إريتريا في 2019.. صفحة جديدة تجاه الريادة والانفتاح
دور بارز للإمارات.. وقطر تخرب مساعي السلام
ظلت قطر تعمل على محاولة إفشال عملية السلام بين إريتريا وإثيوبيا وتنفيذ مخطط تخريبي بعناصر إخوانية في أسمرا والخرطوم.
بعد 20 عاماً من الافتقار إلى الأمان والاستقرار السياسي والأمن الغذائي، يعتبر كثيرون من أبناء الشعب الإريتري عام 2019 صفحة جديدة نحو الريادة والنمو والانفتاح ببلادهم تجاه الإقليم.
ومنذ اتفاقية السلام بين إريتريا وإثيوبيا التي تم توقيعها في سبتمبر/أيلول 2018 برعاية إماراتية - سعودية، تحسنت العلاقات بشكل ملحوظ بين البلدين، وخطت أسمرا خطوات حثيثة نحو مرحلة أكثر إشراقاً سعياً منها لتتبوأ مكانها الحقيقي دولياً وقارياً وإقليمياً.
كما سعت إريتريا خلال عام 2019 في عدد من الملفات وقضايا السلام والأمن بالبحر الأحمر، وشاركت بعدد من القمم الثلاثية، فضلاً عن مشاركتها مع إثيوبيا بمساعٍ دبلوماسية تستهدف إحداث تحولات إقليمية في منطقة القرن الأفريقي من خلال إنهاء العداوات وخلق تكامل اقتصادي وسياسي لمنطقة ظلت الأكثر هشاشة في القارة السمراء من حيث التعاون الإقليمي وانتشار النزاعات.
وبدأت إريتريا بطي صفحات الخلاف مع دول الجوار كالصومال، والسودان، وجيبوتي إلى حد ما، وهو أمر ساعد أسمرا في تجاوز التحديات التي كانت تشكل عقبة أمام تطور اقتصادها، كما عملت على استعادة دورها الإقليمي وتوظيف موقعها الجيوستراتيجي.
ويرى خبراء ومراقبون أن عام 2019 فتح عهداً جديداً لإريتريا لتخطو نحو الريادة والنمو والانفتاح، كما ساهمت الجهود التي بذلت في إزالة اسم إريتريا من القائمة الأمريكية للدول غير المتعاونة في مجال مكافحة الإرهاب.
وقال عبده يحيى، المتخصص في قضايا القرن الأفريقي، إن التحولات التي شهدتها المنطقة خاصة السلام بين إثيوبيا وإريتريا، فتح فرصاً وأفاقاً واعدة لأسمرا، خاصة في المجال الاقتصادي.
وأضاف، في حديث لـ" العين الإخبارية"، أن الاقتصاد الإريتري بدأ في التعافي من الركود الذي اتسم به لسنوات، بفضل الجهود التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة ووتوقيع اتفاقيات التمويل قبل 6 سنوات مع أسمرا، في إطار مساندة وتطوير اقتصادها بتقديم القروض اللازمة لتنفيذ مشاريعها الإنمائية.
بجانب إنهاء الخلافات مع دول الجوار فتحت الفرصة أمام المشاريع الكبرى بإريتريا، كالتعدين لإنتاج الذهب والبوتاس في كولولي بدنكاليا، وتوسيع ميناءي وعصب ومصوع.
وتابع أنه: "من المتوقع أن تحقق إريتريا معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي السنوي يتراوح بين 4 إلى 5% بين 2019 و2024".
وتمثل الزراعة والرعي وصيد الأسماك في إريتريا الدعامة الأساسية لأكثر من 75٪ من السكان، بينما تشكل حوالي 20 إلى 30% من صادرات السلع الأساسية.
إريتريا والدور الإيجابي بالإقليم
أعادت جائزة نوبل للسلام التي فاز بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، زخم العلاقات الإريترية الإثيوبية، حيث أعرب عقب عودته من أوسلو عن أمله في أن يحتفل بإنجاز جائزة نوبل للسلام مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
ويرى المحلل السياسي إدريس عمر أن جائزة نوبل وإعلان آبي أحمد الاحتفال مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي بالجائزة خطوة ستدفع بتعزيز عملية السلام بين البلدين وتشجعهما على المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق الموقع بينهما.
وأوضح إدريس، في حديث لـ"العين الإخبارية" أن السلام الذي عاد بين البلدين ستنعكس آثاره الإيجابية بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة على شعبي البلدين.
وقال إن زيارة وفد ثقافي إثيوبي ضم 60 عضواً يمثلون مختلف القطاعات بالمجتمع الإثيوبي إلى إريتريا، مثلت مرحلة كبرى في نقل هذه العلاقات وتعزيزها من أجل تقوية والروابط الثقافية الشعبية بين البلدين.
