أردوغان في قطر.. "فاتورة" إشعال القوقاز
الهدف الأبرز من زيارة أردوغان يكمن في طلب تمويل قطري لتدخلاته الجديدة بالصراع الدائر جنوب القوقاز
لم تعد أهداف زيارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى قطر خافية، فلطالما كان عنوانها الأبرز ابتزاز الدوحة لتغطية فشله الداخلي وتمويل أطماعه الخارجية.
لكن ما يختلف في كل زيارة هو البند الذي يتذرع أردوغان بطلب تمويل إضافي له ضمن "أجندة الشر" التي ينفذها بتمويل قطري، ومقدار التمويل المطلوب.
فصل يتكرر خلال الزيارة التي يجريها أردوغان للدوحة، الأربعاء، والتي تخللتها مباحثات مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وتعد هذه ثاني زيارة يجريها الرئيس التركي للدوحة في 3 أشهر، وتأتي بعد أيام قليلة من تدخل أنقرة في الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيجيان بشأن إقليم نارغوني قره باغ المتنازع عليه، عبر دعم باكو بالسلاح والمرتزقة.
ومن الواضح أن الهدف الأبرز من زيارة أردوغان يكمن في طلب تمويل قطري لتدخلاته الجديدة بالصراع الدائر جنوب القوقاز، إذ لم يعد بمقدور تركيا تمويل حروبه الخارجية في ظل الأزمة الاقتصادية المحلية الخانقة.
الزيارة تأتي أيضا في وقت بات فيه أردوغان بوضع لا يحسد عليه جراء تعثر مؤامراته بليبيا، وتواتر الضغوط الدولية عليه لتدخلاته السافرة في شرق المتوسط والقوقاز، فيما يعاني داخليا نتيجة الفشل الاقتصادي وانهيار الليرة وتزايد السخط الشعبي.
حرب القوقاز
على وقع الاشتباكات الجارية بين باكو ويريفان، دخلت تركيا على خط الأزمة بإذكاء النار بين البلدين، عبر دعمها لحليفتها أذربيجان بكل ما لديها من إمكانيات، في إطار سياسة أردوغان التي تعتاش على مناطق النزاع.
وتقول أرمينيا إن تركيا نقلت نحو 4000 مسلح من شمالي سوريا إلى أذربيجان للمشاركة في القتال، في انتهاك سافر للمنطق والأعراف الدولية التي ترتكز على وأد الصراعات بين الدول.
وفي ضوء تلك المستجدات، يبدو أن العنوان الرئيسي للاجتماع بين أردوغان وتميم هو طلب تمويل قطري للتحركات التركية المزعزعة للأمن والاستقرار في جنوب القوقاز.
ونظرا لحرص الدوحة على عدم الظهور أمام العالم في صورة ممول لتلك الحرب، وعدم قدرتها في الوقت نفسه على رفض طلب أردوغان، فإن التمويل سيأتي – كما جرت العادة- في صورة اتفاقيات واستثمارات بين البلدين كغطاء لوصول الأموال المطلوبة إلى أردوغان.
ورطة ليبيا
أردوغان يتوقع أيضا الحصول على تمويل إضافي بمزاعم إنقاذ مخططاته المتعثرة في ليبيا، وخصوصا في ظل إصرار أنقرة على إطالة أمد الصراع وعرقلة جهود التسوية.
وفي هذا الصدد، كشف موقع "إيتاميل رادار" الإيطالي، أن طائرة شحن عسكرية تركية جديدة حطت بقاعدة الوطية غربي ليبيا، وغادرت في حوالي الساعة (9.15) بتوقيت وسط أوروبا الصيفي من صباح اليوم.
حيثيات تؤكد استمرار أنقرة في تعزيز إمدادات مليشيات العاصمة طرابلس بالسلاح والذخيرة والمرتزقة، وإجهاض جميع الآمال بالتوصل لحل سلمي لأزمة لم تضع أوزارها منذ نحو عقد من الزمن.
وتواصل تركيا انتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011، حيث تقدم أنقرة دعما كبيرا لحكومة الوفاق غير الدستورية في طرابلس بالعتاد والمرتزقة لمواجهة الجيش الوطني الليبي.
ضغط خارجي وفشل داخلي
أردوغان يحرص أيضا على إجراء مثل هذه اللقاءات الخارجية للهروب من المعارضة المتزايدة لسياساته في ظل الأداء الاقتصادي السيئ لنظامه، وما نتج عنه من ارتفاع لمعدلات التضخم، والبطالة.
وأصبحت العادة أن يطلب أردوغان عند زياراته لقطر في الآونة الأخيرة، مساندة اقتصاد بلاده المنهار، إضافة إلى سداد فاتورة سياسته الخارجية الفاشلة.
واليوم، سجلت الليرة التركية انهيارًا جديدًا أمام الدولار، لتفقد أكثر من 24 % من قيمتها هذا العام.
بدوره، تحدث أحمد داود أوغلو، رئيس حزب "المستقبل" التركي المعارض، رئيس الوزراء الأسبق، عن الوضع المزري بالبلاد تحت حكم أردوغان.
وأشار داود أوغلو، في تصريحات إعلامية، إلى تقلص نصيب الفرد من الدخل القومي، خلال العامين الماضيين، حيث زاد فقر كل مواطن تركي بأكثر من ألفي دولار.
وتواصل حكومة أردوغان استنزاف قطر اقتصادياً، من خلال استغلال ثرواتها ومقدّراتها لإنقاذ نفسها من أزمتها الاقتصادية التي تعصف بها منذ أكثر من عامين.
وعلى الصعيد الدولي، انتقدت المفوضية الأوروبية تدهور الأوضاع في مجال حرية التعبير، والسجون في عهد أردوغان، مشيرة إلى أن مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي وصلت إلى طريق مسدود.
وقالت المفوضية، في تقريرها السنوي بشأن تركيا، إن "أنقرة لم تعالج بشكل موثوق به مخاوف الاتحاد الجادة بشأن استمرار التطورات السلبية في سيادة القانون والحقوق الأساسية والسلطة القضائية".
وتتهم مفوضية الاتحاد الأوروبي، أنقرة بالقيام بـ"أعمال غير مشروعة وتصريحات استفزازية" في شرق البحر المتوسط تجاه قبرص، بسبب الصراع على الغاز.
المتاجرة بفلسطين
لقاء أردوغان وتميم يعتبر الأول من نوعه منذ توقيع معاهدة السلام التاريخية بين الإمارات وإسرائيل، في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وبتوقيع إعلان تأييد للسلام باليوم نفسه، أربك المسار الجديد تحالف الشر القطري التركي خوفا من نتائجه على مخططاتهم الداعمة للتطرف والتشدد، وفضح متاجرتهم بالقضية الفلسطينية.
ويتوقع أن يبحث تحالف الشر معاهدات السلام وتداعياتها على مخططاتهم.