نيران أردوغان تتربص بالتراث والطبيعة شمالي سوريا
60 ألف مدني تجرعوا مرارة النزوح من بلدانهم وقراهم خلال 24 ساعة، بينما تحوم فوق رؤوسهم أشباح طائرات أردوغان التي تحصد الأرواح بلا تمييز.
لا تُفرِّق نيران مقاتلات العدوان التركي على سوريا بين مدني وعسكري إذ حصدت زخّات رصاصها وقذائفها أرواح 30 شخصاً بينهم 8 مدنيين، وفق المصدر السوري لحقوق الإنسان.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإنَّ 60 ألف مدني تجرّعوا مرارة النزوح من بلدانهم وقراهم خلال 24 ساعة بينما تحوم فوق رؤوسهم أشباح طائرات نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي تحصد الأرواح بلا تمييز.
وبعد يوم من بدء العدوان التركي على الأراضي السورية باتت مدنٌ بأكملها شبه خاوية من السكان ومنها الدرباسية ورأس العين التي تركها أهلها خوفاً من مصير مجهول قد يلقونه من رصاص الأرض أو قذائف السماء التي يصوّبها جنود النظام التركي نحوهم.
"العين الإخبارية" تقدّم في هذا التقرير نبذة عن المدن التي طالها العدوان التركي شمالي سوريا:
رأس العين
تقع رأس العين في شمال غرب الحسكة على الحدود التركية السورية، ويعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد.
وتتميز المدينة بموقع استراتيجي، إذ تبعد مسافة 85 كيلومتراً عن مدينة الحسكة، و90 كيلومتراً عن مدينة القامشلي، وللمدينة تاريخ أثري عريق، وكانت من ضمن الحضارات الأولى في منطقة الجزيرة الفراتية في سوريا.
وتعددت أسماء هذه المدينة التاريخية الأثرية القديمة، إذ كانت تعرف باسم "كابارا" خلال العهد الآرامي، و"غوزانا" بالعهد الآشوري و"رازينا" أو "رسين" و"تيودسليوس" في العهد الروماني، كما سُمّيت "رش عيناو" وترجمتها من الآشورية "رأس العين".
وخلال العصر العباسي حظيت المدينة بمكانة تجارية مهمة، كما كانت محطة للقوافل ومصيفاً للخليفة العباسي المتوكل وغيره من الخلفاء العباسيين، واتخذ منها السلطان صلاح الدين الأيوبي مركزاً للاستراحة مدة عام كامل أثناء معاركه وفتوحاته في منطقة الجزيرة العليا وشمال العراق وحلب.
وتشكّل رأس العين فسيفساء سكانية متنوعة، إذ يقطنها خليط من العرب والكرد والإيزيديين والآشوريين والسريان والأرمن والشيشان والتركمان والماردليين.
وتشتهر المدينة بنبع الكبريت ذي المياه الطبيعية المعدنية التي تتميز بلونها الأزرق وتبلغ درجة حرارتها 27 درجة مئوية، وتعالج الكثير من الأمراض الجلدية والرئوية والمفاصل.
وتضم المدينة مواقع أثرية عدة، منها تل حلف وتل الفخيرية وعثر فيهما على أوانٍ فخارية ملونة تعود إلى عصور قديمة من حوالي 4 آلاف عام قبل الميلاد.
الدرباسية
وتُسمّى أيضاً بـ"درب آسيا" لكونها كانت نقطة عبور تجارية مهمة بمنطقة شرق سوريا من الجنوب والغرب نحو الشمال والشرق من آسيا، تبعد عن مدينة الحسكة نحو 85 كليومتراً إلى الشمال وغرب مدينة عامودا التاريخية.
ويقال أيضاً إن السبب وراء تسميتها هو البناء الجملوني الشكل لمخازن الحبوب، الفرنسية البناء، والذي يسمى باللغة السريانية "دربيس"، وأول مَن سكن هذه المنطقة هم السريان المسيحيون، ويشاع أيضاً أن تسميتها تعود إلى بانيها واسمه "درباس".
تل أبيض
تبعد عن مدينة الرقة نحو 100 كيلومتر باتجاه الشمال، وموقعها بمحاذاة الحدود السورية التركية وفيها المعبر الشهير إلى تركيا معبر "باب تل أبيض".
ويجعل منها موقعها على أحد منابع نهر البليخ "عين العروس" منطقة استراتيجية، وتعود تسميتها نسبة لتل أثري وإلى الشرق منها صخور جصية.
تقع المنطقة في أرض سهلية خصبة غنيّة بالينابيع التي تغذي نهر البليخ، ومن الينابيع نبع "عين العروس ونبع عين الحصان ونبع صلولع".
ومنذ القدم، جذبت تربتها الخصبة ومياهها الوفيرة وموقعها على طريق القوافل التجارية السكان، وعندما تحولت الطرق التجارية عنها تراجعت وأصبحت بلدة زراعية.
ويعد نبع "عين العروس" مقصداً سياحياً مهماً لما يتميز به من جمال الطبيعة والمناظر الخلابة.
ويشهد تل أبيض مهرجاناً ثقافياً فنياً كبيراً تشارك فيه فرق فنية من مختلف مناطق سوريا، كما تقام فعاليات ثقافية عدة على هامش المهرجان وأنشطة منوعة تراثية وفلكلورية.
مواطن الجمال في هذه المدن السورية التي يتركها أهلها تباعاً، معرّضة للتدمير في أي وقت بنيران وقذائف الجيش التركي الذي يواصل عدوانه على الأراضي السورية، وسط إدانات عربية وعالمية.