وتوقع إدريس نقلة كبرى ونوعية في التعاون بين البلدين في محتلف المجالات خاصة الاقتصادية، مؤكداً أن هناك جهوداً تبذل في إريتريا لتجهيز الموانئ الإريترية لاستخدامها من قبل إثيوبيا، وهو ماسيدفع بهذه العلاقات إلى آفاق أفضل تعود آثارها على شعبي البلدين في مختلف حياتهم المعيشية.
أبرز الأحداث خلال 2019
في فبراير/شباط الماضي، قام وفد دبلوماسي وشعبي إريتري بزيارة إثيوبيا، ضم 55 عضواً من مختلف قطاعات البلاد، بجانب فرقة موسيقية شعبية قدمت عروضاً فنية وثقافية بـ4 مدن إثيوبية.
وفي الـ14 من ديسمبر/كانون الأول الجاري توجه وفد ثقافي إثيوبي إلى إريتريا، ويضم 60 عضواً يمثلون مختلف القطاعات بالمجتمع الإثيوبي، لتعزيز العلاقات الثقافية والروابط الشعبية بين البلدين، لإحياء ليالٍ ثقافية بعدد من مدن إريتريا لمدة أسبوع.
آبي أحمد وأسياس.. ثنائية نحو تكامل القرن الأفريقي
بعد قمة أسمرا الثنائية بين الرئيس الإريتري إسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد العام الماضي، تكررت مشاهد مماثلة في العام الجاري، إذ وصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والكيني، وأوهورو كينياتا، إلى أسمرا، في زيارة مفاجئة مطلع مارس/آذار 2019.
واتسمت الزيارة بالحميمية وبعد يومين التقى الزعيمان في جوبا الرئيس سلفاكير، استكمالاً للمساعي الدبلوماسية التي تقودها أديس أبابا وأسمرا لإحداث تحولات إقليمية في منطقة القرن الأفريقي بإنهاء العداوات وخلق تكامل اقتصادي وسياسي بالمنطقة.
عودة العلاقات بين أسمرا والخرطوم
اتسمت العلاقات بين أسمرا والخرطوم في فترة حكم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير بعدم الاستقرار، وأغلق الجانب السوداني الحدود مع إريتريا في أكثر من مناسبة، لينتهي ذلك بإزاحة حكومة الإخوان من سدة الحكم في الخرطوم وعودة المياه إلى مجاريها، وتوالي الزيارات بين قيادات ومسؤولي البلدين.
ففي 14 يونيو/حزيران الماضي، قام رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان بزيارة إلى إريتريا تلبية لدعوة من الرئيس الإريتري، أفضت إلى إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ فبراير/شباط 2018، وتسهيل حركة مواطني الدولتين.
وفي 24 يونيو من الشهر نفسه، قام وفد إريتري برئاسة وزير الخارجية عثمان صالح بزيارة إلى الخرطوم، فيما زار قبل أسابيع نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان "حميدتي"، إريتريا ليومين، بدعوة رسمية من أفورقي، للتباحث حول ملف السلام مع الحركات المسلحة بالسودان.
وفي 14 سبتمبر/أيلول وصل أفورقي إلى الخرطوم، في أول زيارة رسمية للسودان منذ 2014، وبعد قطيعة نحو 18 شهراً، كما أعقب ذلك أن قام حميدتي بزيارة لإريتريا مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وفي ختام زيارة له بأسمرا في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك متانة العلاقات الثنائية بين بلاده وإريتريا، وحرص قيادات البلدين على تعزيزها.
تحديات إريتريا في عام 2019
أبرز ما أرق حكومة إريتريا خلال عام 2019 ، هي ما أسمته المخططات التخريبية التي تحيكها قطر في محاولة لتعكير صفو السلام الذي تتمتع به إريتريا ودول المنطقة، وأصدرت إريتريا ثلاثة بيانات خلال العام الجاري تندد فيها بالدور التخريبي لقطر.
فداخلياً هناك بعض التحديات التي ينتظر المجتمع الدولي أن تحقق فيها إريتريا تقدماً كملف حقوق الإنسان وتفعيل الدستور، فضلاً عن قضية المعتقلين.
قطر ومحاولة إفشال عملية السلام
وظلت قطر تعمل بمحاولة إفشال عملية السلام بين إريتريا وإثيوبيا وتنفيذ مخطط تخريبي بعناصر إخوانية في إريتريا والسودان.
