معارك تجراي.. ملف أزمة جديدة بالقرن الأفريقي
مع اقتراب معارك إقليم تجراي الإثيوبي من إتمام أسبوعها الثاني، اتسعت دائرة الأزمة لتشمل إريتريا بعد مزاعم بشأن مشاركتها في القتال.
وبدأ الجيش الإثيوبي تحركه ضد جبهة تحرير تجراي التي تصنفها الحكومة المركزية كجماعة إجرامية، لكن الأزمة تدحرجت إلى قتال عنيف أدى لنزوح الآلاف، وشمل قصفا لمواقع تتبع الحكومة المركزية في إقليم أمهرة ومزاعم عن استهداف الجبهة للبلد المجاور، إريتريا بالصواريخ.
ومنذ أن أعلنت حكومة إثيوبيا توجيهات لقوات الدفاع بالتدخل ضد جبهة تجراي مطلع الشهر الجاري، عقب هجومها على معسكر للدفاع الوطني، تحولت الخصومة السياسية إلى عسكرية في الصراع الممتد لعامين ما بين أديس أبابا والإقليم الشمالي.
وظلت المشاحنات السياسية تحت السطح بين الجبهة التي حكمت البلاد لسنوات وحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، لكن رفض الجبهة الامتثال لقرار تأجيل الانتخابات المحلية مع تفشي فيروس كورونا دفع الخلافات للواجهة.
وأعادت الأزمة تشكيل ملامحها مع ضربة استباقية نفذتها الحكومة ضد مخطط الجبهة المتمردة لإثارة الفوضى في البلاد، ما استدعى صدور قرارات توقيف بحق قياداتها المتورطة.
وقادت هذه الأزمة السياسية إلى تحرك عسكري مباشرة في الإقليم، ترصد "العين الإخبارية" أبرز محطاته:
الساعة صفر:
أصدرت الحكومة المركزية توجيها لقوات الدفاع بالتدخل ضد تحرير تجراي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وتزامن التحرك مع إعلان حالة الطوارئ بالإقليم لمدة 6 أشهر، ومنع تحليق الطيران المدني بالمنطقة، وإعادة 4 جنرالات متقاعدين إلى الخدمة العسكرية بقوات الدفاع الإثيوبية.
وفي مسعى لترتيب البيت الداخلي أجرى آبي أحمد تعديلات على حكومته وقيادة الجيش شملت وزارة الخارجية ورئيس هيئة أركان الجيش، ومدير الأمن والمخابرات العامة والشرطة.
وضمن هذه القرارات والترتيبات، أعلن أن يوم الثلاثاء المقبل يوم خاص لدعم ومساندة قوات الدفاع الإثيوبي، حيث صدر توجيه بأن يقف الجميع الثلاثاء دقيقتين في جميع أنحاء البلاد، إجلالا لقوات الدفاع الوطني.
آبي أحمد يتحدث:
وتوالت تصريحات وتوجيهات رئيس الوزراء الإثيوبي، منذ اندلاع القتال، حيث صاغ آبي أحمد رؤية حكومته لأهداف العملية باعتبارها محاولة لإنفاذ القانون للجماعة التي وصفها بالإجرامية والخارجة عن القانون، كما تضمن تصريحاته تحذيرات لتجراي وطمأنة للمجتمع الدولي والإقليمي بأن العملية العسكرية محدودة ومرتبطة بالقبض على المجموعة الخارجة في شمال البلاد.
وأكد آبي أحمد أن بلاده لن تنزلق إلى الفوضى بسبب العملية العسكرية، معبرا عن شكره لمن أبدوا مخاوفهم، قائلا إن "إثيوبيا ممتنة للأصدقاء الذين عبروا عن قلقهم.. المخاوف من انزلاق البلاد إلى الفوضى لا أساس لها وتأتي نتيجة لعدم فهم أوضاعنا".
وأضاف "عمليتنا تهدف إلى فرض سيادة القانون وضمان السلام والاستقرار بشكل نهائي من خلال تقديم المسؤولين عن عدم الاستقرار إلى العدالة".
وفي تصريح منفصل وضع آبي أحمد 3 شروط لإنهاء العملية العسكرية، كان أولها نزع سلاح جبهة تحرير تجراي، واستعادة الإدارة الشرعية، والقبض على الهاربين وتقديمهم إلى العدالة.
شروط أعقبها قرار بتعيين رئيس تنفيذي للإقليم بناء على قرار المجلس الفيدرالي (الغرفة الثانية) وقرار مجلس الوزراء المتعلقة بتشكيل إدارة مؤقتة لإقليم تجراي، فقد تم تعيين الدكتور ملو نيغا كرئيس تنفيذي لإدارة الإقليم.
