"بينار".. تشييع أحدث ضحية من 15 ألف امرأة في عهد أردوغان
موجة من الاحتجاجات تطالب نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتخاذ مزيد من الإجراءات لردع هذه الحوادث التي زادت بشكل ملحوظ في فترة حكمه
شُيع جثمان التركية بينار غولتكين (27 عاما) التي قتلت على يد صديقها، قبل أيام، في جريمة بشعة هزت الرأي العام التركي، وتسببت في موجة من الاحتجاجات التي طالبت نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، باتخاذ مزيد من الإجراءات لردع هذه الحوادث التي زادت بشكل ملحوظ في فترة حكمه.
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" التركية، فقد دفنت غولتكين في قرية "غايدا" التابعة لبلدة "حيزان" بولاية بتليس، جنوب شرقي تركيا، وسط أجواء يخيم عليها الحزن والغضب الشديدين.
وكان من اللافت للانتباه في الجنازة أن النساء هن من حملن نعش الفتاة، التي كانت حادثة قتلها سببًا في انتفاضتهن خلال الأيام الماضية ضد قوانين أردوغان التي لا تتعامل بحسم مع مرتكبي مثل هذه الحوادث.
واختفت "بينار غولتكين" في 17 يوليو/تموز الجاري، وعثرت قوات الأمن التركية، الثلاثاء، على جثتها في منطقة غابات بولاية موغلا جنوب غربي البلاد.
وأسفرت التحقيقات عن أن حبيبها السابق، جمال متين أفجي، هو من قتلها حيث أفقدها الوعي أولا بضربها على رأسها، وخنقها حتى الموت، وحاول إحراق جثتها قبل أن يضعها في برميل، ويرميها بمنطقة الغابات المذكورة.
وتصدرت تلك القضية الرأي العام التركي على جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشعلت من جديد المطالبات بالحد من العنف ضد النساء الأتراك.
وعلى أثر ذلك شهدت العديد من المدن التركية، الثلاثاء، مسيرات احتجاجية للتنديد بالحادث الإجرامي الذي يعد حلقة من سلسلة لا متناهية من حوادث العنف ضد المرأة في تركيا في ظل عدم اتخاذ النظام خطوات جادة للحد من تلك الجرائم.
العنف ضد المرأة وصمت النظام
وفي أبريل/نيسان الماضي، حملت قيادية كردية معارضة في تركيا، نظام الرئيس، رجب طيب أردوغان، مسؤولية تزايد وتيرة العنف ضد المرأة في البلاد، وعدم تفعيل آليات مواجهتها تحت ذريعة مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد(كوفيد-19).
جاء ذلك في تصريحات أدلت بها الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، برفين بولدان، عبر مقطع فيديو بثته على الحساب الرسمي للحزب بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، آنذاك
وأضافت المعارضة الكردية أن معدل العنف ضد المرأة ارتفع في ظل تفشي كورونا بنسبة 27.8%، مشيرة إلى أن 29 سيدة قتلن في مارس/آذار الماضي ضحية للعنف.
وتابعت قائلة "دعوات البقاء بالمنزل كانت سببًا في زيادة معدلات العنف ضد النساء، والنظام الحاكم الذي لم يخلق أجواءً آمنة للنساء، هو المسؤول الأول عن تلك المجازر التي ترتكب بحقهن".
واستطردت قائلة "فالنساء بالخارج يواجهن خطير الفيروس، وبالداخل أصبحن وجهًا لوجه مع عنف الرجال"
في السياق نفسه قالت بولدان إن "النظام التمييزي والاستبدادي لحزب العدالة والتنمية(الحاكم) الذي لا يهتم إلا بنفسه وأنصاره يهدد الحياة الاجتماعية شأنه في ذلك شأن الوباء تمامًا".
