أسواق الطاقة.. سوق النفط في مهب التضخم والعوامل الجيوسياسية
الولايات المتحدة أوقفت واردات النفط الروسي، واستبدلته بتعزيز الإنتاج المحلي، والاستيراد من أسواق أخرى، بصدارة كندا، وبعض دول الخليج.
تدرس كل من حكومة الولايات المتحدة ومجموعة الدول السبع، سياسات لمعالجة ارتفاع أسعار النفط والتضخم في آن واحد، في وقت تسيطر روسيا على حصة رئيسة من أسواق الطاقة.
ومع ذلك، فإن الحظر الأمريكي المقترح لتصدير النفط الخام لدول العالم التي تقف إلى جانب روسيا في الحرب مع أوكرانيا، لن يؤدي إلا إلى تقليل التضخم، وبدلاً من ذلك قد يكون له تأثير معاكس يتمثل في زيادة أسعار البنزين.
- أسواق الطاقة.. هل يتكرر سيناريو 2008 لأسعار النفط؟
- أسواق الطاقة.. روسيا تبني آمالا على الشتاء لتفعيل "سلاح الغاز"
لغاية الآن، لم يؤثر قرار الولايات المتحدة بوقف واردات النفط الروسي إلى أراضيها بشكل رئيس على الأسعار، لكنه أحد أسباب وصول سعر الجالون في عديد الولايات لمستوى قياسي فوق 5 دولارات.
لكن التضخم الأكبر قد يحدث فعليا في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مع وقف واردات النفط ومشتقاته اعتبارا من نهاية العام الجاري، مع دخول العقوبات حيز التنفيذ.
وبالنسبة لمجموعة السبع، ستعتمد تأثيرات سقف أسعارها على عدد قليل من الجهات الفاعلة الرئيسية، وهي روسيا والصين والهند. في نهاية المطاف، قد تنخفض مستويات الأسعار ليس بسبب تدخل الحكومة ولكن بسبب المخاوف المتزايدة من الانكماش الاقتصادي.
وتشير أرقام صادرات النفط الروسية، أن وقف صادرات النفط الخام منها لن يساعد في تقليل التضخم، بل قد يزيده لسبب أن الاستثمارات العالمية في الطاقة التقليدية محبطة بالنسبة للمنتجين حول العالم.
الولايات المتحدة أوقفت واردات النفط الروسي، واستبدلته بتعزيز الإنتاج المحلي، والاستيراد من أسواق أخرى، بصدارة كندا، وبعض دول الخليج العربي.
لكن دخول قرار الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة نهاية 2022، بوقف الاعتماد على روسيا كمصدر للنفط، سيدفعهم للاعتماد على مصادر أخرى، وبالتالي تتوزع حصة المنتجين الآخرين على عدد أكبر من الدول، وفي النهاية يطرأ تراجع المعروض.
ولم يكن إعلان السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بتأجيل ضخ فوائض النفط لديها إلى الشتاء. محض صدفة، لكنه توقع من أن يؤدي تعليق النفط الروسي رفقة شتاء بارد إلى زيادة حادة في الطلب.
كذلك، تصدر الولايات المتحدة في المتوسط حوالي 3 ملايين برميل يوميا من النفط الخام، وهذا يعني أنه إذا تم قطع هذه الصادرات لصالح تغذية الأسواق المحلية، فسيحدث انخفاض في المعروض في الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع سعر النفط.
كذلك، سيؤدي حظر صادرات النفط الخام الأمريكي لصالح تحويله للاستهلاك المحلي، إلى زيادة العجز التجاري للولايات المتحدة، وسيؤدي إلى إزالة منفذ تصدير لمنتجي المنبع وقد يؤدي بهم إلى وقف الإنتاج.
ولتفسير النقطة الأخيرة، فإن شركات النفط الأمريكية تبيع الخام لشركات التكرير داخل الولايات بأسعار تقل عن بيعه للأسواق العالمية، وهذا سيقود إلى تراجع أرباح شركات الطاقة وقد يدفع بها لوقف الإنتاج.
كما أن الانخفاض في صادرات النفط الخام الأمريكي، سيؤدي إلى انخفاض في صافي صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات البترولية، مما يؤدي إلى زيادة أكبر في العجز التجاري للولايات المتحدة.
من المحتمل أيضا، أن يؤدي انخفاض إنتاج النفط الخام الأمريكي إلى جعل الولايات المتحدة أكثر اعتمادا على النفط الأجنبي على المدى الطويل، كحاجة لاستعادة الإنتاج الأمريكي المفقود.
وفي الاتحاد الأوروبي، سيؤدي انخفاض إمدادات النفط إلى ارتفاع الأسعار العالمية، وفي نفس الوقت الإضرار بالمستوردين الصافين مثل دول التكتل، وهو أمر مفيد لروسيا، حيث شكلت عائدات النفط والغاز 45% من ميزانيتها الفيدرالية في عام 2021.
مع بدء أوروبا في فرض حظر جزئي على النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية، سيصبح الوصول إلى النفط الأمريكي أكثر أهمية بالنسبة لأوروبا.
في الأشهر التي أعقبت الحرب على أوكرانيا، وصلت الصادرات الأمريكية لدول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى أعلى مستوياتها.
ومن المتوقع أن ترسل الولايات المتحدة 1.5 مليون برميل من النفط يوميا إلى أوروبا خلال الربع الأخير 2022، بزيادة قدرها 36% عن العام الماضي، حيث تمثل أوروبا الآن ما يقرب من 42% من جميع صادرات النفط الخام الأمريكية.
aXA6IDE4LjExNy4yMzIuMjE1IA== جزيرة ام اند امز