أذرع "النهضة" الإعلامية بتونس.. بث السموم وخدمة الأجندات الإخوانية
لم تتوان حركة النهضة الإخوانية خلال العشرية السوداء، في تمكين عناصرها وتقوية نفوذها، ونشر أذرع في عصب الإعلام التونسي.
وطوال 10 سنوات في الحكم، امتلك إخوان تونس جناحا إعلاميا يضم قنوات تلفزيونية وإعلاميين منتشرين في صحف وإذاعات مختلفة.
ومنذ عودة الإخوان من المنافي إلى تونس عام 2011 بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي, دخلت حركة النهضة في علاقة متشنجة مع الإعلام التونسي واتهمته بـ"إعلام العار" كما دخلت في صراع مع نقابة الصحفيين التونسيين.
وقامت الجماعة بتشويه الإعلاميين التونسيين الذين نشطوا في عصر بن علي، ونفذت اعتصامات أمام مقر التلفزيون الرسمي التونسي لإغلاقه وطالبت ببيع مؤسسات الإعلام العامة. لكنها فشلت في ذلك، ما دفعها لخلق "شبكة إعلامية بديلة" تروج لأفكارها وسياساتها وتخدم أجنداتها.
الإعلام البديل
لتحقيق هدف "الإعلام البديل"، قامت حركة النهضة الإخوانية بتدشين ست قنوات تلفزيونية و6 مواقع إلكترونية وثلاث صحف ورقية وكثير من المجلات الدورية فضلا عن عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ،إلى جانب صحيفة الحزب الرسمية "الفجر" وبعض وسائل الإعلام المحلية الأخرى التي قامت الحركة بشراء أسهمها بأموال غير معلومة المصدر.
وقناة الزيتونة الإخوانية كانت أولى القنوات التي تم تأسيسها بعد 2011، على يد القيادي في حركة النهضة أسامة بن سالم عام 2012، وتعمل خارج القانون التونسي، ضاربةً عرض الحائط بالمطالب المتكررة بتسوية أوضاعها القانونية، وفق مراقبين.
ولا تزال هذه القناة تعمل حتى الآن على نفس المنوال وتقدم برامج تعتمد على تشويه الخصوم وبث البلبلة والفوضى.
كما تم إنشاء قناة "المتوسط" التي أشرف عليها الإخواني نور الدين العويديدي، وتحولت فيما بعد إلى قناة تحمل اسم "أم تونزيا"، إضافة لثلاث قنوات دينية وهي "القلم" و"الإنسان" و"الزيتونة هداية" ويملكها صاحب قناة الزيتونة أسامة بن سالم، على حد قول المراقبين.
الجماعة بثت أيضا، "شبكة تونس الإخبارية TNN" وهي قناة تتبع حركة النهضة بامتياز كان يديرها أحد قيادات الحركة، وهو جمال الدلالي، قبل أن يتم إغلاقها.
وإلى جانب القنوات الفضائية، "توجد شبكة مهمة من الصحف الإلكترونية الموالية للنهضة منها "موقع زوم تونزيا"، وموقع الشاهد، وموقع البناء نيوز، وموقع الصدى، وموقع الحقيقة، وموقع جريدة الضمير"، حسب رصد مراقبين.
وفي سبتمبر/أيلول 2020، كشف وزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد التونسي، محمد عبو، في ندوة صحفية عقدها في مقر وزارته عن شكوى رسمية تقدمت بها وزارته إلى القضاء ضد حركة النهضة بتهمة "امتلاك قنوات تلفزيونية تستعمل لغسيل الأموال من خلال عمليات الإشهار (الإعلانات)".
وأضاف محمد عبو أنه "بالإضافة إلى الشكوى، فقد طالب بالتدقيق في ممتلكات ومقرات وسيارات حركة النهضة"، مضيفا في تصريحاته "النهضة الحزب الأول.. وتدمر الحياة السياسية في تونس ولديها تضارب مصالح".
غسل أموال
ويرى نجيب البرهومي الناشط والمحلل السياسي، أن حركة النهضة أول ما قامت به بعد 2011، هو بعث أذرع إعلامية لتروج أفكارها وأجنداتها الإخوانية المسمومة، وكانت بوق دعاية لها".
وأكد في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن النهضة لم تكتفِ بالإعلام التقليدي سمعيّاً وبصريّاً، بل إنّها أعادت إصدار الجريدة الناطقة باسمها "الفجر" وبعثت مواقع إخبارية ناطقة باسمها كما اشترت أسهما في قنوات إعلامية كانت مستقلة وأصبحت تروج لأفكار الحركة. .
وتابع أن "إخوان تونس كانت تستغل الإعلام لتبييض أموالها، مؤكدا أن حركة النهضة الإخوانية "حاولت تركيع الإعلام الحكومي أيضا لكن محاولاتها انكسرت على صخور أصوات رفض الأيادي المتسللة عبر تعيينات إخوانية تعمل لخدمة أجندات حزبية".
ومضى مؤكدا أن الشعب التونسي كان يعلم تلك القنوات الإخوانية وكان يميز ويفقه جيدا الاختلاف بين التوجهات، لذلك لم يؤثر ذلك الإعلام الإخواني عليه.
من جانبه، رأى منصور الطريقي، الباحث في العلوم السياسية بالجامعة التونسية، أن الإخوان فشلوا في المخططات الهادفة لتدجين الإعلام الحكومي وكل تعييناتهم تم رفضها من قبل العاملين والصحفيين ونقابة الصحفيين.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن إخوان تونس طيلة السنوات الماضية، قاموا بشراء منابر إعلامية في الإعلام الخاص لتحسين صورتهم خاصة بعد الكم المهول من الفضائح التي كانت تتفجر في صفوف الجماعة.
وتابع: "كما تعرض صحفيون إلى التهديد بالتصفية وذلك في مسعى لإسكات كل الأصوات التي تفضح ممارسات الجماعة الإرهابية".
الذباب الإلكتروني
وإلى جانب الإعلام، وفي الطابق الخامس من مقر حزب النهضة، كان راشد الغنوشي يعتمد على مجموعة من الأفراد المتخفين وراء هويات مزيفة، عملوا على استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لخلق جيوشٍ إلكترونية، بهدف تأليب الرأي العام والتأثير السلبي على الاستقرار الوطني، وتعرف هذه التقنية عادة باسم "الذباب الإلكتروني".
ويستخدم مصطلح "الذباب الأزرق" في توصيف المليشيات الرقمية النشطة على الإنترنت لتشويه الخصوم، والتابعة لحركة النهضة.
ومن هذا المقر المركزي لحركة النهضة التي يتزعمها الغنوشي، تمت إدارة العملية بالتعاون مع شركات متخصصة في إنتاج وتطوير المحتوى الرقمي، لعل أبرزها شركة "أنستالينغو" التي تواجه قضايا تآمر على أمن الدولة والجاسوسية.
وهذه الشركة ملك الإخواني هيثم الكحيلي الذي صدرت بحقه مذكرة جلب دولية، وهو فار حاليا إلى فرنسا.