صحيفة تركية: العدوان على سوريا "مقامرة كبرى"
حصيلة ضحايا اليوم الأول للعدوان التركي شمال شرقي سوريا وصلت إلى 30 قتيلا بينهم 8 مدنيين.
أكدت صحيفة تركية معارضة، نقلا عن كاتبين بريطانيين، أن تركيا تواجه مخاطر عسكرية واقتصادية جسيمة، حال اتساع أبعاد عدوانها على الشمال السوري، ووصفاه بـ"المقامرة الكبرى".
ووصف سيمون تيسدال، الكاتب بصحيفة الجارديان، العدوان التركي بـ"مقامرة أردوغان الكبرى"، فيما قال ريتشارد سبنسر مراسل الشرق الأوسط لصحيفة "التايمز"، إن "جيش أردوغان قد ينجر لحرب لا نهاية لها"، بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" التركية المعارضة.
مقال تيسدال الذي حمل عنوان "مقامرة أردوغان الكبرى" قال: إن الرئيس التركي حصل على الضوء الأخضر من نظيره الأمريكي دونالد ترامب، وشن العدوان، مشيرا إلى أنه أصبح وجها لوجه مع عدد من القرارات الصعبة.
وتابع: "الأسئلة التي تطرح نفسها حول هذه العملية هي إلى أي مدى ستتقدم؟ ومن العدو؟ وكم من الوقت ستستغرق؟ وبالتأكيد هذه أكبر مقامرة لسياسي (في إشارة لأردوغان) معروف بالمخاطرة"، بحسب صحيفة (تي 724) التركية المعارضة.
ولفت كاتب "الجارديان" إلى أن "المسؤولين الأتراك مشغولون حاليا بتوضيح أهداف العملية، إذ تحول هذا التحرك العسكري فجأة إلى عملية سلام تستهدف تنظيم داعش الإرهابي، في حين أن أردوغان يصرح منذ أشهر بأنه يهدف من خلال العملية القضاء على التهديدات الكردية".
الكاتب لفت كذلك إلى أن هناك بعض علامات الاستفهام حول خطط تسكين السوريين الموجودين بتركيا في المنطقة الآمنة التي تسعى أنقرة لتأسيسها في الشمال السوري.
وتابع: "إبراهيم قالن متحدث الرئاسة التركية، الذراع اليمنى لأردوغان، زعم أن عملية إعادة السوريين من بلادهم إلى وطنهم ستكون طواعية، لكن الأمر يبدو على عكس ذلك، والهيئات الإغاثية تساورها الشكوك حيال ما يقال بهذا الشأن".
كما أوضح أن "أردوغان الذي أرسل جيشه إلى سوريا بات في مواجهة العديد من الأمور الغامضة المجهولة، ومنها هل تركيا لديها المقدرة أن تتولى بمفردها التصدي لداعش وأن تسيطر على معسكرات التنظيم التي يفرض الأكراد كلمتهم فيها؟".
وأضاف تيسدال في مقاله: "كما أن أردوغان ككثير من الآخرين، لا يعرف كيف ستكون الخطوة التالية لترامب بعد ذلك. ونفس الشيء لا يعرفه كذلك عن روسيا".
وبيّن أنه "من غير الواضح أيضا كيف سينظر الشعب التركي الذي أصيب بخيبة أمل في أردوغان، ويأن تحت وطأة أزمة اقتصادية شديدة، إلى هذه الحرب مترامية الأبعاد، والمكلفة اقتصاديا"، مضيفا "وإذا تسببت هذه العملية في أزمات إنسانية كبيرة كما تتوقع الأمم المتحدة، فإن الرئيس التركي يعرف جيدا أنه سيتعرض لاتهامات دولية، وربما لعقوبات أوروبية وأمريكية".
من جانبه، قال ريتشارد سبنسر مراسل الشرق الأوسط لصحيفة "التايمز"، في تحليل له حول هذا العدوان، إن هذا التحرك العسكري يحمل العديد من المخاطر بالنسبة لأردوغان والجيش التركي.
ونبه إلى أن "الأهداف الأولية لتحرك أردوغان عسكريا هي السيطرة على رأس العين، وتل أبيض، وهما منطقتان يعيش فيها العرب أي أنهما خارج منطقة سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية. والجيش التركي انسحب من هاتين المدينتين وليس من كافة المنطقة الحدودية. وهذا يعني أن الولايات المتحدة تريد أن تقتصر العملية على هاتين المنطقتين".
وتابع سبنسر قائلا: "غير أن أردوغان يهدف إلى امتداد مساحة سيطرته في الشمال السوري لعمق 30 كم، وهذا أمر يثير الكثير من الأسئلة التي ليست لها إجابة. كما أن هذا قد يعني نزول كثير من الجنود الأمريكيين صوب الجنوب، وكما هو معلوم أن جزءا كبيرا من هذه المنطقة تحت سيطرة النظام السوري".
ولفت إلى أن الرئيس ترامب يريد الانسحاب تماما من شرقي سوريا، مضيفا: "لذلك فإن أردوغان قد يجرب التقدم حتى كل من الرقة ودير الزور، وهذا الأمر قد يجعل الجيش التركي هدفا لهجمات تنظيم داعش".
وأضاف: "عملية بهذا الحجم، قد تكون الأكبر والأكثر خطورة بالنسبة لتركيا منذ احتلالها شمال قبرص عام 1974 وحتى الآن. ذلك الاحتلال الذي أسفر عن صراع ممتد لعشرات السنين دون حل، وتسبب في توتر علاقات أنقرة بالعالم الخارجي".
وذكر سبنسر قائلا: "وبالتالي فإن القيام بأي هجوم شرق سوريا قد يجر تركيا لحرب طويلة تمتد لعشرات السنين كما حدث في قبرص".
ووصلت حصيلة ضحايا اليوم الأول للعدوان التركي على شمال شرقي سوريا إلى 30 قتيلا بينهم 8 مدنيين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، كما قتل 7 عناصر من قوات سوريا الديمقراطية وأصيب 28 آخرون.
وأكد المرصد تواصل عمليات النزوح من مناطق متفرقة شرق الفرات جراء العدوان التركي على المنطقة، مشيرا إلى ارتفاع أعداد النازحين إلى أكثر من 60 ألف مدني تركوا مدنهم وبلدانهم وقراهم خلال 24 ساعة، من بداية اقتحام القوات التركية الأراضي السورية.