أردوغان في عالم موازٍ.. الرئيس يغني وتركيا تعاني
رئيس فقد البوصلة نحو الشعب، أو دخل مرحلة الانغلاق على نفسه، وأصبح يتحدث عن أمور لا تتناسب مع الحالة المتردية في تركيا.
وانتقدت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية بشدة حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، عن صعود بلاده للقمر في السنوات القليلة المقبلة، في وقت لا يستطيع فيه تأمين غذاء المواطنين، ويعاني اقتصاده انهيارا كبيرا.
الصحيفة قالت "يتحدث أردوغان بفخر عن تركيا في وقت يريد فيه الشباب التركي مغادرة بلاده ويعاني اغترابا سياسيا".
وتابعت "يتحدث أردوغان عن تركيا قوية اقتصاديا وتملك تطورا كبيرا في التكنولوجيا إلى حد إمكانية الصعود للقمر" وهي أمور غير موجودة إلا في خيال الرئيس.
ونقلت عن أردوغان قوله عند تقديم برنامج فضائي تركي قبل أيام: "سنؤمن بمكانة تركيا القوية والمستقلة ليس فقط على الأرض، ولكن أيضا في الفضاء".
وفي غضون عامين، يريد أردوغان إرسال أول صاروخ تركي إلى القمر، ولاحقًا سيقوم رائد فضاء تركي باستكشاف الفضاء.
وتعليقا على هذه الخطط، قال السياسي المعارض أوزغور كارابات، في تصريحات صحفية، إن "حكاية الفضاء الخيالية التي أطلقها أردوغان، لا تتناسب مع واقع حياة ملايين الأتراك الذين يعانون من ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع معدلات البطالة".
وتابع "القيادة التركية تنسحب أكثر فأكثر إلى عالم موازٍ".
ورغم تناقض وخيالية مشروع الفضاء الذي أعلنه أردوغان، تمتلئ الصحافة الحكومية بالثناء على "الأخبار السارة" العديدة التي يعلنها الرئيس للشعب، وتحذيراته الدائمة من القوى المعادية في الخارج.
لكن في الواقع، تبدو القصة مختلفة، فمعدل البطالة الرسمي أقل بقليل من 13 في المائة، لكن المعارضة والنقابات تنتقد حقيقة أن وكالة الإحصاء لا تحصي العدد الكبير من العمالة المقنعة وجميع الذين تخلوا عن البحث عن وظيفة.
ووفق تقارير النقابات، فإن الحكومة تقول إن ٤ ملايين تركي فقط عاطلين عن العمل، لكن الحقيقة تظهر عكس ذلك، إذ تخطى عدد العاطلين ١٠ ملايين شخص، وفق الصحيفة الألمانية ذاتها.
الأكثر من ذلك، أن رقعة الفقر اتسعت بشكل كبير في البلاد، وباتت العديد من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية.
ووفق تاغس شبيغل، فإن الحكومة ووسائل الإعلام الموالية لأردوغان يعترفان بهذه المشاكل بشكل غير مباشر فقط. ففي يناير الماضي، على سبيل المثال، أمر أردوغان بخفض أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وقدمت الصحيفة الموالية للحكومة "Takvim" لقرائها نصائح مضحكة حول التسوق الرخيص، منها الذهاب إلى المتجر بمعدة ممتلئة، واستعمال سلة صغيرة بدلا من عربة التسوق الكبيرة.
لكن نصائح التسوق لا تحل المشاكل، إذ يشتكي متوسطي الدخل، الذين يتعين عليهم العيش بالحد الأدنى للأجور الذي يعادل 330 يورو شهريًا، من الارتفاع المستمر في الأسعار.
وفي إسطنبول، تصدّر خبر انتحار زوجين شابين لم يتمكنا من إعالة طفلهما الصغير، عناوين الصحف مؤخرا.
وفي هذا الإطار، طالب النائب المعارض مصطفى ينير أوغلو الحكومة بضرورة مواجهة هذا الواقع المر في البلاد بدلا من تقديم مشروعات خيالية.
لكن أردوغان يبدو منفصلا تماما عن الواقع، عندما يتحدث عن الواقع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.
وعلى سبيل المثال، قال صغار التجار في وجه الرئيس التركي في ملاطية، إنهم لا يجنون أي أموال بسبب الأزمة الاقتصادية ووباء "كورونا"، وغير قادرين على تحمل تكاليف المعيشة. فكان رد أردوغان "يبدو لي أن هذا مبالغ فيه للغاية".
ويروج الرئيس التركي لمشاريع يقول إنها تركية 100%، مثل سيارة كهربائية وبناء حاملة طائرات، في وقت تقوم فيه حكومته باستيراد جميع مكونات هذه المشاريع من دول أوروبية.
ورغم الحملات الإعلامية التي تقوم بها الحكومة، لا يمكن إخفاء الفجوة الضخمة بين عالم أردوغان الجميل والواقع، وفق تاغس شبيغل.
ووفقا لاستطلاع جديد نشر مؤخرا، يريد ٥٠٪ من الأتراك العيش في الخارج. بل أن ثلث مؤيدي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، يريدون مغادرة تركيا أيضا.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA=
جزيرة ام اند امز