وأردفت قائلة "لم يعد الأمر قاصرا على العنف ضد النساء فحسب، بل امتد كذلك إلى الابتزاز، والظلم وعدم المساواة، والفقر، والبطالة، والتمييز وغيرها من أشكال العداء والاستقطاب".
كما شددت بولدان على أن "الوجه الحقيقي لحزب العدالة والتنمية صار الجميع يراه بوضوح خلال أزمة الوباء من خلال قمع مطالب الدولة الاجتماعية بعقلية الدولة الاستبدادية وتحويل الأزمة إلى فرصة اقتصادية وسياسية".
15 ألف ضحية في عهد أردوغان
وفي مارس/آذار الماضي كشف تقرير للمعارضة التركية، عن أن 15 ألف و557 سيدة قتلت خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية التي امتدت لـ18 عامًا امتدت من 2002 وحتى العام 2020.
جاء ذلك بحسب تقرير أعده سزغين طانري قولو، النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس كل عام.
وأوضح التقرير الذي حمل عنوان "انتهاكات حقوق المرأة بتركيا بين عامي 2002-2020"، أن 474 سيدة قتلن في العام 2019، و27 في شهر يناير/كانون ثان الماضي، و22 في فبراير/شباط الماضي.
وبيّن التقرير أن 185 من السيدات اللاتي قتلن في 2019، تم التخلص منهن بالأسلحة النارية، و101 منهن بآلات حادة، و29 بالخنق، و6 بمواد كيميائية، و27 عن طريق ضرب أفضى للموت، و6 حرقًا، و19 عن طريق الإلقاء من أماكن مرتفعة، و101 حالة لم تعرف طريقة قتلهن.
ولفت إلى أن 218 حالة من حالات القتل في 2019 لم تعرف دوافعها، و115 حالة تم الاشتباه بها، فيما قتلت 114 امرأة لطلبهن الطلاق، و27 أخريات قتلن لأسباب اقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذّر المجلس الأوروبي السلطات التركية من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، مطالباً باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية، بهدف مكافحة الظاهرة.
وقال تقرير صادر عن المجلس آنذاك "نشعر بقلق بالغ حيال استمرار الآراء النمطية التقييدية داخل المجتمع التركي، لا سيما على المستوى السياسي الرفيع والشعبي، إذ تستهدف المرأة وتشجع على تعنيفها".
ولفت التقرير إلى "وجود قلق بالغ من عدم اتخاذ العقوبات اللازمة ضد أحداث العنف تجاه المرأة، وغياب بيانات أو أدلة على التحقيق بشكل فعال في وقائع العنف".
وذكر أن 25% من الإناث بتركيا يجبرن على الزواج في سن أقل من 18 عاماً، مضيفاً أن هذه النسبة تصل إلى 32% في القرى.
وكشف أن 27% من التركيات يتعرّضن للمراقبة والتتبع والتحرش الجنسي، مرة واحدة على الأقل طوال حياتهن.
وألقى مسؤولية تلك الجرائم "على المسؤولين الحكوميين الذين يقفون مكتوفي الأيدي دون فعالية في حماية المرأة التي تتعرض للعنف، ويتسامحون في تلك الموضوعات".
وختاماً، أوصى التقرير بـ"إعداد برامج تدريبية لتوعية الموظفين في المناصب القضائية وقوات الأمن بكيفية التعامل مع قضايا العنف التي تستهدف المرأة".
يشار إلى أن مسألة حقوق الإنسان في تركيا تتدهور منذ محاولة الانقلاب الفاشل يوليو/تموز 2016 الماضي، الأمر الذي تسبب في اعتقال الآلاف والفصل التعسفي وفرض حالة الطوارئ وأعمال عنف من قبل النظام التركي، بحجة الموالاة للداعية فتح الله غولن.
ومن بين ضحايا النظام الطلاب والصحفيون وأساتذة الجامعات والسياسيون والحركات النسوية التي تنادي بحقوق المرأة وحمايتها من القمع.