أردوغان وكليجدار أوغلو في ميزان الإعادة.. تركيا من الاحتيار للاختيار
لا أردوغان ولا كليجدار أوغلو تجاوز عتبة الـ50% لتجنب جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، في نتيجة ستأخذ بيد الأتراك من الاحتيار إلى الاختيار.
فأمس الأحد، شهدت تركيا انتخابات رئاسية أخفق فيها المرشحون الثلاثة في بلوغ نسبة الحسم المطلوبة للتأهل نحو كرسي القصر، في نتيجة تركت أردوغان يكافح لدرء أصعب تحدٍّ سياسي له، حيث من المحتمل أن تكون جولة الإعادة ضد منافسه الرئيسي هي المباراة النهائية له في مضمار السياسة.
جولة ثانية حسمتها النتائج الرسمية التي أعلنت عنها لجنة الانتخابات التركية، صباح اليوم الإثنين، بحصول أردوغان على 49.4% من الأصوات مقابل 44.96% من الأصوات لمرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو.
نتيجةٌ أعطت نفسا جديدا لكل من أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو، لرص الصفوف لمواجهة انتخابية في الـ28 من الشهر الجاري، قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في تركيا، وسط استنفار من كل الطرفين للإعداد للمرحلة القادمة.
وبموجب القانون التركي. يجب أن يحصل المرشح على أكثر من 50٪ من الأصوات للفوز بالسباق المشحون. وإذا لم يتجاوز أحد هذه العتبة، فسيذهب التصويت إلى انتخابات الإعادة في الأسابيع المقبلة.
وقبل الإعلان الرسمي لنتائج "أهم" انتخابات تجريها تركيا في حقبة ما بعد العثمانية، كانت الأرقام التي أظهرتها وكالة الأناضول أن الرئيس أردوغان الموجود في السلطة منذ عام 2003 ولم يهزم في أكثر من عشرة استحقاقات ، أقل بقليل من عتبة 50٪ اللازمة للفوز، وكذلك كليجدار أوغلو، لكن كلا الجانبين تحدث عن تقدمه.
الجميع يتلحف بـ"النصر"
فأردوغان بدا منتصرا عندما ظهر أمام بحر من المؤيدين بعد منتصف الليل بقليل ليعلن عن استعداده لقيادة الأمة لمدة خمس سنوات أخرى.
وقال لمؤيديه الذين تجمعوا خارج مقر حزبه في العاصمة أنقرة ، "على الرغم من أن النتائج النهائية لم تصل بعد ، إلا أننا نتقدم بفارق كبير".
وهو ما فعله كليجدار أوغلو، قائلا: "نحن هنا حتى يتم فرز كل صوت، التصويت سيعبر عن إرادة الأمة".
وعكست النتائج استقطابا عميقا في بلد يقع على مفترق طرق سياسي، حيث كان من المقرر أن يمنح التصويت التحالف الحاكم الذي يقوده أردوغان أغلبية في البرلمان ، مما يمنحه ميزة محتملة قبل جولة الإعادة.
وكانت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات قد أشارت إلى وجود منافسة شديدة، لكنها أعطت زعيم المعارضة الذي يرأس تحالفا من ستة أحزاب ، تقدما طفيفا.
وتأتي هذه النتيجة بعد مساء عاصف تبادل فيه المعسكران إعلان معلومات متضاربة، واتهامات بـ"سرقة الإرادة الوطنية".
أردوغان من جهته، حذر المعارضة على تويتر من "سرقة الإرادة الوطنية" ودعا مسؤولي حزبه إلى "عدم مغادرة مراكز الاقتراع مهما حدث حتى الانتهاء من النتائج".
أما المعارضة فشككت في الأرقام الأولية التي أوردتها الأناضول ، قائلة إن الأرقام التي تم جمعها مباشرة من مراكز الاقتراع أظهرت أن كليجدار أوغلو في المقدمة.
تركيا تقرر المستقبل
وستحدد النتائج بعد جولة ثانية من التصويت في غضون أسبوعين ، ما إذا كان أحد حلفاء الناتو الذي يمتد عبر أوروبا وآسيا، سيبقى تحت حكم أردوغان أو يستأنف المسار "الأكثر ديمقراطية" الذي وعد به. المنافس الرئيسي زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو.
وفي حديثه إلى أنصاره في أنقرة ، قال أردوغان، إنه لا يزال بإمكانه الفوز لكنه سيحترم قرار الشعب إذا ذهب لجولة الإعادة في غضون أسبوعين.
كما فعل كليجدار أوغلو حين تحدث لأنصاره "سنفوز بالتأكيد في الجولة الثانية ... ونحقق الديمقراطية" ، مشيرا إلى أن أردوغان "فقد ثقة أمة تطالب بالتغيير الآن".
وركزت انتخابات هذا العام إلى حد كبير على القضايا المحلية مثل الاقتصاد والحقوق المدنية وزلزال فبراير الذي أودى بحياة أكثر من 50000 شخص.
أردوغان.. هل ينجو من الزلزال؟
بعد أن تولى رئاسة الوزراء عام 2003 ، ترأس أردوغان فترة من النمو الاقتصادي الهائل الذي أحدث تحولا في المدن التركية وانتشل ملايين الأتراك من الفقر.
على الصعيد الدولي ، تم الترحيب به باعتباره نموذجا جديدا للإسلامي الديمقراطي، الذي كان مؤيدا للأعمال التجارية وأراد علاقات قوية مع الغرب.
لكن على مدى العقد الماضي، زاد منتقدو أردوغان في الداخل والخارج. وواجه احتجاجات جماهيرية ضد أسلوبه في الحكم في 2013.
وفي 2016، وبعد عامين من توليه الرئاسة ، نجا من محاولة انقلاب اتهم الداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بالوقوف وراءها، ناهيك عن تآكل قيمة الليرة التركية، وارتفاع نسبة التضخم.
واليوم، يأمل أردوغان أن تمنحه جولة الإعادة خمس سنوات أخرى في كرسي الحكم، وأن ينجو من شبح أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها تركيا، وآثار زلزال فبراير.
ويُنظر إلى الانتخابات التركية على نطاق واسع على أنها الأهم في العالم هذا العام، حيث يعتبرها الكثيرون استفتاء على شعبية أردوغان، وتحول محتمل في دور تركيا المؤثر على المسرح العالمي.
كذلك ستمنح زعيم المعارضة أملا جديدا في قلب سجل انتخابي مرير جعله يخسر محاولته عام 2009 لتولي منصب عمدة إسطنبول.