استغلال ورقة الطاقة الروسية.. "سلاح" يؤلم اقتصادات أوروبا
اتهمت ألمانيا روسيا باستخدام الطاقة كـ" سلاح" بعد أن خفضت موسكو إمدادات الغاز الطبيعي كرد فعل انتقامي على العقوبات الأوروبية.
خفض 3% من واردات الغاز الروسي لألمانيا
وبحسب ما أعلنه وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، خفضت شركة كانت تابعة لشركة جازبروم الروسية واستحوذت عليها السلطات الألمانية من توريداتها بنحو 10 مليون متر مكعب من الغاز يوميا.
وفيما بدت الخطوة رمزية إلى حد كبير – حيث تمثل الكمية المخفضة نحو 3% من واردات الغاز الروسي لألمانيا، بحسب هابيك الذي يشغل أيضا منصب نائب المستشار أولاف شولتس، أعلن الكرملين أنه لن يتوانى عن الضغط على أكبر عميل للطاقة لديه.
وقال الوزير هابيك للصحفيين الخميس، ردا على الخطوة الروسية:" الموقف يتصاعد لنقطة أصبح عندها استخدام الطاقة كسلاح حقيقة واقعة".
وتسبب الخلاف الأخير حول إمدادات الطاقة في ارتفاع أسعار الغاز المرجعية في أوروبا بأكثر من 22%. وتصاعد المأزق الألماني مع توقعات بانخفاض شحنات الغاز القادمة عبر أوكرانيا بنسبة نحو 30% بسبب انقطاع عند نقطة دخول عبر الحدود جراء الحرب.
خطة بـ"195 مليار يورو" لاستبدال الطاقة الروسية
وقد أظهرت مسودة أن المفوضية الأوروبية بصدد الكشف عن خطة بقيمة 195 مليار يورو لوقف استيراد الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، وللجمع بين استخدام أسرع للطاقة المتجددة وتوفير الطاقة مع التحول إلى إمدادات بديلة للغاز.
تتضمن المسودة، التي يمكن أن تتغير قبل أن يتم نشرها الأسبوع المقبل، مزيجا من قوانين الاتحاد الأوروبي والخطط غير الملزمة والتوصيات التي يمكن أن تطبقها الحكومات الوطنية، بما في ذلك مراجعة الخطط المتعلقة بالمبالغ الضخمة المخصصة للتعافي من جائحة كوفيد-19 في الاتحاد الأوروبي ولإنفاق المزيد لتحويل مصادر الطاقة.
وتتوقع المفوضية أن تتطلب الإجراءات 195 مليار يورو من الاستثمارات، علاوة على تلك المطلوبة بالفعل لتحقيق أهداف المناخ لعام 2030، والتي من شأنها أن تساعد في خفض استهلاك أوروبا لواردات الوقود الأحفوري.
كما سيطرح الاتحاد الأوروبي أيضا إمكانية زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من دول بما في ذلك مصر وإسرائيل ونيجيريا، بالإضافة إلى تحديث البنية التحتية اللازمة لاستبدال واردات الغاز الروسي.
درس روسي لأوروبا
ويبدو أن أزمة الطاقة تتصاعد أكثر فأكثر في قارة أوروبا خاصة بعد انخفاض إمدادات الغاز الروسي لها بعد إعلان أوكرانيا حالة القوة القاهرة.
وتعد روسيا المصدر الرئيسي للطاقة للقارة العجوز سواء عبر النفط أو الغاز.
وتشهد كميات الغاز الروسي التي يتم ضخها إلى أوروبا عبر أوكرانيا انخفاضا بمقدار الثلث مقارنة بتقديرات أمس الأربعاء، وفق ما أعلنت الشركة النفطية الروسية العملاقة جازبروم، من جراء تأثر الإمدادات بالنزاع لليوم الثاني على التوالي.
وتراجعت تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا بمقدار الربع أمس الأربعاء بعد أن أوقفت كييف استخدام نقطة عبور رئيسية للغاز، وألقت باللوم على تدخل القوات الروسية المحتلة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتعطل فيها الصادرات عبر أوكرانيا منذ الغزو.
انتصار روسي بمعركة الطاقة
من جانبه، ألقى الرئيس الروسي بوتين، الخميس 12 مايو 2022، خطابًا بشأن التداعيات الاقتصادية من العقوبات المفروضة، تزامنا مع إقبال مزيد من الكيانات الأوروبية على الرضوخ لمطالب روسيا بشأن تسديد ثمن الغاز بالروبل.
وفي الوقت ذاته لم تخل الأجواء من محاولات أوروبية لتقليل حجم التأثير الروسي على قطاع الطاقة لديها رغم اعترافها ضمنًا بأن السوق يتعرض لأزمة نقص في الإمدادات.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع بشأن القضايا الاقتصادية، إن العقوبات الغربية ضد روسيا أضرت باقتصاديات تلك الدول التي فرضتها وأثارت أيضًا أزمة عالمية.
ووأوضح أن هذه العقوبات تثير أزمة عالمية إلى حد كبير وأن واضعيها مسترشدون بطموحات سياسية قصيرة النظر ومضخمة بينما ضرت العقوبات إلى حد كبير بمصالحهم الوطنية، واقتصاداتهم ورفاهية مواطنيهم.
وقال بوتين إن اللوم في العواقب العالمية للعقوبات ضد روسيا، بما في ذلك المجاعة المحتملة في عدد من الدول، يقع على عاتق الدول الغربية المستعدة للتضحية ببقية العالم من أجل هيمنتها.
وفي إشارة لمدى ما تتعرض له أوروبا من اختناق في الطاقة فتحت 10 شركات أوروبية أخرى حسابات مع "غازبروم بنك" لدفع تكاليف إمدادات الغاز الروسي وفقًا لأنباء وتقارير دولية.
ونتيجة لاستسلام المزيد من الشركات الأوروبية للمطالب الروسية ارتفع العدد الإجمالي للكيانات القانونية التي تستعد لدفع ثمن الغاز بالروبل إلى 20.
بينما قالت تقارير أمريكية إن ما يزيد على 14 شركة وكيانا جديدا تقدمت بالمستندات المطلوبة لفتح مثل هذه الحسابات مع البنك الروسي.
طوارئ مؤجلة في ألمانيا
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن التطورات أظهرت أنه يمكن استخدام الطاقة بوصفها سلاحا، موضحا أن شرط أن تكون ألمانيا آمنة في المستقبل هو توسيع نطاق الطاقات المتجددة الذي تسعى الحكومة الاتحادية لتحقيقه.
وقال هابيك، الخميس، إن بلاده قامت بالاستعداد للموقف، لافتا إلى أنه يمكن للسوق تعويض انقطاع الغاز من روسيا، بيد أن وضع إمدادات الطاقة يشهد تدهورًا ملموسا خاصة بعض القرار الأوكراني الأخير.
وقال وزير الاقتصاد الألماني إن أوكرانيا تبحث عن طرق جديدة لنقل الغاز الروسي إلى غرب أوروبا، بعدما أعلنت اضطرارها إلى وقف نقل الغاز الروسي في منطقة لوهانسك المتنازع عليها بشرق البلاد بسبب الحرب.
وقال هابيك إذا استمر النقص بمقدار الثلث فإن ذلك سيمثل بالطبع تحديا في أي وقت، بينما لا يرى سببا لإعلان مرحلة جديدة من خطة طوارئ الغاز الآن، حيث تطبق في الوقت الحالي المرحلة الأولى مرحلة الإنذار المبكر من أربع مراحل.