وكلف رئيس الوزراء الرئيس التنفيذي بتعيين مسؤولي الأجهزة التنفيذية لحكومة الإقليم من الأحزاب السياسية المحلية، قبل أن يدعو نهاية الأسبوع الماضي قوات ومليشيات جبهة تحرير تجراي إلى الاستسلام خلال يومين لقوات الجيش الوطني، "إنقاذا لأرواحهم".
دعوة آبي أحمد اعتبرها متابعون للشأن الإثيوبي إشارة منه إلى حسم العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش الإثيوبي ضد جبهة تحرير تجراي، خلال اليومين أو الثلاثة أيام المقبلة.
في الميدان.. تحرير مدينة استراتيجية واتساع المواجهة
ميدانية، أعلن الجيش الإثيوبي بعد أسبوع من بدء العمليات سيطرة قواته على مدينة الحمرة الاستراتيجية.
وقال اللواء محمد تسيما، المتحدث باسم الجيش الإثيوبي، إنه تمت السيطرة على مدينة حمرة وضواحيها بالكامل من قبل قوات الدفاع، وأضاف أن الجيش يهاجم حاليا المنطقة الممتدة من حمرة إلى شرارو ويسيطر على مناطق مختلفة.
وتقع مدينة الحمرة في أقصى شمال غرب البلاد بالقرب من الحدود مع السودان وإريتريا.
وبعد يوم من تحرير المدينة، كشف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد العثور على جثث أفراد من قوات الجيش في منطقة شيرارو بإقليم تجراي بعد دخول القوات للمدينة وفرض سيطرتها عليها، وقال إن جثث أفراد الجيش كانت مكبلة بقسوة وأذرعهم وأرجلهم مقيدة خلف ظهورهم.
وأشار إلى أن ذلك يعكس مدى قسوة مجموعة جبهة تجراي، مضيفا أن "الهدف من هذا العمل الوحشي هو تدمير إثيوبيا وإثارة غضب جيشنا والشعب".
وأكد آبي أحمد أن "نهاية هذه العصابة المجرمة من جبهة تحرير تجراي ستكون قريبة"، مشيرا إلى أنه تم تحرير المنطقة الغربية من إقليم تجراي.
ومع تضييق الخناق على جبهة تحرير تجراي عمدت الحركة المتمردة إلى توسيع دائرة المعارك بقصف مواقع في إقليم أمهرة المجاور.
وأمس السبت قال فريق الطوارئ إن جبهة تجراي أطلقت صاروخين باتجاه مدينتي بحردار وجوندر في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، ما ألحق أضرارا بمطاري المدينتين.
وأشار إلى أن جبهة تحرير تجراي تسعى لإحداث أوسع تخريب ممكن قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
بعيدا عن ميدان المعركة:
وألقت المواجهة العسكرية بظلالها على الساحة الداخلية بإثيوبيا التي تشهد حالة من الترقب والاستنفار، تخللتها أخبار اعتقالات وإحباط عمليات تخريبية وتوقيف جماعة إرهابية.
وأمس السبت أعلنت السلطات الإثيوبية توقيف خلية إرهابية من حركة الشباب وتنظيم داعش، مكونة من 14 شخصا، خلال تخطيطهم لتنفيذ هجمات إرهابية في أجزاء مختلفة من البلاد.
وقال جهاز الأمن والمخابرات الإثيوبي إن السلطات الأمنية أوقفت خلية كانت بصدد تنفيذ هجمات إرهابية في أجزاء مختلفة من البلاد، مؤكدا أن الخلية مكونة من 14 شخصا من تنظيم داعش وحركة الشباب الإرهابية.
ودعت السلطات الإثيوبية المواطنين إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي عمل إرهابي.
وكانت الشرطة الإثيوبية أعلنت الخميس الماضي إحباط مخطط تخريبي تقف وراءه "جبهة تحرير تجراي" التي يخوض الجيش الإثيوبي حربا معها لفرض سيادة الدولة.
وسبق أن أعلنت السلطات الإثيوبية أنها اعتقلت نحو 17 ضابطا بالجيش بتهمة "الخيانة والتواطؤ" مع الجبهة الشعبية لتحرير تجراي في هجومها على قوات الدفاع الوطني.
وقالت مفوضية الشرطة الفيدرالية في بيان لها إن هؤلاء العساكر الذين تم اعتقالهم ارتكبوا الخيانة من خلال خلق ظروف مواتية لعناصر جبهة تحرير تجراي، من خلال قطع أنظمة الاتصال بين القيادة الشمالية والقيادة المركزية.
الشرطة الاتحادية الإثيوبية، أصدرت مذكرة توقيف بحق 64 شخصا من أعضاء "الجماعة الإجرامية لجبهة تحرير تجراي"، وقالت إن الصادر بحقهم مذكرة التوقيف "ارتكبوا جرائم تهدد وجود البلاد وتقوض النظام الدستوري بالقوة".
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuNTcg جزيرة ام اند امز