"متحف سلطي".. حكاية شعب من أصول عربية تملكته ثقافة إثيوبية
من مدينة ورابي على بعد 170 كلم جنوب العاصمة الإثيوبية، يستقبلك المتحف الثقافي الخاص بقومية سلطي إحدى قوميات شعوب جنوب إثيوبيا.
يروي المتحف حكاية شعب تملكته ثقافة إثيوبية وإن كانت أصوله عربية قبل أن يحط رحاله في مدينة هرر شرقي إثيوبيا، وينتقل بعدها إلى جنوب البلاد ضمن التغيرات التي شهدتها المنطقة قبل مئات السنين.
و"سلطي" إحدى قوميات شعوب جنوب إثيوبيا، تعود أصولها إلى جزيرة العرب قبل أن تحط رحالها في منطقة هرر شرقي إثيوبيا، لتنتقل منها إلى إقليم شعوب جنوب إثيوبيا في منطقة أطلقت عليها مؤخرا محافظة سلطي.
والمتحف الثقافي لشعب سلطي، الذي اختار له أعلى منطقة بالمدينة، يأخذك بتفاصيله الدقيقة عن إنسان هذه القومية وكيف عاش حياته منذ آلاف السنين خلال تنقله من جزيرة العرب إلى شرق إثيوبيا لينتهي به المطاف في منطقة أطلق عليها إسمه "سلطي" بجنوب البلاد، حمل خلالها أدواته ووسائله ومقتنياته.
ويصادف، الثلاثاء، الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف في 18 مايو/آيار من كل عام، وبدأت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث اتخذ المجلس العالمي للمتاحف (ICOM) القرار، وذلك في اجتماعه بمدينة موسكو سنة 1977 باعتبار يوم 18 مايو من كل سنة يوما عالميا للمتاحف.
وبهذه المناسبة نسلط الضو على إحدى متاحف جنوب إثيوبيا، وهو المتحف الثقافي لقومية سلطي، بأجنحته الممتدة داخل مبنى هو الآخر يعبر عن ثقافة البيت السلطي، يبهرك بتفاصيله متجولا ببصرك من جناح إلى آخر، ومتنقلا من معلم إلى الذي يليه.
ويقام المتحف على هيكل بأبعاد خماسية هي الأخرى رسالة تعبيرية ترمز إلى الفروع الخمسة الرئيسية التي كونت قومية سلطي، كل هذه التفاصيل الداخلية ومحتوياته المتحف، ترويها لكم "العين الإخبارية"، من داخل المتحف مع الأستاذة مسيرى حسين، منسقة الشؤون الفنية للمتحف الثقافي لقومية سلطي بمدينة ورابي.
وبدأت منسقة الشؤون الفنية بالمتحف، حديثها معبر عن فخرها وانتمائها لقومية سلطي ذات الأصول العربية، وقالت إن "متحف قومية سلطي هو حكاية طويلة تعود لمئات السنين، ونهدف من خلاله المحافظة على إرثنا وثقافتنا بكل تفاصيلها حتى نورثها للأجيال"، موضحة أن المتحف ويطلق عليه "أدا" بلغة السلطي، يحتوي على نماذج لعادات وتقاليد والآثار التاريخية وكل تراثيات قومية السلطي إحدى قوميات شعوب إقليم جنوب إثيوبيا.
وأضافت أن المتحف الذي لم يتجاوز عمره سوى 15 سنة، بني على طراز معماري حديث دون أن يفقد الشكل العام للبيت التقليدي لشعب سلطي، مشيرة إلى أن مدينة ورابي التي يقام عليها المتحف أصبحت قبل عقدين رئاسة محافظة سلطي كإدارة خاصة بشعب سلطي ضمن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، ومدينة ورابي يعود تاريخ إنشائها إلى قبل 150 عاما لكنها أصبحت رئاسة للمحافظة قبل 20 عاما، وهو مازاد الاهتمام بها.
