أطماع أردوغان في نفط الصومال.. أنياب سامة تمزق البلاد
خبراء ومحللون صوماليون يؤكدون أن "هذه الدعوات لأردوغان بالتنقيب عن النفط ستزيد الاستقطاب الداخلي بين الحكومة والولايات الفيدرالية"
اعتبر خبراء ومحللون صوماليون أن تصريحات الرئيس التركي رجب أردوغان الأخيرة عن تلقيه دعوات للتنقيب عن النفط بالبلاد "خطيرة" وستؤدي إلى تمزق البلاد.
ولفت الخبراء إلى أن "هذه الدعوات ستزيد من معدلات الاستقطاب السياسي الداخلي بين الحكومة والولايات الفيدرالية الرافضة للوجود التركي".
وأشار الخبراء إلى أن "الدستور الفيدرالي قنن العلاقات بين الحكومة المركزية والولايات الإقليمية في جميع المجالات كما يمنع تدخل الحكومة في قضايا الولايات"، معتبرين أن "الاتفاق مع أنقرة يضرب أسس الدستور الانتقالي الذي يحكم البلاد".
وأكد المراقبون أن الاتفاقات النفطية المشبوهة مع أنقرة، والتي تمت بدون مشاورة الشعب الصومالي ستنسف كل المجهودات الدولية والإقليمية لحل الصراع حول الحدود البحرية المتنازع عليها بين نيروبي ومقديشو.
وتحتوي الحدود على احتياطات للنفط والغاز والتي لم يتم ترسيمها وهو سيدخل المنطقة في دوامة جديدة من الصراع العنيف.
وعبر الخبراء عن تخوفهم من تحول الصومال إلى ليبيا جديدة في شرق القارة الأفريقية، أو تكرار ذات سيناريو عقد أردوغان اتفاقات أمنية وعسكرية على غرار الاتفاق مع حكومة السراج وتمرير إرسال قوات وأسلحة ومرتزقة إلى الصومال بحجة الحفاظ على المصالح النفطية، ما قد يدخل البلاد في دوامة من العنف والتجاذبات الدولية والإقليمية.
وأكد محللون أن أطماع أردوغان ستزيد من حدة الفوضى الأمنية التي تعاني منها البلاد وخصوصا العاصمة مقديشو، محذرين من استغلال حركة الشباب لهذه الأوضاع وتوسيع نفوذها.
انتهازية أردوغان
وكشفت تقارير صومالية صادرة عن مؤسسات مستقلة عن أن أطماع تركيا في النفط الصومالي كانت بعيدة المدى، خصوصا عقب نجاح أنقرة في تمتين العلاقات العسكرية مع القيادات السياسية الصومالية.
وحصلت أنقرة على قاعدة عسكرية في مقديشو ما سهل لها مراقبة الأوضاع في الصومال ورسم استراتيجيتها التي تقضي باستغلال هشاشة مؤسسات البلاد، وأخونة القيادات لإحكام سيطرتها على ثروات البلاد.
كما كشف التقرير عن أن لقاء مغلقا تم في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي بين أردوغان ورئيس الوزراء حسن على خيري استغرق 50 دقيقة، في مقر إقامة أردوغان أثناء مشاركة الأخير في منتدى اللاجئين العالمي، تمخض عنه تنسيق عال لإحكام التغلغل التركي.
وقال التقرير إن أردوغان بدا حريصا على التفاوض مع رئيس الوزراء خيري الذي يعد عراب تمرير قانون النفط في الشهر الماضي وأحد المنادين باستخراج نفط البلاد بعقد الصفقات مع الشركات الأجنبية وتنسيق جهود الاستكشاف بحكم عمله السابق كمدير تنفيذي لشركة "صوما أويل آند غاز اختراقا لمؤسسات البلاد.
وقال التقرير إنه فور اكتمال مشاريع الاكتشاف النفطية في سواحل البلاد وعقب تمكن الحكومة من تمرير قانون النفط الذي رفضته ولايات إقليمية مثل بونتلاند سارعت أنقرة إلى توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي وعسكري شاملة مع الصومال في مجال الطيران، والنفط والغاز، والصيد السمكي، والدفاع البري والبحري، وتوأمة بين جميع وزارات البلدين.
وهو ما اعتبره الخبراء تمهيدا لاحتلال تركي كامل للبلاد وإخضاع ثرواتها لخدمة المشاريع الأردوغانية.
تكشف الأنياب
وقال الكاتب والمحلل السياسي الصومالي محمد نور سيدو لـ"العين الاخبارية" إن "تغلغل أنقرة في المؤسسات العسكرية والأمنية بالبلاد وأطماع أردوغان في نفط وغاز الصومال سيدخل البلاد في نفق مظلم؛ بسبب ما ستحدثه من انشقاقات داخلية بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية".
وأضاف أن "تركيا تضع عينها على استمرار الطاقم الحكومي الحالي رغم السخط الشعبي بسبب تدهور الأوضاع الأمنية".
وأشار إلى أنه تكشف للشعب الصومالي كذب ادعاءات أنقرة بحرصها على مستقبل الصومال، وبدا واضحا أنها تنظر للبلاد كلقمة سائغة لتنفيذ مخططاتها في التوغل في منطقة القرن الأفريقي ونهب ثروات البلاد النفطية والسمكية وتخريب علاقاتها مع دول الجوار.
واتفق الكاتب والخبير في شؤون القرن الأفريقي عبدالقادر سعيد ورعلي مع رؤية سيدو.
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية": "التوجهات التركية نحو الصومال ستربك الأوضاع في البلاد وتقودها نحو المجهول داخليا وخارجيا، خصوصا أن أنقرة تسعى لنقل نموذج أردوغان في الهيمنة السياسة والأخونة وتغيير الهوية الوطنية ما يتعارض مع مصالح البلاد وعلاقاتها الإقليمية".
وأضاف أنه "يجب على الحكومة الحالية أن تتراجع على ما تم من اتفاقات حرصا على استقرار البلاد والمنطقة".
نزعة أردوغان التوسعية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي والمختص بشؤون القرن الأفريقي خالد أحمد أن "المشاريع الأردوغانية التوسعية وتمددها في القرن الأفريقي ستكون لها تداعيات خطيرة على علاقات مقديشو على دول المنطقة أبرزها الجارة كينيا".
ولفت إلى أن "مشاريع استخراج النفط الصومالية كانت السبب في توتر وقطع العلاقات بين البلدين والتي تكشف أن تركيا خلف دفع الصومال لتوسيع مشاريعه التنقيبية في المحيط رغم عدم تسوية الخلافات الحدودية من البلدين".
وقال لـ"العين الإخبارية" إن "كل الدلائل تؤكد أن البلاد ستتحول إلى ساحة صراع إقليمي من الدول الرافضة للوجود التركي وفي الداخل حيث تخشى قبائل ومجموعات من مشروعات التتريك الثقافية التي ستطمس الهوية الثقافية للشعب الصومالي".
وأضاف أن حركة الشباب الإرهابية ستحاول أن تعزز وجودها باستغلال الرفض الشعبي لمشاريع أردوغان ما سيعقد الأوضاع.
وأشار إلى أن مخطط أردوغان من توقيع اتفاقات اقتصادية طويلة المدى مثل توقيع اتفاقية تطوير وبناء ميناء مقديشو لمدة 20 عاما، يكشف طبيعة الأطماع طويلة المدى وسيتيح لتركيا بسط السيطرة على الموارد الصومالية.
aXA6IDMuMTQ0LjQ2LjkwIA== جزيرة ام اند امز