أردوغان والأسد.. 3 فوائد لتركيا تسرع اللقاء على وقع حراك إقليمي
على وقع التطورات المتلاحقة والحراك الدبلوماسي الإقليمي، بات لقاء الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد "ضرورة".
هذا اللقاء الذي اعتبر خبراء ومراقبون أنه بات "صعبا"، فيما رأى آخرون أنه "ممكن" في ظل الضغوط والوساطات الدولية لتحقيق مثل هذا اللقاء الذي يفكك سنوات من الجمود الذي يصل إلى "العداء".
- الأسد بأبوظبي مجددا.. دبلوماسية الإمارات تسرع عودة سوريا لحاضنتها العربية
- في حالة واحدة فقط.. شروط الأسد للقاء أردوغان
لقاء يشعل الآمال
ورغم أن اللقاء التشاوري المشترك بين إيران وتركيا وروسيا وسوريا، الذي أعلن عنه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو خلال الأيام المقبلة، بث الأمل في اللقاء بين الأسد وأردوغان، إلا أن مصادر إيرانية مطلعة على الاجتماع المرتقب لم ترجح هذا اللقاء.
وقالت المصادر في تصريحات صحفية، إن "شرط الرئيس السوري ومطالبته لتركيا بوقف دعم من سماهم (الجماعات الإرهابية) والانسحاب من الأراضي السورية أصبح عائقا أمام إعادة العلاقات الطبيعية بين أنقرة ودمشق".
وأضافت المصادر الإيرانية، أن "طهران تحاول دفع أردوغان والأسد إلى الاجتماع وتطبيق العلاقات في ظل التطورات والحراك بالمنطقة".
ونقلت وكالة أنباء ريا نوفوستي عن ميخائيل بوغدانوف، قوله إن "هذا الاجتماع سيعقد مطلع الشهر المقبل في أبريل/نيسان، وسيكون على مستوى نواب وزراء خارجية هذه الدول الأربع".
فيما ذكر موقع "رويداد 24" الإيراني، أن "المعلومات الأولية أشارت إلى أن هذا الاجتماع الرباعي يأتي في إطار عملية إعادة العلاقات الطبيعية بين تركيا وسوريا بوساطة إيران وروسيا".
وأضاف: "كان من المتوقع أن تنتهي هذه العملية في نهاية المطاف مع اجتماع بين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان وأن يتم اتخاذ خطوة كبيرة في استعادة العلاقات في ظل موقف سوريا في الشرق الأوسط".
شروط تعقد اللقاء
وفي 15 آذار/ مارس الجاري، توجه بشار الأسد من دمشق إلى مطار فنوكوفو الدولي في موسكو بطائرة إليوشن إيل -62 الخاصة التابعة لوزارة الدفاع الروسية للقاء فلاديمير بوتين والتحدث معه.
وذكر الجانب السوري بعد هذا الاجتماع أنه إذا كانت المبادرات الإقليمية التي تدعمها موسكو "تؤدي إلى مصالح الشعب السوري ووحدة وسلامة أراضيه، وضمان محاربة الإرهاب وانسحاب الدول الأجنبية من سوريا، بنتيجة واضحة دمشق ستؤيد أي حوار".
واعتبر العديد من الخبراء أن هذه الكلمات التي أطلقها الرئيس بشار الأسد كانت موجهة إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وأكد الأسد دعمه لجهود روسيا للتوسط في محادثات مع تركيا، قائلا: "لروسيا علاقات جيدة مع كل من تركيا وسوريا، ونحن نثق بروسيا لأنها عملت كوسيط لتسهيل علاقاتنا مع تركيا".
لكنه في الوقت نفسه، طرح أيضًا شرطًا مسبقًا للاجتماع مع أردوغان، وهو انسحاب القوات التركية من شمال سوريا.
ورغم أن المتحدث باسم الكرملين قال في 16 مارس/آذار إن المشاورات لتمهيد الطريق للقاء بين الرئيس التركي ونظيره السوري لا تزال مستمرة على مستويات أدنى، لكن رسالة الأسد كانت واضحة.
وتساءل الأسد في هذا الحديث: "ما فائدة هذا الاجتماع، وإذا لم يؤدِ إلى نتيجة نهائية للحرب في سوريا، فلماذا يعقد؟".
