"إن رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان المعروف بحبه لتركيا كانت مرتكزاً مهماً لما حققته علاقات البلدين والمستوى الذي وصلت إليه".
هكذا وبكلمات واضحة عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الدعم الإماراتي الإنساني والسياسي للشعب التركي، انطلاقا من العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الإماراتي والتركي.
كلمات الرئيس التركي جاءت على هامش حضوره مراسم نقلة اقتصادية نوعية جديدة في علاقات البلدين، وهي توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والجمهورية التركية، بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال قمة عقدها الزعيمان عبر تقنية الاتصال المرئي، الجمعة.
وقال أردوغان بهذه المناسبة: "نكتب اليوم معاً فصلاً جديداً في علاقاتنا"، مشيراً إلى أن "الجهود المشتركة للجانبين من أجل تعزيز علاقاتهما الاقتصادية الثنائية والتي تقوم على تاريخنا المشترك وثقافتنا وقيمنا تسهم أيضاً بشكل كبير في ازدهار ورفاهية واستقرار منطقتنا والعالم".
وأضاف أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان اليوم والمزايا المهمة التي تضمنتها، مثل تحرير السلع الثنائية والخدمات والتجارة مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتيسير عمل المستثمرين ووضع قواعد لحماية حقوق الملكية الفكرية وفق أعلى المعايير، سيشكل كل هذا حافزاً لتعزيز التجارة والاستثمارات.
وتابع: "سنقطف ثمار هذه الاتفاقية في بلدينا ومنطقتنا خلال فترة زمنية قصيرة، ما سيحفز على مزيد من التعاون بين مجتمع الأعمال في كلا البلدين".
رسالة شكر واجبة
أشاد الرئيس رجب طيب أردوغان بالدعم الذي تقدمه دولة الإمارات إلى تركيا منذ اليوم الأول للزلزال، مثمنا الجهود التي بذلتها فرق البحث والإنقاذ الإماراتية في مناطق الزلزال بجانب الدعم الكبير الذي تقدمه المستشفيات الميدانية التي أقامتها دولة الإمارات وخدماتها في هذه المناطق.
كما أشار إلى الزلازل التي شهدتها مناطق واسعة من تركيا والدمار الكبير الذي سببته وتداعياته على نحو 14 مليون تركي يعيشون في هذه المناطق، متطلعاً إلى إعادة إعمار هذه المناطق خلال عام وتشييد مبان عالية الجودة وآمنة لمواجهة تحديات السكن في مناطق الزلزال بأكملها.
وخلال مراسم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وتركيا مساء الجمعة تطرق أردوغان إلى الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا والهزات الارتدادية التي تبعته، قائلاً: "في هذه المرحلة فإن أكبر الداعمين لنا هم أصدقاؤنا وأشقاؤنا مثل دولة الإمارات".
وذكر أن فرق البحث والإنقاذ التي أرسلتها دولة الإمارات منذ اليوم الأول للزلزال شاركت في عمليات الإغاثة بولايتي قهرمان مرعش وأدي يامان، مشيرا إلى أن المستشفيات الميدانية التي أقامتها قدمت دعماً كبيراً عبر الخدمات الصحية التي وفرتها في ولايتي هطاي وغازي عنتاب.
وأعرب الرئيس أردوغان باسمه والشعب التركي عن شكره لدولة الإمارات إزاء الدعم الذي قدمته عبر الممرات الجوية والبحرية التي أقامتها من أجل نقل المساعدات، مؤكدا أن "الشعب التركي لن ينسى أبداً يد العون التي امتدت له في هذه الأيام العصيبة".
دعم إماراتي لا محدود
كعادتها كانت دولة الإمارات أول مَن يمد يد العون إلى المتضررين من الزلزال المدمِّر الذي ضرب جنوبي تركيا في السادس من فبراير/شباط الماضي.
