 370 بالمياه الساخنة، بالإضافة إلي نظام حرق القمامة المركزي، حيث كانت نفايات الشقق توضع في مواسير ضخمة وتصل لبدروم العمارة ليتم حرقها.
وكان مشهدا مألوفا في أربعينيات القرن الماضي أن تأتي سيارات الإطفاء لتغسل واجهة البناية مرتين شهريا، قبل أن تطالها يد الإهمال وتتحول واجهتها إلى اللون الأسود نتيجة تراكم الأتربة عليها.
وفور اكتمال البناء حتى طرحت شركة الإيموبيليا شقق البناية للإيجار، وكان يبدأ بـ6 جنيهات شهريا و9 جنيهات و12 جنيها بحسب مساحة الشقة، وأكدت الحملة الإعلانية التي صاحبت بدء تأجير الشقق التأكيد على متانة أساساتها وأنها مصممة ضد الزلازل.
وسرعان ما اجتذبت البناية الجديدة عددا كبيرا من الفنانين عاشوا بها أو كانت مكاتبهم بين جدارنها أمثال نجيب الريحاني، ومحمد فوزي، وأنور وجدي وزوجته ليلى مراد، موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، الفنانة ماجدة الصباحي، الكاتب الشهير فكري أباظة، الفنانة الراحلة كاميليا، المخرج الأشهر هنري بركات، والمطربة أسمهان شقيقة الفنان فريد الأطرش، والمخرج أحمد سالم، والكاتب الكبير توفيق الحكيم.
مصطفى عبد الله حارس البناية الحالي، قال لـ"بوابة العين" : "لم أعاصر هؤلاء العمالقة لكني سمعت الكثير عنهم"، مضيفا أن الفنانة ماجدة كانت تأتي إلى مكتبها بالبناية حتى وقت قريب قبل أن تتعرض لوعكة صحية.
ويضيف الشاب النوبي قائلا "بدأت العمل هنا قبل 11 عاما والتقيت بحارس العقار السابق عم سباق الذي قص لي الكثير، والبناية لم يعد بها شقق سكنية سوى عدد قليل جدا، وبقية الشقق عبارة عن مكاتب وشركات متنوعة".
ويضيف كان "الفنان نجيب الريحاني يقيم في الشقة 321 بالطابق الثالث بين عامي 1938 و 1949، والسيدة جينا ابنته حين تأتي للقاهرة لابد أن تزور البناية، والفنان أنور وجدي كان يقيم في الطابق السادس، والفنانة ليلى مراد كانت جارته في الطابق الـ11 وبين جدران البناية نشأت قصة حبهما التي توجت بالزواج".
البناية ظهرت على شاشة السينما مرتين الأولى فيلم "حياة أو موت" بطولة عماد حمدي ومديحة يسري والثانية فيلم "قصة ممنوعة" بطولة محمود المليجي وماجدة، كما أن كثرة تعطل مصاعدها أوحى للمخرج صلاح أبو سيف بقصة فيلم "بين السماء والأرض".
aXA6IDMuMTQ1LjE1NC4yNTEg جزيرة ام اند امز