المدير السابق لمكتب بلومبرج بتركيا: قطر تخلت عن أردوغان
تميم الذي أعلن دعمه في وقت سابق لأنقرة في أزمتها الاقتصادية، يبدو أنه تناسى وعوده.
كعادتها في التخلي عن حلفائها والمقربين منها، تبخرت الوعود التي قطعتها قطر على نفسها تجاه الاقتصاد التركي المتهاوي، ووجدت الدوحة في قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي ضالتها للهروب من التزاماتها تجاه تركيا، التي يبدو أنها عاجزة عن الوفاء بها.
ففي مقال بعنوان "قطر تخلف وعودها بدعم الاقتصاد التركي"، أكد مارك بنتلي المدير السابق لوكالة بلومبرج في تركيا، أن تميم الذي أعلن دعمه في وقت سابق لأنقرة في أزمتها الاقتصادية، واتخذ عدة قرارات بشأن الأزمة خلال زيارته لها في الـ15 من أغسطس/آب الماضي، يبدو أنه تناسى وعوده.
وتجاهلت أذرع قطر الإعلامية، التي كانت تتغنى ليل نهار بالدعم القطري للحليفة تركيا، الاقتصاد المتهاوي في أنقرة، وفرغت نفسها لقضية خاشقجي.
وقال المدير السابق لمكتب بلومبرج، إن "الصمت النسبي لقيادة دولة قطر في مواجهة الأزمة السياسية التركية مع المملكة العربية السعودية بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي يؤكد نقطة ضعف أساسية للرئيس رجب طيب أردوغان، ألا وهي اقتصاد البلد الهش والعملة المحاصرة".
وأوضح أنه "في أغسطس/آب الماضي وعد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الحليف الإقليمي الأقرب لأردوغان، باستثمار 15 مليار دولار، بما في ذلك 3 مليارات دولار في مقايضات العملة، للمساعدة في استقرار الاقتصاد التركي، بعدما هوت الليرة إلى مستويات قياسية خلال الأزمة مع واشنطن بشأن القس المسجون".
وتابع: "في سبتمبر/أيلول، جاء نبأ عاجل يفيد بـ(إهداء) آل ثاني طائرة خاصة فاخرة من طراز 747 إلى أردوغان. لقد أصبح أسطول الطائرات المتنامي للرئيس التركي رمزاً لطموحاته في تحويل تركيا إلى قوة إقليمية وعالمية كبرى".
وأشار بنتلي، إلى أنه "رغم صرف مقايضات العملة في سبتمبر/أيلول، والتعهد بتقديم الدعم المالي إلى أردوغان، إذا لزم الأمر، أثناء خلافه مع السعودية، فإن القيادة العليا في قطر لم تذكر الكثير علانية منذ اندلاع عاصفة سياسية بسبب وفاة خاشقجي في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول. وقد فضلت الدولة الخليجية التعبير عن انتقادها عبر مسؤولين صغار نسبياً مثل لولوة الخاطر، المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية القطرية".
وتساءل الكاتب: "أين هو أقرب حليف لتركيا في المنطقة عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه؟".
تركيا المنبوذة تتكئ على قطر المعزولة
وبيّن بنتلي طبيعة العلاقات القطرية التركية، موضحا أن "قطر تمتعت بعودة متانة العلاقات تحت حكم أردوغان، إذ دعمتا معاً جماعة الإخوان الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة في تحدٍّ للسعودية. وقدم البلدان دعماً قوياً لمحمد مرسي، السياسي المدعوم من جماعة الإخوان الذي انتخب رئيساً لمصر في عام 2012، وأطيح به في عام 2013. كما شرعتا معا في رعاية الجماعات الإرهابية في سوريا التي تقاتل للإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد أن بدأ النزاع المسلح في عام 2011".
واستدرك: "لكن في السنوات التي تلت ذلك، أصبح البلدان أكثر تهميشاً على المستوى الدولي، إذ أصبحت تركيا دولة منبوذة تقريباً، بسبب تزايد استبداد أردوغان وانتهاكات حقوق الإنسان، بينما انعزلت قطر بفعل مقاطعة جيرانها، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية ومصر بسبب دعمها الجماعات الإرهابية".
