خبراء يحذرون: أطماع أردوغان لا تتوقف والصومال هدفه المقبل
محللون غربيون يرون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرسم حدود الإمبراطورية العثمانية الجديدة بنشر قواته في ليبيا وسوريا والسودان.
حذر خبراء ومحللون من أن يكون الصومال هدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المقبل للغزو للتوسع الاستراتيجي، الذي يهدف إلى أبعاد اقتصادية وجيوسياسية.
ورأوا أن أردوغان يسعى لرسم حدود الإمبراطورية العثمانية الجديدة بنشر قواته في قطر وليبيا وسوريا والسودان، والتدخل في شؤون دول الجوار.
وتحت عنوان "أردوغان يحلم بإمبراطورية عثمانية جديدة"، أشارت مجلة "تشالنج" الفرنسية إلى أن أردوغان ينشر قواته في جميع أنحاء المنطقة؛ من ليبيا إلى سوريا والسودان والصومال، في توسع استراتيجي يهدف إلى أبعاد اقتصادية وجيوسياسية.
وقال الكاتب الفرنسي المتخصص في الشأن التركي جيوم بيريير إنه بعد أقل من ثلاثة أشهر من العدوان العسكري التركي ضد الأكراد في شمال سوريا، أطلقت تركيا عملية عسكرية أشد عدواناً محفوفة بدرجة عالية من المخاطر في ليبيا.
وأضاف مؤلف كتب "إسطنبول" و"ما يدور في رأس أردوغان" أن الجيش التركي، الذي يعد الجيش الثاني في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، يخطط هذه المرة لغزو ليبيا، وهي أرض عثمانية قديمة، موضحاً أن أردوغان لديه مطامع اقتصادية واستراتيجية قوية.
وأشار الباحث المتخصص في الشأن التركي إلى أنه "في مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، صادق أردوغان، بتصويت من البرلمان، على إرسال قوات لدعم مليشيات حكومة الوفاق في طرابلس التي يرأسها فايز السراج، التي تواجه قوات الجيش الوطني الليبي".
وأوضح بيريير أن القوات التركية أرسلت حوالي 200 قائد عسكري كتعزيزات، بالإضافة إلى مئات المرتزقة السوريين في الوقت الحالي، مضيفاً أنه "في انتظار نشر قوات أكثر لتعزيز طموحاته والتلاعب باتفاقية وقف إطلاق النار مع روسيا".
المطامع الاقتصادية في ليبيا
ووفقاً للمجلة الفرنسية، فإنه إذا كان الرئيس التركي يهرع لمساعدة حكومة طرابلس، فذلك لأن لديه أكثر من ورقة واحدة للعبها في هذه المناورة.
وأشارت إلى أن حقول الغاز في أعماق البحر المتوسط تشكل أولويات تركيا، وذلك في مواجهة تحالف الطاقة المنافس، الذي ينشأ بين إسرائيل وقبرص واليونان ومصر، لذا قررت أنقرة الاستمرار في الهجوم، لبسط سيطرتها على تلك الحقول.
وتابعت المجلة: "في 5 ديسمبر/كانون الأول، وقّع أردوغان اتفاقية مع الحكومة الليبية (حكومة فايز السراج) لإنشاء مناطق اقتصادية كبيرة وحصرية في أعالي البحار، بهدف إجراء السماح لتركيا بالتنقيب في تلك المنطقة الاقتصادية".
وأوضحت أنه بالنسبة لأردوغان، فإن تلك الاتفاقية بمثابة استعادة موطئ قدم في ليبيا، وهو مجال مألوف له، بعد إقصائه منذ تسع سنوات.
ولفتت المجلة الفرنسية إلى أنه قبل سقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011 كان رجال الأعمال الأتراك يحتكرون فعلياً جميع عقود البنى التحتية في ليبيا؛ الطرق، الكباري، الملاعب، الجامعات، حتى الموانئ والمطارات".
وأوضحت أنه ما اندلعت الأزمة تم التخلي عن عقود قيمتها نحو 20 مليار دولار، بينما قبلت طرابلس تعويضات مالية بقيمة 2.7 مليار دولار، لكن الشركات التركية المحتاجة إلى منافذ البيع ترغب في العودة إلى السوق الليبية.
بدوره، قال سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى ليبيا وتركيا مارك بيريني إن "أنقرة تريد أن تستعد لإعادة إعمار البلاد، وهو الهدف الرئيسي لشركاتها"، مضيفاً أن" ليبيا تعتبر أيضاً بالنسبة لتركيا مكاناً رائعاً لاختبار صناعتها العسكرية المتنامية".