وفي غضون ذلك، أفادت وسائل الإعلام التركية أنه بينما تدعم روسيا إشارات استعادة العلاقات الطبيعية بين تركيا وسوريا وتحاول لعب دور في دفع العملية، فإن الولايات المتحدة تقول إن "الوقت غير مناسب" لمثل هذا التطبيع مع دمشق.
الانتخابات التركية تسرع اللقاء
واعتبر مراقبون أن الانتخابات التركية قد تسهم في تسريع هذا اللقاء، خاصة أن استعادة العلاقات ستساعد في حل الكثير من القضايا العالقة بين البلدين والتي تؤثر على الوضع الداخلي التركي.
وتعد أبرز قضية تؤثر بشدة على الوضع الداخلي لتركيا، قضية اللاجئين السوريين في تركيا، ويسهم استعادة العلاقات بين تركيا وسوريا في القضية المثيرة للجدل المتمثلة في إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
ويلعب كل من أردوغان وكمال قليجدار أوغلو، منافسه الرئيسي في الانتخابات الرئاسية، ورقة اللاجئين ويقدمان عرضًا لإعادتهم إلى سوريا.
والنتائج الإيجابية التي يمكن أن يحققها تطبيع العلاقات التركية السورية لأردوغان نوقشت بجدية شديدة في الأوساط التركية.
وفي سياق متصل، أبلغ مسؤول لبناني وكالة "أسوشيتيد برس"، أن "اجتماعات بين كبار المسؤولين في سوريا وتركيا جارية".
وقال المسؤول الذي لم يكشف عن اسمه، إن "أردوغان طلب في رسالة على ما يبدو من الأسد جلب الجيش السوري إلى مناطق سيطرة الأكراد في شمال البلاد".
وبحسب المسؤول فإن "سبب مطالبة أنقرة بدخول الجيش السوري إلى مناطق سيطرة الأكراد، يهدف إلى تقييد وصول الجماعات الناشطة في هذه المنطقة إلى الغاز والنفط، وكذلك منع هذه الجماعات من تنفيذ الهجمات".
هل يمكن أن يجتمع الرئيسان؟
رغم مرور أكثر من عقد من العداء بين البلدين، ظهرت في عام 2022، ظهرت أولى بوادر تغيير المسار، والتي لم تقتصر على سوريا.
وتحولت السياسة الخارجية لتركيا هذا العام إلى عملية استعادة العلاقات الطبيعية مع الدول التي عانت معها أزمات في الماضي، مثل إسرائيل ومصر وأرمينيا، وإلى جانب هذه الدول، تم التطرق إلى موضوع دمشق.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في خطاب ألقاه في أغسطس 2022 إنه التقى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ومنذ ذلك اليوم، تم إرسال إشارات من أنقرة مع تهديدات متقطعة لتنفيذ عملية التطبيع مع دمشق.
وتشير الأدلة إلى أن تركيا ليست وحدها التي تسعى إلى تحسين علاقاتها مع سوريا، ولكن يمكن أيضًا سماع نفس الإشارات من عدة دول في المنطقة، لأن العديد من هذه الدول تعتبر الوضع في سوريا مستقرًا.
والآن تركيا جزء من الكتلة التي تريد تحسين علاقاتها مع سوريا في الشرق الأوسط، ولدى حكومة أنقرة أسبابها القوية لتحسين العلاقات مع هذا البلد، خاصة وأن هذا البلد عشية الانتخابات الرئاسية.
وتسبب وجود 3.7 مليون لاجئ سوري في تركيا في استياء كثير من مواطني هذا البلد في ظروف اقتصادية سيئة.
واللقاء بين أردوغان والأسد واختتام المفاوضات لوضع برنامج لمغادرة اللاجئين يمكن أن يقلل من مستوى الاستياء وبطريقة ما يضمن نتيجة الانتخابات في هذا البلد لأردوغان.
لكن يبدو أن الأسد لن يسمح لأردوغان باستخدام هذه البطاقة بسهولة، ولا يبدو اللقاء بين الرئيسين في الأشهر الأولى من السنة الجديدة ممكنًا للغاية في ظل الظروف الحالية؛ لأن هذه المحادثة عالقة في حلقة مفرغة لم تتمكن روسيا من حلها.
ومن جهة، تريد تركيا من الحكومة السورية جلب الجيش إلى مناطق سيطرة الأكراد في شمال البلاد، فيما تريد سوريا من جهة أخرى انسحاب تركيا من أراضيها.