على وقع هجمات داعش.. واشنطن تنهي مهمتها القتالية بالعراق
أنهت الولايات المتحدة الأمريكية، مهمتها القتالية في العراق، وذلك على وقع هجمات متصاعدة لتنظيم داعش الإرهابي وسط وجنوبي البلاد.
وجاءت عمليات الانسحاب المنتظر استكمالها بشكل نهائي بعد نحو 21 يوماً، طبقاً لمخرجات الجولة الاستراتيجية الأخيرة بين بغداد وواشنطن، التي جرت في يوليو/تموز الماضي.
وأعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، اليوم الخميس: "انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف الدولي في العراق".
وقال الأعرجي، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بمنصة تويتر: "أنهينا اليوم جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي، والتي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق"، مبيناً أن "العلاقة ستستمر مع التحالف الدولي في مجال التدريب والاستشارة والتمكين".
وكانت الولايات المتحدة أقدمت على سحب أغلب فرقها القتالية من العراق عام 2011، بعد انتهاء مهمتها في إسقاط النظام العراقي السابق واستكمال بناء القدرات العسكرية للقطعات الأمنية.
وبعد نحو 3 أعوام، عاد جزء من تلك القوات إلى العراق على وقع احتلال داعش للمدن في أحداث يونيو/حزيران 2014، تبعها تشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لتولي مهام مواجهة التنظيم.
وقدمت القوات الأمريكية والتحالف الدولي جهوداً عسكرية كبيرة في مجال استرداد المدن من سيطرة التنظيم، بتوفير الغطاء الجوي وتبادل المعلومات الاستخبارية مع القطعات العراقية.
وتعترض قوى ومليشيات مسلحة عراقية مقربة من إيران على بقاء تلك القوات، ولجأت إلى تصعيد الهجمات ضد مقارها العسكرية مطلع العام الماضي بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة جوية أمريكية عند مطار بغداد الدولي.
وأحرجت الاستهدافات المتكررة لمعسكرات تلك القوات الأجنبية، حكومة العراق في أكثر من مرة، بعد أن هددت الولايات المتحدة العام الماضي بإغلاق سفارتها في العاصمة بغداد، وحصر تمثيلها الدبلوماسي في قنصليتها عند إقليم كردستان شمال البلاد.
وصوت مجلس النواب العراقي، بعد أيام من حادثة مقتل سليماني، على قرار يقضي بإخراج كافة القوات الأجنبية من العراق.
وكانت قوى سياسية وحكومية حذرت في أكثر من مرة من تداعيات الانسحاب الأمريكي من العراق، واستغلال ذلك الفراغ من قبل الفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية.
ويعيش العراق تحديات أمنية كبيرة تتمثل في معاودة تنظيم داعش لشن الهجمات بعد انهيار دولته المزعومة، وكذلك سطوة المليشيات المسلحة المدعومة إيرانياً في مؤسسات الدولة وسيطرتها على موارد البلاد.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي المنحل محمد الحلبوسي، أبدى في وقت سابق مخاوفه من "السلاح المنفلت" بيد المليشيات والخشية من توجيه فوهته نحو أبناء الداخل العراقي في حال انسحاب القوات الأمريكية.
وأمس الأربعاء، صرّح الرئيس الأمريكي جو بايدن في رسالة وجهها إلى الكونجرس، أنه لن تكون هناك قوات أمريكية تقوم بمهام قتالية في العراق بعد الـ31 من ديسمبر الحالي.
ماذا بعد الانسحاب؟
وخلال الشهور الماضية، حذر مراقبون ومعنيون بالشأن الأمني على وقع سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابل، من تكرار ذلك السيناريو في العراق غداة انسحاب القوات الأمريكية.
وعلى الرغم من التقدم الحاصل في مستوى القدرات العسكرية للقوات العراقية، فإن ظروف المواجهة وطبيعة التحديات الأمنية تفرض وجود القوات الأجنبية لما تمتلكه من قدرات جوية وتقنية متطورة.
ويقول الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي إن "المعركة التي يخوضها العراق ضد الإرهاب تفرض وجود ضربات نوعية، وليست كمية، لكونها تأتي ضمن ما يعرف بحرب الشوارع والمناطق الوعرة، وهي تتطلب قدرات رادارية وجوية يفتقر لها الجانب العراقي".
ويضيف الشريفي لـ"العين الإخبارية" أن "القدرات القتالية للقوات العراقية قد تطورت كثيراً، ولكن في الجانب التقني لا تزال متأخرة يقابلها تقدم لدى تنظيم داعش في هذا الجانب، ما يستدعي وجود جهود تقنية دولية لمعالجة الموقف الميداني على الأرض".
ويشير إلى أن "تصاعد الهجمات مؤخراً لتنظيم داعش، التي جاءت عقب انسحاب قوات التحالف الدولي يكشف عن أهمية بقاء الأخيرة، وعدم ترك ذلك الأمر بمسؤولية القطعات المشتركة".
فيما يرى المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، أن "القوات العراقية تمتلك الجاهزية لاستلام الملف الأمني وتولي المهام بمسؤولية كاملة".
ويوضح رسول لـ"العين الإخبارية"، أن "القوات القتالية الأجنبية التي باشرت انسحابها من العراق، لم تكن تدير عمليات عسكرية على الأرض طيلة السنوات الماضية، وإنما تنحصر مهامها في تأمين الحماية للمستشارين وتوفير الدعم الجوي لقطعاتنا العسكرية".
ولفت إلى أن "هنالك تحديات حقيقة تتمثل في تنظيم داعش الذي يهدد الدولة (العراقية)، ولكن لدينا الإصرار والجدية في التصدي وردع الخطر عن البلاد وأهله"، مشيراً إلى أن "شراكتنا مع التحالف الدولي ستبقى مستمرة في مجال الدعم والمشورة وحتى على مستوى التدخل الجوي إذا ما تتطلب الأمر".
وبشأن عديد القوات غير القتالية التي ستبقى مطلع العام المقبل، يقول رسول "لا أملك معلومات دقيقة بالأرقام، ولكن ستكون داخل معسكرات عراقية وستتولى قطعاتنا تأمين حمايتها".
وتتحدث مصادر عراقية غير رسمية عن وجود نحو 2500 جندي أمريكي في العراق، يجري انسحابهم بموجب الاتفاق الاستراتيجي من أربع قواعد عسكرية.
وكان التحالف الدولي أكد في وقت سابق أن دوره في العراق لن يتغيّر مع قرب انسحاب القوات الأمريكية القتالية من البلاد بحلول نهاية العام الحالي.
وكشف المتحدث باسم قوة المهام المشتركة، مدير الشؤون العامة في التحالف الدولي جويل هاربر: "نحن الآن بالفعل نقوم بهذا الدور إلى حد كبير، لذلك لن يكون هناك تغيير ديناميكي في الأرقام أو المهمة التي لدينا هنا الآن".