وكشفت أن المتحف بني على خمسة أجنحة كرمزية لخمسة أمهات تكونت منهن قومية سلطي، وبذات الفكرة شيد المبنى على خمسة شعب وأعمدة كقوائم رئيسية، وكل جناح من الأجنحة الخمسة يحتوي على نوع معين من المقتنيات القديمة لقومية سلطي وجميعها أدوات ومقتنيات مصنوعة من المواد المحلية للمنطقة، وقالت إن هناك معلقات صنعتها الأمهات وهي متعلقة بأساس المنزل من محتويات الغرفة والمطبخ ومكان الضيافة، مشيرة إلى أن جميعها مزينة بألوان متعددة زادت من جمال المكان والأدوات التي يحتويها.
وأضافت أن من بين المقتنيات داخل المتحف يوجد جناح يحمل أدوات الحرب التي كانت تستخدم في تلك الحقب كالرماح والأسلحة النارية، فضلا عن صور لزعماء القومية وكراسي القادة والزعماء والقضاة، وجناح لأدوات الحرث والزراعة والرعي، فقومية سلطي تشتهر بالزراعة والرعي فيما أصبحت مؤخرا تعرف بالتجارة على مستوى البلاد.
وتابعت: هناك جناح يحتوي على صور فوتوغرافية تعبر عن المناطق الأثرية والطبيعية، وسرير وسفرة تقليدية صنعت يدويا من الحبال ولحاء الشجر والتي تسمى محليا "جِبا"، كما توجد وسادة خشبية تعرف بـ "غما" وغالبا ما يستخدمها العرسان، والأمهات الكبار.
كما يوجد بالمتحف جناح مخصص للزي التقليدي لسيدات ورجال قومية سلطي كانوا يرتدونها بعضها مصنوع من الجلد، ومنها ما صنع من القماش.
وهناك جناح بالمتحف لأدوات منزلية مصنوعة من الفخار ومن بينها كؤوس وفناجين وجبان تقليدية بأحجام مختلفة. والجبان وهي التي يعد عليها القهوة جاءت بأحجام متعددة وفق المناسبات وأعداد المشاركين، فهناك جبان تعد للأعراس والمناسبات القومية، وأخرى للجلسات الأسرية، وغيرها من الأواني المنزلية للمشروبات التقليدية.
ويحتضن المتحف نماذج لجلد النمر ما يعني أن المنطقة بها حيوانات برية متوحشة، وغنية بالآثار التاريخية ومؤهلة كوجهة سياحية.
وقالت "ميسرى"، إن المتحف به جناح خاص يعبر بصورة واضحة وقوية عن تمسك هذه القومية بدينها الإسلام، مشيرة إلى أن إدارة المتحف أفردت جناح للتراث الإسلامي وتجربة شعب سلطي مع الإسلام ودراسة القرآن الكريم، محتويا على مصاحف قديمة وألواح خشبية عتيقة لتدريس القرآن الكريم بأحجام كبير وأباريق تعرف محليا بـ"أنكولا" تستخدم للوضوء ومصنوعة من القرع الأخضر.
وتعتبر قومية سلطي إحدى القوميات بإقليم جنوب إثيوبيا الذي تقطنه أكثر من 50 قومية، أبرزها سيداما، ولايتا، والهديا، وقوراقي، وجامو، وسلطي، وهو ما أضاف للإقليم مزيجاً من التنوع في مجال الفنون والتراث والثقافة، كأرض مشبعة بعادات وتقاليد قوميات عديدة.
ويتميز شعب سلطي برقصاته، وأغانيه، وزيه التقليدي، ويعرف رجالها بالكوفية المصنوعة من القماش القطني مطرزة بالألوان البرتقالي والأبيض والرمادي، كما أن النساء يرتدين فساتين وخمار بذات الألوان كشعار تعرف به القومية في زيها الشعبي.