وحرصا على استدامة العملية الإغاثية وشموليتها وتكاملها، لتحقيق أهداف سريعة وواسعة تخفف من آثار الدمار الكبير الذي خلفه الزلزال، أطلقت دولة الإمارات وقيادتها عملية "الفارس الشهم 2" تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وضمت العملية تحالفا واسعا من المؤسسات العسكرية والأمنية والدبلوماسية والإنسانية والخيرية لتنسيق جهود الإغاثية بشكل فعال.
استمرت مرحلة الاستجابة السريعة لعملية "الفارس الشهم 2" لمدة أسبوعين كاملين تم خلالها إرسال فرق بحث وإنقاذ لكل من سوريا وتركيا بمجموع 134 منقذا وتسيير جسر جوي، حيث وصل عدد الرحلات الجوية إلى 136 رحلة، فيما تم نقل 3772 طنا من المواد الإنسانية والغذائية والطبية، كما تم افتتاح مستشفيين ميدانيين في تركيا.
ويوم الإثنين 20 فبراير/شباط، أعلنت قيادة العمليات المشتركة بوزارة الدفاع الإماراتية انتهاء عمليات فريق البحث والإنقاذ من وزارة الداخلية المشارك ضمن عملية "الفارس الشهم 2" في تركيا، بعد إعلان منظمة الطوارئ والكوارث التركية (AFAD) عن انتهاء عمليات البحث والإنقاذ.
ويعتبر فريق البحث والإنقاذ الإماراتي آخر فريق مصنف دوليا يغادر تركيا، وذلك بعد إعلان الحكومة التركية عن انتهاء عمليات البحث والإنقاذ، حيث نفذ فريق البحث والإنقاذ من وزارة الداخلية الإماراتية مهام البحث عن الناجين في 3 مناطق هي الأصعب في محافظه كهرمان مرعش منذ حدوث الزلزال.
وبات هذا النموذج من الدعم الإماراتي اليوم صك تميز وعلامة دولية في مسيرتها الحافلة بالإنجازات، خاصة أن إنسانية الإمارات معين لا ينضب وإرث غني تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل.
وأثبتت دولة الإمارات على الدوام أن الإنسانية ممارسة وليست أقوالا، وهناك العديد من المواقف المليئة بالكثير من المعاناة والتي سرعان ما تتحول إلى غبطة وسعادة غامرة مع رؤية ثمارها يانعة بالخير للمحتاجين والمعوزين في شتى بقاع الأرض.
دبلوماسية العطاء
الوقوف بجانب تركيا أكدته قيادة دولة الإمارات وظهر جليا في تصريحات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، حينما شدد على وقوف الإمارات بجانب البلدين في هذه الظروف الصعبة، والمأساة الإنسانية الكبيرة، واستعدادها لتقديم كل دعم ممكن للمساعدة في مواجهة آثار الزلزال المدمر.
تحركات فورية على أكثر من صعيد وضمن أكثر من مسار قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، جعلت مساعدات الإمارات ورجالها حاضرين خلال ساعات من وقوع الزلزال إلى جانب الأشقاء والأصدقاء في سوريا وتركيا لتقديم المساعدة وإزالة آثار الزلزال وتضميد أوجاع وآلام المصابين والمنكوبين.
وتأتي تلك الجهود الشاملة والمتكاملة ضمن دبلوماسية العطاء الإماراتية واستراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز، بناء على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين، الأمر الذي يتوجها بحق عاصمة للإنسانية.
كما تأتي تلك الجهود سيرا على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات في العطاء ومواصلة أعمال الخير، وحرصا على استدامة أعمال الخير والأعمال الإنسانية التي كان يحرص على ديمومتها.
وسيرا على درب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يواصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مسيرة الخير التي بدأها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وفاء لسيرته واستلهاما لحكمته، لتحتل دولة الإمارات لسنوات عدة المركز الأول عالميا كأكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية نسبة إلى دخلها القومي.
رسائل إنسانية هامة تجسد قيم ومبادئ الإمارات الراسخة في مساعدة ودعم الشعوب ونجدة الملهوف والمستغيث، وتؤكد من خلالها الإمارات وقيادتها الرشيدة أنها ستبقى على الدوام بمقدمة الدول في تقديم المساعدات الإنسانية لكافة شعوب العالم.