على خطى العثمانيين.. أردوغان يقمع الأقلية المسيحية بتركيا
نظام أردوغان يمارس قمعا ممنهجا ضد الأقلية المسيحية في تركيا ووصل الأمر إلى حد اعتقال الشرطة راهب بتهمة "الإرهاب".
رغم أن جرائم العثمانيين بحق المسيحيين الأرمن لا تزال عالقة في الأذهان، يسير نظام رجب طيب أردوغان على خطى أجداده، ويمارس قمعا ممنهجا ضد الأقلية المسيحية، ووصل الأمر إلى حد اعتقال الشرطة راهب بتهمة "الإرهاب".
ففي جبال باغوك جنوب شرقي تركيا، يقف دير القديس مور يعقوب مثل منارة أمل للمسيحيين المحليين، بعد أن تم ترميمه وإعادة افتتاحه منذ 6 أعوام بتبرعات من السكان المحيطين به.
ويرمز الدير إلى أمل المسيحيين الآراميين في العودة إلى وطنهم القديم، بعد أن هجروه إلى أوروبا، بسبب القمع الممنهج، ووقوعهم في منطقة مواجهة مباشرة بين الأمن التركي وحزب العمال الكردستاني.
وخلال السنوات الماضية، كان الآراميون المغتربون يعودون في إجازات للمنطقة، ويعيدون ترميم منازلهم القديمة، ويقضون أشهر الصيف على الأقل في الوطن القديم.
ويعرف جميع سكان المنطقة والمترددين عليها الراهب الشاب الذي يدير الدير في الجبال، ويخدم الزوار بتقديم مياه الينابيع والبطيخ، حسب سوزان غوستن، مراسلة صحيفة "راينشه بوست"الألمانية في تركيا.
إلا أن قوة تركية لمكافحة الإرهاب اعتقلت الراهب السرياني يعقوب سفر بيلاجان، مؤخرا، بعد أن أخرجته عنوة من الدير، واتهمته بتقديم المساعدة لتنظيم إرهابي وإيواء أفراده، حسب صحيفة "حرييت" التركية.
ووفق الصحيفة نفسها، فإن السلطات التركية تدعي أن الراهب سمح لعناصر من تنظيم إرهابي، في إشارة لحزب العمال الكردستاني، بدخول الدير، والاحتماء به.
وأصاب اعتقال الراهب الشتات الآرامي في العالم بصدمة كبيرة، نقلته السلطات التركية إلى سجن في مدينة ماردين القريبة.
وعلاوة على ذلك، ألقت السلطات القبض أيضا على رئيس بلدية قرية مسيحية مجاورة للدير، ومواطن آرامي آخر عاد من منفاه في ألمانيا منذ سنوات، حسب الصحيفة الألمانية التي لم تذكر أسماء المعتقلين.
وفي ماردين، خضع الراهب للاستجواب لمدة يومين، ووجه له الادعاء العام تهمة إيواء مقاتلي حزب العمال الكردستاني في الدير، لكنه نفى التهم نفيا قاطعا، دون جدوى.
وتعد منطقة تور إيزلو، التي يقع فيها الدير، مع 7 قرى مسيحية و14 ديرا، آخر مناطق تواجد الآراميين، أحد أقدم الشعوب المسيحية في العالم وتعرف أيضا باسم الآشوريين في تركيا.
ومنذ الإبادة الجماعية للأقليات المسيحية في الأناضول في عام 1915، تقلصت المنطقة التي يسكنها المسيحيون أكثر وأكثر في القرن الماضي بسبب فرارهم إلى أوروبا من الحرب والقمع الحكومي. ويوجد حاليا نحو 2000 مسيحي فقط في منطقة جنوب شرق تركيا.
ووفقا لصحيفة "راينشه بوست" الألمانية، فإن الأمن التركي يستهدف المسيحيين في المنطقة بشكل ممنهج، وتدعي الحكومة أنهم يقدمون الطعام والمأوى لمقاتلي حزب العمال الكردستاني.
وحتى في دير القديس "مور يعقوب"، ظل الراهب سفر بيلاجان لسنوات طويلة خارج النزاع، ويعيش بمفرده، ويعرف بالود وكرم الضيافة، ما جعل الدير مقصدا للمسيحيين المحليين وزار الشتات، وحتى المسؤولين الأتراك.
لكن مقصلة القمع طالت الدير ليغرق في تهم النظام غير الواقعية، حسب "راينشه بوست" التي أضافت "ضرب نبأ اعتقال وسجن الراهب، المجتمع كقنبلة، وحرك تعليقات غاضبة على مواقع التواصل في جميع أنحاء ألمانيا، حيث يعيش أكبر شتات للآراميين ويبلغ تعداده 100 ألف آرامي".
وعصر أردوغان معروف بقمع واستهداف المسيحيين، حيث تعرض مسيحيو تركيا لهجمات واغتيالات باتت تهدد وجودهم الديني.
واغتيل القس الإيطالي الكاثوليكي أندريا سانتورو في مدينة طرابزون على البحر الأسود عام 2006، كما طعن قس كاثوليكي إيطالي آخر في عام 2007.
وشهد العام نفسه هجوماً على دار نشر إنجيلية تدعي زيرفه في مدينة مالاتايا قتل فيه 3 مسيحيين يعملون فيها.
ويبدو أن عام 2007 استمر مشؤوما على مسيحيي تركيا؛ إذ قُتل الصحفي الأرمني التركي المعروف هرانت دينك في اسطنبول على يد متعصّب مسلح، حسب تقارير ألمانية.
وفي 2015، قتل ما بين مليون و1.5 مليون أرمني في إبادة جماعية على أيدي العثمانيين. وتشكل الطوائف المسيحية (الآراميون والكاثوليك والإنجيليون) أقل من 1% من إجمالي سكان تركيا.
aXA6IDE4LjIyMS45My4xNjcg جزيرة ام اند امز