إنجلترا: صفقة نيمار سياسية وغير نظيفة لتجميل وجه قطر
تحقيق خاص لمراسل "العين" في لندن مع مدربين في الدوري الإنجليزي وصحفيين يعلقون على صفقة نيمار وما شابها من تصرفات غير نظيفة.
حالة من الذهول المصحوب بالغضب سادت عالم كرة القدم جراء الصفقة القياسية بانتقال نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان، وما رافقها من شبهات بوجود دوافع سياسية وراءها.
أرسين فينجر: تصرفات باريس سان جيرمان دخيلة على اللعبة وتعكس رغبة في التباهي لا أكثر
قيمة الصفقة وصلت إلى 198 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 220 مليون يورو)، علاوة على الراتب الضخم للاعب البرازيلي، ما وجه أصابع الاتهام إلى دولة قطر مالكة النادي الباريسي، بأنها أنفقت هذه المبالغ الطائلة كخطوة لاستعراض القوة، في محاولة للتحايل على مقاطعة جيرانها في الخليج لها بسبب دعمها للإرهاب.
أرسين فينجر مدرب أرسنال يوافق على هذا الرأي، قائلا لمراسل "العين" في لندن إن هذه الصفقة تضرب بقوانين اللعب المالي النظيف التي يطبقها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" عرض الحائط، على الرغم من أن هذه القوانين معنية بإجبار الأندية على ألا تنفق مبالغ أكبر من قدراتها، وقال المدرب الفرنسي: "بالنسبة لي، هذه توابع أن تتحكم الجهات المالكة للأندية في مجريات الأمور، وهو ما تسبب في تغيير معالم كرة القدم في آخر 15 عاما".
وأضاف: "عندما يحظى ناد ما بدعم دولة يصبح كل شيء ممكنا بالنسبة له، ويكون من الصعب احترام قوانين اللعب المالي النظيف لأن لديك أغراض أخرى تدفعك للتعاقد مع اللاعبين لتمثيل الفريق بمقابل ضخم، هذا يبدو أمرا دخيلا على اللعبة".
كذلك لم نعد بعد في تلك الفترة التي نعتبر فيها أن بإمكاننا الحصول على مكاسب مالية من وراء المبالغ التي قمنا باستثمارها، بل الأمر أبعد من ذلك، الأرقام في الوقت الحالي تعكس رغبة في التباهي لا يمكن السيطرة عليها.
وأردف "التضخم في طريقه للارتفاع بشكل جنوني، أسعار الانتقالات تخطت حاجز الـ 100 مليون يورو العام الماضي وبعدها بعام واحد تخطت الـ 200 مليون يورو، الأمر تخطى الحدود المعقولة".
أنطونيو كونتي مدرب تشيلسي قال بدوره "إن الموضوع معقد، فنيمار واحد من أفضل اللاعبين في العالم، وهذه النوعية من اللاعبين غالبا ما يلعبون في فريق واحد حتى نهاية مسيرتهم أو ينتقلون قبل الاعتزال بفترة بسيطة، لكن علينا أن نتقبل وجود هذه المبالغ، بالنسبة للاعب عادي يمكن التعاقد معه مقابل 40 أو 50 مليون جنيه استرليني، وبالنسبة لنجم كبير سيكون عليك دفع مبالغ أكبر".
الصحافي جيمس مونتاجي: المقاطعة العربية هدفت لإعادة قطر إلى رشدها لكن الحقيقة أنها ازدادت رعونة
من جهته رأى الصحفي جيمس مونتاجي، المختص في كرة القدم الخليجية، أن صفقة نيمار هي مجرد تحرك سياسي من قطر لإثبات أنها لن تتأثر بالمقاطعة.
مونتاجي قال في تصريحات خاصة لمراسل "العين" في لندن أن باريس سان جيرمان يقوم بملاحقة الأندية الكبيرة في العالم مثل ريال مدريد وبرشلونة، من أجل ضم لاعبين على مستوى عالي، والكثير من الناس يعتبرون أن نيمار من أفضل اللاعبين في العالم حاليا، ولكي تضمه عليك دفع أكثر من المعقول، لكن الصفقة ذهبت في اتجاه جنوني وتجاوزت ضعف الصفقة القياسية السابقة لها، بانتقال بول بوجبا من يوفنتوس إلى مانشستر يونايتد".