ونددت إريتريا في ثلاثة بيانات وبثلاث مناسبات مختلفة بالدور القطر التخريبي، حيث قالت أسمرا إن الدوحة تسعى لتنفيذ أجندات تخريبية وصفتها بالمشينة لإفشال عملية السلام بين إريتريا وإثيوبيا، كما أكدت دورها في زعزعة الأمن والاستقرار في كل من شرق السودان وإريتريا.
وفي 4 أبريل/نيسان من العام اتهمت إريتريا رسمياً كلاً من تركيا وقطر، بالسعي إلى تخريب وعرقلة مسار السلام مع إثيوبيا، وفي منطقة القرن الأفريقي.
وأواخر نوفمبر /تشرين الثاني الماضي نشرت وزارة الإعلام الإريترية ضمن بيانها 10 بنود قالت إنها تدخل ضمن خطة قطر "التخريبية" الخاصة بإريتريا.
وقالت إن الدوحة بعدما يئست من استخدام الأراضي السودانية كمرتع لانطلاق مخططها هذا العام، عمدت إلى وضع مخطط تخريبي يشتمل على 10 نقاط للتخريب.
دور بارز للإمارات لإحلال السلام بإريتريا
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فظلت تبذل قصارى جهدها لمساعدة إريتريا على تخطي العقابات بعدد من المجالات، وتصاعدت تلك الجهود حتى رعاية اتفاقية السلام بين أديس أبابا وأسمرا، وإنهاء 20 عاماً من الخلافات والقطيعة.
وضمن جهود الإمارات ودورها الريادي بمنطقة القرن الأفريقي خاصة إريتريا، قام الرئيس الإريتري في الـ10 من سبتمبر/أيلول الماضي بزيارة إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، استقبله خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تطلعه في أن تسهم الزيارة في تنمية علاقات التعاون بين بلاده وإريتريا خلال المرحلة المقبلة، بما يعود بالخير والنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.
وشاركت الإمارات في البنية التحتية لإريتريا بتجهيز ميناء عصب، وسيسهم الميناء بلا شك في زيادة صادرات إثيوبيا ودخلها من العملة الصعبة، كما ان تكلفة أديس أبابا لتدبير احتياجاتها عبر هذين الميناءين تعد أقل مقارنة مع تكلفة الموانئ الجيبوتية البعيدة نسبياً.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإريتريا نحو 790 مليون درهم (215.2 مليون دولار) في 2017، فيما بلغ في 2016 نحو 630 مليون درهم (171.6 مليون دولار). ويتصدر الذهب الخام والمُصنع قيمة التبادل التجاري بين الإمارات وإريتريا، وفق بيانات رسمية.
والإثنين الماضي، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، علاقات الصداقة وإمكانات وفرص التعاون بين الإمارات وإريتريا خلال استقباله الرئيس أسياس أفورقي.
ورحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة الرئيس الإريتري للإمارات، وبحث معه خلال اللقاء، علاقات الصداقة وإمكانات وفرص التعاون بين الإمارات وإريتريا في مختلف المجالات والآفاق المستقبلية لتطويرها، بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين الصديقين.
واستعرض الجانبان مجمل التطورات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر حولها.
إريتريا ومستقبل النمو 2020
وشهدت إريتريا خلال عام 2019 نمواً ثابتاً نتيجة الاستثمارات في قطاعَي التعدين والصناعات الاستخراجية، وبشهادة المؤسسة الأفريقية للتمويل، فإن معدل نموّ للناتج المحلي الإجمالي السنوي قد يتراوح بين 4 إلى 5 في المائة بين 2019 و2024.
وأعلنت مؤسسة التمويل الأفريقية (“إيه إف سي”) التحاق إريتريا بالمؤسسة لتكون العضو الـ24 فيها، بعد أن صادق الرئيس أسياس أفورقي شخصياً على القرار في 6 نوفمبر 2019.
وأطلقت إريتريا وإثيوبيا دراسة لمشروع السكك الحديدية الذي يربط ميناءي عصب ومصوع بإثيوبيا، وخلال المنتدى التجاري الإثيوبي الإيطالي الأول يونيو/حزيران الماضي، أعلن وزير المالية الإثيوبي احمد شيدي عن المشروع.
فيما قالت إيمانويلا ديل ري، نائبة وزير الخارجية الإيطالي، إن حكومتها سوف تدرس إمكانية القيام بالمشروع.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي نوهت إيطاليا بأنها ستقدم مساعدة في بناء سكة يبلغ طولها 750 كيلومتراً ويربط ميناء مصوع بأديس أبابا.
وبحسب الخطة سيمر خط السكة بكل من مقلي بإقليم تجراى وهواش بإقليم العفر الإثيوبي قبل أن يصل إلى البحر الأحمر.
aXA6IDMuMTQ1LjQwLjEyMSA= جزيرة ام اند امز