إثيوبيا بعد انقلاب أمهرة الفاشل.. دروس وتدابير مستقبلية
3 محاولات للاستيلاء على السلطة بطرق غير دستورية شهدتها إثيوبيا منذ تولي آبي أحمد الإصلاحي رئاسة الوزراء.
يعتبر انقلاب أمهرة الفاشل في 22 من يونيو/حزيران الماضي، أخطر محاولة للاستيلاء على السلطة بطرق غير دستورية منذ تولي آبي أحمد الإصلاحي رئاسة الوزراء في أبريل/نيسان 2018.
وتنطلق خطورة الانقلاب الفاشل في أمهرة؛ كونه يعتمد على الجانب الإثني العرقي، وهو ما يعد محاولة لفرط عقد الدولة الإثيوبية.
وشهدت إثيوبيا من قبل محاولتين انقلابيتين، بدأت مع محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها آبي أحمد في الـ23 من يونيو/حزيران 2018، عندما كان يخاطب حشداً من مؤيديه وسط العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ حيث تم إلقاء قنبلة يدوية على المنصة التي كان يخاطب منها مؤيدوه، أسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات من المدنيين.
المحاولة الثانية تمثلت في اقتحام مجموعة من أفراد القوات الخاصة بالجيش الإثيوبي مقر رئاسة الوزراء في الـ10 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصفها حينها آبي أحمد بأنها كانت محاولة لتصفيته، واستهدفت إجهاض التغيير الذي تشهده البلاد.
واستطاع حينها بخلفيته العسكرية والأمنية والأكاديمية أن يعبر هذه الأزمة بسلام مشوب بحذر وترقب، ليحافظ بشكل أقوى على مساره الإصلاحي، ومواجهة الفاسدين من الحكومات السابقة.
ثم جاءت المحاولة الأخيرة في إقليم أمهرة الإثيوبي في الـ22 من يونيو/حزيران المنصرم من محاولة انقلاب فاشلة قادها الجنرال أسامنيو تسيجي، مدير جهاز الأمن بالإقليم، أسفرت عن مقتل 5، بينهم حاكم الإقليم أمباتشو مكنن ومستشاره أززو واسي والنائب مقبارو.
وقتل أيضاً مع محاولة الانقلاب الفاشلة في أمهرا، رئيس أركان الجيش الإثيوبي سعري مكنن من قبل حارسه الشخصي في العاصمة أديس أبابا.
عدوات عرقية
علي هندي، الخبير في شؤون القضايا الأفريقية، يرى أن الدوافع التي أدت إلى حدوث هذه المحاولة الانقلابية، وفقاً لعقيدة الجنرال أسامنو سقي، قائد انقلاب إقليم أمهرة الفاشل، هي النزعة الإثنية؛ حيث ركز خطابه على مطالبه في إعادة سيادة قومية الأمهرا إلى الحكم، وتحقيق نفوذها القديم في إثيوبيا.
وأوضح هندي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن خطاباته كانت تنحصر في ضرورة دعم وإقامة مليشيات عسكرية لحماية قومية الأمهرة ومعاداتها لقوميتي الأورومو والتجراي، الزعم بأنهم محاصرون في إقليمهم، مما ساعد في استقطاب متشددي القومية.
وكان آبي أحمد قرر الاستغناء على أغلب رجال الحرس القديم، خاصة في الأجهزة الأمنية الإثيوبية منها في إطار القضاء على الفساد ومنتهكي حقوق الإنسان.
وهنا يرى "هندي" أنه ربما كان سبباً في محاولة القوى المناوئة لرئيس الوزراء الإثيوبي، لإرباك إصلاحاته وإعاقتها بشتى الطرق، وذلك عبر التصفيات والانقلابات، مشيراً إلى أن إصلاحات آبي أحمد أثارت جدلاً واسعاً في أوساط النخبة الحاكمة من مختلف القوميات المكونة للائتلاف الحاكم، وتشكلت منها معارضة قوية من الحرس القديم لسياساته التي أدت إلى تهميش دورهم السياسي.
تدابير مستقبلية
الخبير في شؤون القضايا الأفريقية قال إن محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدها إقليم أمهرة استهدفت استقرار حكومة آبي أحمد وتعطيلها، الأمر الذي جعل حكومته تتخذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة، لمنع حدوث تخريب مماثل يعطل عملية التوافق السياسي.
ويضيف أنه وفقاً لمعطيات المشهد الديمقراطي في إثيوبيا، أحدثت المحاولة الانقلابية الأخيرة شرخاً عميقاً في مسار العملية السياسية، وما صاحبها من اغتيال شخصيات بارزة في إقليم أمهرا والحكومة الفيدرالية، بل إنها تعبر عن فشل تحقيق أهداف هذه الإصلاحات التي كان من الممكن أن تدخل إثيوبيا في دوامة سياسية خطيرة.
من جهته، أوضح الدكتور أحمد زكريا، المحاضر بجامعة أديس أبابا، أن من قاموا بالمحاولة الانقلابية في أمهرا أرادوا أن يكونوا فوق القانون والدستور.
وأشار زكريا في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" إلى أن الاختلاف في الرأي لا يجب أن يفسد مسار التعامل مع القضايا الوطنية، مشدداً على أن "الوطن فوق الجميع، ويجب العمل وفق نهج يعزز الاستقرار الأمثل".
وشدد المحاضر بجامعة أديس أبابا على أن المحاولة الانقلابية الفاشلة في أمهرا، أعطت درساً عميقاً للمؤسسات الأمنية والعسكرية والمجتمع الإثيوبي ككل، لاتخاذ الحيطة والحذر مستقبلاً، وسد الثغرة التي تخل بالسلام في بناء إثيوبيا موحدة.
aXA6IDE4LjIyMS4xNzUuNDgg جزيرة ام اند امز