التدخل الأمريكي في منبج السورية.. رحلة الاستغناء عن "أنجرليك"
الهدف من نشر القوات الأمريكية التمهيد لإقامة قاعدة عسكرية شمال سوريا كبديل لقاعدة أنجرليك بتركيا.
تهدد تركيا بضرب الأكراد في الشمال السوري، فتدفع الولايات المتحدة بجنودها للحيلولة دون حرف مسار معارك هدفها المعلن "دحر تنظيم داعش الإرهابي"، لكن بقدر ما تبدو الرواية المعلنة منطقية، يرى معارضون سوريون أن الأكراد والأتراك سوف يستفيقون أخيراً على وقع مفاجأة أمريكية، قد لا تكون سارة لكليهما.
تعتقد تركيا أن وجود قوات لحماية الشعب الكردي في منبج القريبة من حدودها، عائق أمام جهودها لإقامة "منطقة آمنة" على الحدود تفشل أي تطلعات كردية لإقامة دولة في الشمال السوري، توفر لأكرادها آمال وقواعد تنطلق منها.
وهدد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الخميس، بضرب قوات الوحدات السورية في بلدة منبج إذا لم تغادرها، لكن الوعيد الذي لم يضع له المسئول التركي سقفاً زمنياً، يناقض التأكيدات التي حملها تصريح رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، الثلاثاء الماضي، الذي قال فيه، إنه على تركيا والولايات المتحدة وروسيا التنسيق بشكل كامل لطرد الجماعات الإرهابية من سوريا، مضيفاً أن قادة أركان الدول الثلاث يعملون لمنع وقوع اشتباكات بين الأطراف المختلفة في سوريا.
وجاءت تصريح يلدريم بعد يوم واحد من تصريح آخر قال فيه، إن بلاده لا تخطط لحملة عسكرية على بلدة منبج من دون التنسيق مع الولايات المتحدة وروسيا اللتين لهما وجود عسكري في المنطقة.
ويرى المعارض السوري محمد باسم الملك، أن التنسيق قائم بالفعل. ويقول لـ"العين"، إن المشكلة الرئيسية تكمن في أهداف القوات التي تتحرك على الأرض.. نحن أمام تدخل تركي، أمريكي، روسي، بثلاث أجندات ومصالح مختلفة.. السؤال الآن ما هي المصلحة الأمريكية، وهل تتناقض مع مصالح الطرفين الآخرين".
ونشر الجيش الأمريكي عدداً صغيراً من قواته داخل مدينة منبج السورية وحولها، ويقول عسكريون أمريكيون، إن التدخل جاء لضمان عدم مهاجمة الأطراف المختلفة لبعضها البعض وإبقاء التركيز منصباً على قتال تنظيم داعش الإرهابي.
وقال المتحدث باسم البنتاجون، جيف ديفيس، إن القوات نُشرت هناك كي تكون "إشارة واضحة للردع والطمأنة".
لكن الملك يرى أن الهدف الرئيسي من نشر تلك القوات هو التمهيد لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية في الشمال السوري كبديل لقاعدة أنجرليك في مدينة أضنة التركية التي تعتمد عليها واشنطن، لشن هجماتها ضد تنظيم داعش، لكن بكثير من المشاغبات والتضييقات التركية.
ويضيف المعارض السوري البارز، ومراقبون آخرون تحدثوا لـ"العين" أن واشنطن تأمل أن تتمكن من إقامة قاعدتها الخاصة في الشمال السوري، لتوفر تواجداً وازناً للوجود السوري.. وقطع خطوة إضافية في الطريق لتفتيت سوريا.
ونشرت الولايات المتحدة، الخميس، بطارية مدفعية لمشاة البحرية "المارينز" في سوريا، دعماً للهجوم على معقل تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة شمالي سوريا، بحسب ما أعلن مسؤول أمريكي.
وقال المسؤول، إن جنوداً من الوحدة 11 لمشاة البحرية نشرت بطارية "هاوتزرز" من عيار 155 ملم في أحد المراكز الأمامية في سوريا. وبحسب المتحدث فإن مشاة البحرية "مستعدة للقيام بمهمتها" في دعم هجوم الرقة.
ومنذ وصوله للبيت الأبيض، يسعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى تعزيز دور واشنطن في الحرب على الإرهاب، الأمر الذي رتب نشر قوات أمريكية، قوامها نحو 500 جندي من العمليات الخاصة في سوريا، لتقديم المشورة للقوات التي تقاتل تنظيم داعش خصوصاً لقوات سوريا الديمقراطية.
لكن هذا التواجد الأمريكي جاء بالتزامن مع اجتماع رئيس أركان الجيش التركي، الجنرال خلوصي آكار بقائدي الجيشين الأمريكي والروسي، في إقليم أنطاليا بجنوب تركيا، حيث ناقش الجنرالات الثلاثة ملفي سوريا والعراق في المقام الأول والأمن الإقليمي.
ويقول بسام الملك، إنه بشكل مبدئي فإن المعارضة في الخارج على اختلاف أطيافها ترفض أي وجود لقوات خارجية على الأراضي السورية سواء كانت تلك القوات أمريكية أو روسية أو إيرانية أو تركية، هذا أمر غير مقبول.
ويضيف أنه كان أولى بالنظام السوري أن يعمل على إنجاح مسار جنيف بدلاً من جلب المزيد من الجنود تحت رايات جديدة.. لكن مع الأسف يبدو أن مخطط تقسيم سوريا يسير قدماً على الطريقة العراقية.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjUuMTkyIA== جزيرة ام اند امز