وأضاف: "هناك عنصر آخر ساهم في إتمام هذه الصفقة، وهو أن باريس مملوك بالفعل لدولة قطر، أي أنها تمت بمال حكومي، ما يعني أن قطر ستمر بظروف اقتصادية قاسية جراء ذلك".
وأردف ملخصا مجمل الصفقة من وجهة نظره فقال "من المفترض أن تتسبب المقاطعة في إعادة حكام قطر لرشدهم، وإظهار أن الدولة الصغيرة لن تتمكن من العمل دون التعاون مع جيرانها، لكن القطريين بدلا من ذلك لجأوا لضخ استثمارات ضخمة، مثل صفقة نيمار القياسية، وكأنهم يوجهون رسالة للعالم مفادها "لا نهتم لما يحدث"، فنحن نملك المال وبإمكاننا التعاقد مع هؤلاء النجوم ووضعهم في فريقنا والفوز بدوري أبطال أوروبا، الذي يعد هدفا لسان جيرمان والأسرة الحاكمة في قطر، فمنذ بداية الألفية الجديدة وهم يستخدمون الرياضة كقوة ناعمة".
الصحافي ريتشارد كونواي: نيمار مجرد ورقة بيد قطر تلاعب العالم بها
وعما إذا كان يمكن اعتبار الصفقة أمر سياسي قال "بقدر معرفتي، فإن هذه الصفقة سياسية في المقام الأول، يمكنك أن ترى كيف ساعدت الدولة في إتمامها، إنها قطر التي قامت بشراء اللاعب وليس النادي، هذا الرقم الخرافي يجعلك تتساءل لماذا تمت هذه الصفقة، إذا لم تكن في الأساس متعلقة بكرة القدم".
برشلونة ورابطة الدوري الإسباني "الليجا" لم يسعدا برحيل نيمار، خافيير تيباس رئيس الرابطة أعرب عن قلقه من اعتماد سان جيرمان على قطر، وقال إن هذه الصفقة هي عملية "احتيال مالي"، قام بها باريس باستخدام المال القطري.
ريتشارد كونواي، الصحفي في هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، الذي أجرى لقاء مع نيمار حين كان في صفوف برشلونة، قال إن الانتقادات الموجهة للصفقة تتعلق بالمبلغ الضخم الذي تم إنفاقه، وهناك تساؤل حول كون نيمار مجرد ورقة تظهر بها قطر قدرتها على التأثير في الساحة العالمية، لكنني لست متأكدا تماما".
وأضاف: "الناس تنسى أن باريس يحاول بكل قوة ضم مجموعة من أفضل اللاعبين في العالم على مدار السنوات الست الماضية، وأبرز هؤلاء كان إبراهيموفيتش، كان بإمكان نيمار الانضمام لأي ناد لكنه استقر في النهاية على باريس، لذا فإن هذه الصفقة هي أساسا تصعيد في نشاطات النادي في سوق الانتقالات، لكن في الوقت ذاته لها استخدام سياسي في مواجهة المقاطعة المفروضة على قطر، وذلك باعتبار سان جيرمان أحد أساليب قطر في استخدام القوة الناعمة".
وأضاف "أتخيل أن القطريين يستخدمون هذه الصفقة لإثبات أنهم لن يتأثروا بالمقاطعة، وإشارة للعالم أنهم ما زالوا قادرين على إتمام الأعمال".
روري سميث، صحفي في جريدة "نيويورك تايمز"، قال إن ما حدث يبدو أنه اليوم الأول في عالم جديد لكرة القدم الأوروبية، عندما يحصل ناد مثل باريس سان جيرمان على لاعب بقيمة نيمار، ويخطفه من ناد كبرشلونة، وعندما ينفق ناد مدعوم بصندوق استثماري تابع لدولة هذا المبلغ الضخم، لم نر شيئا كهذا من قبل".
جدير بالذكر أنه منذ 2011، فإن جهاز قطر للاستثمار المملوك لحكومة الدوحة هو صاحب النصيب الأكبر من أسهم سان جيرمان.