وأوضح الكاتب أن العزلة السياسية والاقتصادية لقطر تعني أنها بحاجة إلى التحرك بحذر عندما يتعلق الأمر بقضية خاشقجي. وبدلاً من إثارة التوتر السياسي مع الرياض بإلقاء ثقلها السياسي الكامل وراء تركيا، فضلت استخدام عدد أقل من المسؤولين ووسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة، لتقويض مكانة السعودية كحليف عالمي يمكن الوثوق به.
وتابع: "بوضع مقتل خاشقجي، مع مزاعم احتجاز رئيس وزراء لبنان أواخر العام الماضي، وخلافها السياسي مع كندا بشأن حقوق الإنسان، قالت لولوة الخاطر المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية القطرية، في لندن الإثنين، إن مقتل خاشقجي يجب أن يكون الآن دعوة للاستيقاظ، لكي تعيد الدول النظر في علاقاتها مع الرياض".
وأشار إلى أن "إيران، التي ربما تكون ثاني أقرب حليف إقليمي إلى أردوغان، والمصدر الرئيسي لإمدادات النفط إلى أنقرة، كانت تتصرف بحذر شديد مع اندلاع الأزمة السياسية. ومر 20 يوماً على مقتل خاشقجي قبل أن يتحدث مسؤول إيراني كبير. وفي نهاية المطاف قام رئيس السلطة القضائية الإيرانية، صادق أمولي لاريجاني، بكسر الصمت وأعلن على نحو متوقع أن المملكة العربية السعودية كانت تسعى للتستر على الجريمة بمساعدة الغرب".
وأكد بنتلي أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سعى إلى دق إسفين في العلاقات المحفوفة بالمخاطر بشكل متزايد بين أردوغان وحلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كان أيضاً يتحرك بحذر شديد عندما يتعلق الأمر بانتقاد الرياض، ودعّم أردوغان بشأن وفاة خاشقجي. وقال بوتين في الأسبوع الماضي إن الأدلة يجب أن تقدم أولاً".
وأشار الكاتب إلى الاتصالات رفيعة المستوى التي أجراها أردوغان مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي قال إنه "يثق به"، ومكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عطلة نهاية الأسبوع. كما تحدث وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. وزارت مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جينا هاسبل أنقرة يوم الإثنين لدراسة الأدلة في القضية.
وأوضح بنتلي أن الاتصالات مع الولايات المتحدة تأتي في الوقت الذي كانت تسعى فيه الدولتان إلى إصلاح العلاقات طوال فترة احتجاز القس آندرو برانسون على مدى عامين، الذي أطلق سراحه في وقت سابق من هذا الشهر. كما أنها تحدث بينما تسعى تركيا إلى الحصول على إعفاءات من العقوبات الأمريكية، حتى تتمكن من مواصلة شراء النفط من إيران، حيث تستورد تركيا 99% من الخام الذي تستهلكه.
أردوغان يكشف تهاوي الاقتصاد
وحول الاقتصاد التركي، كشف أردوغان عن نقاط الضعف المستمرة في تركيا مرة أخرى، الثلاثاء، مباشرة قبل خطاب أردوغان. والليرة، التي هوت نحو 35% مقابل الدولار هذا العام، ما أثار مخاوف من أزمة اقتصادية شاملة، هبطت أكثر من 2% خلال حركة التداول مع تراجع الحليف السياسي الأساسي لأردوغان فيما يبدو عن خططه للتحالف في الانتخابات المحلية التي تجرى في شهر مارس/آذار. وأنهت الليرة تعاملاتها على هبوط 1.2%.
وبحسب مدير مكتب بلومبرج السابق في تركيا، فقد أدى تردد أردوغان في تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومن ثم الرئيس ترامب، الذي حث على الحذر السياسي مع استمرار التحقيق في مقتل خاشقجي، إلى دفع خصمه السياسي الرئيسي إلى اتهامه بمساومة الرياض.
وأكد كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، الإثنين، أن تركيا سمحت لـ15 مشتبهاً به من المتورطين في القضية بمغادرة البلاد، وأجرت تفتيشاً متأخراً للقنصلية السعودية في إسطنبول.
وقال كليجدار أوغلو: "أريد إجابات عن أسئلتي. هل كل هذا بسبب المال؟"، وأضاف: "هذا يعني اللعب بشرف تركيا وكرامتها واحترامها لذاتها".
لقراءة المقال اضغط هنا
aXA6IDEzLjU4LjQ1LjIzOCA= جزيرة ام اند امز