وتابع الدبلوماسي الأوربي: "إن تركيا سلمت حكومة طرابلس مركبات مدرعة وطائرات مسلحة من طراز (بي.إم.سي) من صنع شركة البيرقدار، وهما شركتان مرتبطتان بشكل وثيق بحاشية الرئيس التركي".
وعادت المجلة الفرنسية قائلة: "إنه منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، يهبط مئات المقاتلين الموالين للأتراك بالمئات على ليبيا، ويتم نقلهم ليلاً عن طريق الجو"، موضحة أن أجهزة الاستخبارات الغربية رصد وصول أكثر من 3 آلاف مقاتل سوري بموجب أوامر من أنقرة بالفعل إلى ليبيا، لدعم حكومة طرابلس إلى جانب الجيش التركي، إنها هدية عظيمة من تركيا إلى حلفائها.
وتابعت: "يتم تجنيد آلاف آخرين من قبل الاستخبارات التركية، وتدريبهم في تركيا لنقلهم إلى الأراضي العثمانية السابقة".
وقالت المجلة الفرنسية إن هؤلاء ما يطلق عليهم "كلاب الحرب" ينتمون إلى فصائل سورية يحاربون تحت لواء الجيش التركي منذ عام 2016، وتم استخدامهم في العمليات الأخيرة ضد الأكراد، موضحة أن هذه المرة تم نقلهم بالمظلات على بعد 3 آلاف كيلومتر من الأراضي السورية إلى ليبيا براتب آلفي يورو شهرياً أي (25 مرة أكثر مما كانوا يتلقون من قبل).
ووفقاً لمصادر المجلة الفرنسية، إنه قُتل ما لا يقل عن عشرة من هؤلاء المرتزقة السوريين على خط المواجهة في طرابلس، في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي.
تأثير التوسع الجيوسياسي التركي داخليا
وفيما يتعلق بالدافع وراء هذا التصعيد، قال بيريني: "إنها مسألة سياسية داخلية مخضة في مواجهة الصعوبات الاقتصادية، والصفعة التي تلقاها في صناديق الاقتراع منذ أن خسر بلدية إسطنبول، لصالح خصمه أكرم إمام أوغلو في يونيو/حزيران الماضي".
وتابع أنه "منذ ذلك الحين يسعى أردوغان لاستعادة قلوب شعبه بزعم استعادة أراضي الإمبراطورية العثمانية القديمة في سوريا وليبيا، والاستثمارات في السودان والصومال، لا سيما بعد الاستحواذ على ميناء سواكن من النظام السوداني السابق".
ورأى الدبلوماسي الأوروبي أنه "خلال سبعة عشر عاماً في السلطة، لم يكن الرئيس التركي أبداً بهذا الشكل السيئ من الضعف وفقدانه شعبيته، لذا فإن ذلك التوسع في المنطقة وسيلة لاستعادة السيطرة على السلطة، والحصول على تملق القوميين".
الطموح التركي في الخليج
وأوضح السفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى أنقرة، أنه "من خلال هذه السياسة التوسعية أيضاً، التي يستحضر فيها أردوغان الساعات المجيدة للإمبراطورية العثمانية، بنشر قواته في المنطقة، فإنه يعتزم فرض نفسه بميزان القوة في اللعبة الدبلوماسية الإقليمية".
وأورد الدبلوماسي الأوروبي ما يقوله أردوغان مراراً: "أي حل بدون تركيا لن يكون حلاً"، موضحاً أنه "فيما يتعلق بالصراع الليبي، فإن تركيا بجانب قطر، تعد عراب حكومة الوفاق القريبة من تنظيم الإخوان".
وتابع بيريني أن "ذلك التقارب الأيديولوجي نفسه، في السودان والصومال".
ورأى الدبلوماسي الأوروبي أن طموحات تركيا العسكرية تتجاوز البحر الأبيض المتوسط، مشيراً إلى أن قطر استقبلت قاعدة عسكرية بخمسة آلاف من جنود أتراك منذ إعلان دول الرباعي العربي مقاطعة قطر، الأمر الذي يعرض أمن الخليج للخطر من خلال تلك القاعدة التركية".
الصومال ..هدف أردوغان المقبل للغزو
يقول السفير مارك بيريني: "فضلاً أنه لدى أنقرة قاعدة أخرى في الصومال، البلد الذي يعاني من الهجمات الإرهابية المستمرة".
وحذر السفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى أنقرة، من أن يكون الصومال هو الغزو المقبل للجيش التركي، للتنقيب عن النفط قبالة سواحل الصومال، الذي يعد هدفاً مهماً للغاية، موضحاً أن "أردوغان لم يخفَ مطامعه تجاه الصومال، إذ أعلن في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد عودته من مؤتمره برلين حول ليبيا، أن الصومال قد دعا تركيا إلى المجيء إليه".