انطلاق مسابقة "باريستا" لتحضير القهوة بأديس أبابا
الرسم على القهوة من الفنون التي تدرس وتحتاج إلى مهارة عالية من التركيز ودأبت بعض الدول على ترسيخ هذا الفن بإقامة المسابقات
لم تعد القهوة الإثيوبية مجرد مشروب لتعديل المزاج فحسب، بل تحول إلى طقس يجد الإنسان نفسه فيه عندما يتقن مستحضروه طريقة تحضيره وعرضه وإدخال مؤثرات عليه مثل رسم قلوب وابتسامات على القهوة.
كثير من صناع القهوة احترفوا فن الرسم حتى أصبح هناك مسابقات دولية تقام لها، منها مسابقة "باريستا"، والتي تعني بالإيطالية "صانع بهجة الصباح".
وشهدت إثيوبيا، التي تعد من أهم البلاد المنتجة للبن لما للقهوة من أهمية في الموروثات الثقافية، تنظيم مسابقة الـ"باريستا" في نسختها الثانية، بفندق حياة ريجنسي الإماراتي بأديس أبابا.
وقال هيدو سيبس، مدير الفندق بأديس أبابا، إن الهدف من إقامة المنافسة هو التأكيد أن البن الإثيوبي يختلف عن أي بن آخر، مضيفا: "من خلال مشروعنا وضعنا القهوة الإثيوبية أمام أعيننا وأطلقنا عليها (بكسكارا) وتعني جميع الفواكه بجانب القهوة".
وأوضح سيبس، وهو أيضا ضمن اللجنة التي نظمت المسابقة: "أجرينا العديد من البحوث والدراسات حول القهوة الإثيوبية باعتبارها مصدرا للبن الطبيعي والأصلي، وقررنا بعدها تنظيم منافسات على مستوى دولي في مجال طريقة تحضير القهوة الإثيوبية، خاصة أن عملية تحضير البن تكون من قبل الإثيوبيين أنفسهم".
ولفت إلى أنهم من خلال البحوث والدراسات توصلوا إلى أن مشاركة الإثيوبيين في المسابقات التي تنظمها الدول الأخرى كانت ضعيفة وربما معدومة، مو حا أن هذا ما دفعهم لتنظيم المسابقات حتى يصل الإثيوبيون في تحضير القهوة إلى المستوى العالمي بعد مشاركتهم على المستوى الإفريقي.
وشارك في المنافسة التي شهدها فندق حياة ريجينسي بأديس أبابا، الأحد، 14 متخصصا في تحضير القهوة الإثيوبية.
وقال مدير الفندق وأحد المنظمين للمسابقة، إنهم تسلموا 40 طلبا للمشاركة في المنافسة من قبل المتخصصين في تجهيز القهوة الإثيوبية، مؤكدا أنهم اختاروا 14 شخصا فقط كمرحلة أولى للمسابقة، فاز منهم 6، مشيرا إلى أن المنافسة تمت على مرحلتين.
حضر المنافسة عدد من كبار المسؤولين بهيئة البن والشاي الإثيوبية "حكومية"، كما بثت المنافسة مباشرة عبر الإنترنت، وشارك في عملية التحكيم عبر الإنترنت مجموعة من الحكام من دبي واليونان وكينيا.
والـ"بارستا" هو الشخص الذي يحضر القهوة الإثيوبية ويضفي فنياته ولمساته عليها بجانب مذاقها الطبيعي والأصلي.
وعبر بنيام سني، متخصص في تحضير القهوة، عن سعادته في إحراز المرتبة الأولى بين المتنافسين، وقال لـ"العين الإخبارية": "بدأت معرفتي بالبن صدفة، ولكن ذلك قادني إلى الاهتمام بها والتخصص في إعدادها وأصبحت أحبها وصارت مهنتي التي من خلالها أكسب رزقي".
