قاعدة أنجرليك سلاح للمناورة بين ميركل وأردوغان
الحكومة الألمانية رفضت طلبًا من أحزاب معارضة بسحب الجنود الألمان من القاعدة الجوية في تركيا بعد نتائج الاستفتاء على صلاحيات أردوغان
خلف مشهد التجاذبات بين ألمانيا وتركيا توجد قاعدة أنجرليك والتي تستغلها أنقرة كأداة ضغط أو مناورة في علاقتها مع ألمانيا في العديد من الملفات.
ورفض وزير الخارجية الألماني، زيجمار جابرييل، الثلاثاء، طلبًا من أحزاب معارضة بسحب الجنود الألمان من تركيا؛ لعدم رضاهم عن نتائج الاستفتاء التركي التي أسفرت عن توسيع صلاحيات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الحكم.
وقال جابرييل إن سحب القوات الألمانية "يتعارض مع مصالحنا"، "كما أني لا أعتقد بأن ذلك سيخلف أي تأثير في تركيا"، بحسب ما نشره موقع "دويتش فيله" الألماني.
ويشارك الجيش الألماني في الغارات الجوية على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق بطائرات استطلاع "تورنادو" وطائرة تزويد بالوقود موجودة في قاعدة إنجرليك التركية، القريبة من الحدود السورية، ويتمركز بها نحو 260 جندياً ألمانيا.
وكان بعض قادة المعارضة الألمانية، وخصوصاً رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار المعارض، سارة فاجنكنِشت، وزعيم حزب الخضر، جيم أوزديمير، طالبوا بسحب قوات الجيش من القاعدة التركية، بعد التصويت بنعم على التعديلات الدستورية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تدخل القاعدة في ساحة الخلاف الألماني- التركي، فقد كانت هناك مطالبات سابقة بسحب القوات الألمانية عقب رفض تركيا العام الماضي زيارة برلمانيين ألمان لجنودهم في القاعدة على مدى شهور.
ورغم هذه المطالبات إلا أن الحكومة الألمانية تأخذ خطوات في الاتجاه المعاكس، فقد خصصت وزارة الدفاع الألمانية حزمة استثمارات بقيمة 58 مليون يورو لدعم المهمة الألمانية في قاعدة إنجرليك، سبتمبر/أيلول 2016.
وبحسب تقرير لمجلة "دير شبيجل"، فإنه من المقرر بناء مدرج لهبوط لطائرات الاستطلاع الألمانية من طراز "تورنادو" وحاويات إقامة بقيمة نحو 26 مليون يورو، بالإضافة إلى شراء مركز القيادة المتنقل للقوات الجوية الألمانية بقيمة نحو 30 مليون يورو.
وأوضح التقرير أن مركز القيادة المتنقل سيحتاج لبناء أساس له في إنجرليك بتكلفة نحو مليوني يورو.
واستخدمت تركيا القاعدة كأداة ضغط أيضا حين أقر البرلمان الألماني في يونيو/حزيران الماضي أن مذبحة 1915 التي ارتكبتها القوات العثمانية بحق الأرمن هي إبادة جماعية.
فحينها حظرت تركيا زيارات النواب الألمان المعتادة للجنود الألمان في القاعدة.
غير أنه تم تسوية الخلاف ووافقت أنقرة على زيارة البرلمانيين في أكتوبر/تشرين الماضي، بعد تنازل من جانب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل لأردوغان، حيث أعلنت أن قرار البرلمان الألماني بشأن تصنيف المذابح التي ارتكبت بحق الأرمن في بدايات القرن العشرين على أنها "إبادة جماعية" غير ملزم من الناحية القانونية.
وكان نواب ألمان قد قالوا إن المهمة الألمانية بالقاعدة قد لا يمكن تمديدها إن لم تسمح تركيا بالزيارة.
وقاعدة أنجرليك تم بناؤها في إطار التحالف التركي- الغربي وتحت إشراف أمريكي في الخمسينيات من القرن الماضي.
وتشكل القاعدة نقطة انطلاق للعمليات العسكرية للقوات الحليفة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
ومن قاعدة أنجرليك حاليا تنطلق عمليات عسكرية غربية في سوريا والعراق تجاه أهداف منسوبة لتنظيم داعش.
وفي وقت سابق تم استخدام القاعدة في حرب الخليج الثانية 1991 لإخراج القوات العراقية من الكويت، كما تم استخدامها في 2011 لشن الحرب في أفغانستان.
وكان للقاعدة دور كبير في تسهيل عمليات الجيش الأمريكي في مناطق الصراع مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.