وسني، الذي فاز بالجائزة الأولى في مسابقة تحضير القهوة بأديس أبابا، هو أيضا مهندس معماري بدرجة دبلوم متقدم، فضلا عن حصوله على بكالريوس الموسيقى الكلاسيكية من مدرسة ياريد العريقة بإثيوبيا.
وأوضح، وهو يشعر بسعادة الفوز، أنه سيعتبر البن الإثيوبي شهادته العلمية الثالثة، مشيرا إلى أنه التحق بمعهد لدراسة البن.
ولفت إلى أنه يعيش في دبي بالإمارات العربية المتحدة، ويعمل في تدريب الفنيين على تحضير القهوة في دبي، موضحا أنه سفيرا للعلامة التجارية بمقهى لافازا في دبي ويمتلك خبرة 6 سنوات في مجال صناعة البن.
وحول مشاركته في المنافسة، قال إنه كان متواجدا بأديس أبابا لقضاء إجازته مع الأسرة، وقرأ إعلان المسابقة وسجل اسمه واسم زوجته، وخاض المنافسات في المرحلتين وأحرز المرتبة الأولى.
وأشاد بحكام المنافسة، وقال إنهم خبراء في مجال القهوة ويعرفون طريقة وإعداد القهوة على مستوى دولي، مشيرا إلى أن المنافسة جرت باستخدام قهوة "يرغاتشفي" المعروفة المنتجة بالبن الإثيوبي.
وطالب الحكومة ومحبي البن الإثيوبي بتعزيز مهنة تحضير القهوة وتحويلها إلى مهنة يتم تدريس تفاصيلها.
بدورها قالت مقدس يوهانس، التي أحرزت المرتبة الثالثة في المنافسة، وهي زوجة الفائز الأول: "عملت لمدة 5 سنوات في مجال تحضير القهوة رغم أنني ممرضة".
وأضافت: "أعددت فنجان قهوة خاص بي وأطلقت عليه (أبيسنيا) وتعني (حبشة) بهدف تعريف ثقافة بلادي.
وأوضحت أن تنظيم المنافسات لمهنة تحضير القهوة سيغير نمط تفكير مجتمع عريض من الناس، لأن الكثير يعتبرون تحضير القهوة مهنة هامشية رغم أنها مهنة مهمة جدا في المجتمع الأوروبي.
ولفتت إلى أنه من خلال خبرتها في هذه المهنة تعرفت على 171 نوعا من البن الإثيوبي، وتعلمت طريقة إعداد وتحضير القهوة التي تتعدى مهامها مجرد الرسم، وصولا لاحترافها خروج القهوة بمذاق وأشكال مختلفة.
والرسم على القهوة، أصبح من الفنون التي تدرس وتحتاج إلى مهارة عالية من التركيز، حيث دأبت بعض الدول كإيطاليا وألمانيا واليابان على ترسيخ هذا الفن، عن طريق المنافسات والمسابقات العالمية إلى جانب عقد دورات في كيفية تحميص القهوة وطحنها وإضافة الحليب ومشتقاته إليها.
وتعود جذور اكتشاف القهوة في إثيوبيا إلى راعي أغنام من قبيلة "الأورومو"، الذي اكتشف الأثر المنشط لنبات حبوب القهوة.
ولاحظ الراعي في إحدى هضاب إثيوبيا أن قطيع الماعز يقفز بنشاط غير معهود ويتسلق الصخور بسرعة غير مألوفة، كلما تناولت الماعز من ثمار شجيرات معينة، فبادر بتذّوقها وراح يشعر بحيوية زائدة وطاقة قوية لم يعهدها من قبل.
وفي يونيو/حزيران الماضي، حققت القهوة الإثيوبية أرقاما قياسية ضمن مزاد تحالف القهوة العالمي للجودة لعام 2020، من خلال مسابقة جرت عبر الإنترنت.
وبلغ إجمالي المبيعات 1،348،690 دولار أمريكي، بحصيلة تجاوزت الرقم القياسي السابق البالغ 830،245 دولار أمريكي في السلفادور عام 2011.
aXA6IDMuMTUuMjAzLjI0NiA= جزيرة ام اند امز