إثيوبيا 2019.. إصلاحات اقتصادية وتحولات سياسية وتطلع للمستقبل
إثيوبيا شهدت خلال 2019 أحداثا كبيرة من بينها التحولات السياسية كميلاد إقليم جديد ودمج الائتلاف الحاكم في حزب قومي وإصلاحات اقتصادية.
شهدت إثيوبيا خلال عام 2019 أحداثاً كبيرة؛ شملت تحولات سياسية كميلاد إقليم جديد، ودمج الائتلاف الحاكم في حزب قومي، إلى جانب إصلاحات اقتصادية، ومحاولة انقلاب فاشلة بإقليم أمهرا.
مثلت خطوة دمج الائتلاف الحاكم في حزب قومي واحد، بعد سيطرته على الساحة السياسية لنحو ثلاثة عقود، ميلاد جديد لحزب الازدهار، كحزب قومي متاح للجميع، بعدما كان مقصوراً على القوميات الرئيسية المكونة للائتلاف.
ومع اقتراب موعد انعقاد الانتخابات التشريعية مايو/أيار 2020 تميز المشهد السياسي الإثيوبي بحالة من الحراك السياسي، بعدما عبّر آبي أحمد، رئيس الوزراء، عن إيمانه بتطبيق الديمقراطية في إثيوبيا، ولا خيار سواها في هذه المرحلة، وضرورة بناء ثقافة ديمقراطية قوية بالبلاد.
وسجلت المعارضة تحفظاتها على تعديلات أقرها البرلمان الإثيوبي في 24 أغسطس/آب 2019، بخصوص مسودة قانون الانتخابات، وإنشاء الأحزاب السياسية، ليمهد الطريق أمام إجراء الانتخابات.
واعتبرت المعارضة التعديلات بأنها تفرض مزيداً من القيود على قيام الأحزاب، التي تمثلت زيادة عدد التوقيعات لتصل لـ4 آلاف للأحزاب الإقليمية، و10 آلاف للقومية، وترى المعارضة أن التعديل لم يعالج مطالبها، وفي حالة تطبيقه سيمهد الطريق مجدداً لاستحواذ الائتلاف الحاكم على السلطة.
وقال الكاتب والمحلل الإثيوبي مختار سعيد إن التطورات السياسية نتيجة التغير الذي أحدثه وصول آبي أحمد إلى السلطة، وإطلاقه العملية الديمقراطية، مما أدى لحراك سياسي متعدد لمختلف القوى السياسية لم تشهده البلاد من قبل.
وأوضح مختار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن توقيع الائتلاف الحاكم و100 حزب وتنظيم، في مارس/آذار الماضي، على ميثاق شرف ينظم العمل السياسي، يهدف للحفاظ على تداول السلطة، ونبذ العنف وسياسة الإقصاء والتهميش، ومثلت مرحلة تحول سياسي كبير، تمهد لممارسة ديمقراطية حديثة لإثيوبيا.
وتابع أن ميلاد حزب الازدهار، الذي انبثق من رحم الائتلاف الحاكم، يعتبر نقلة نوعية تتعاطى مع متطلبات المرحلة، حيث يمكن للحزب طرح نفسه بعد الإجراءات التصحيحية التي اتخذها.
وأضاف أن تلك الإجراءات ستمكنه من المنافسة في الانتخابات المقبلة، مشيراً الى أن الحزب الجديد ستكون له فرص واسعة، لأنه يقوم على أساس المواطنة بخلاف الرؤية التي كان يستند إليها الائتلاف الحالي، وهي "الانتماء العرقي"، ما يجعله حزباً غير سهل في الانتخابات المقبلة، وذا فرص قوية للفوز بثقة الإثيوبيين.
انقسام الائتلاف الحاكم
يرى الصحفي الإثيوبي أحمد محمد آدم أن الانقسامات التي حدثت للائتلاف الحاكم كانت أبرز أحداث 2019، وقال إن تشكيل حزب الازدهار مثلت عملية تحول سياسي غير مسبوق، متوقعاً أن تكون لتأسيس ذلك الحزب آثار إيجابية، لأنه يمكن أن يعزز الوحدة الوطنية والتناغم العرقي داخل النظام السياسي الإثيوبي المنقسم.
وتوقع آدم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تدخل إثيوبيا مرحلة حكومة تحالفات إذا ما تمت الانتخابات بطريقة حرة ونزيهة، وربما تكون التحالفات بين تيار الوسط بقيادة حزب الازدهار وتيار الفيدرالية الاثنية بقيادة جوهر محمد الناشط السياسي.
واستبعد الصحفي الإثيوبي أن يتمكن حزب معين من الحصول على الأغلبية المطلقة، والحكم لوحده في الانتخابات المقبلة.
تحولات اقتصادية
تعتبر خطوة تحرير الاقتصاد وخصخصة الشركات المملوكة للحكومة تطوراً لافتاً، وسابقة تاريخية في إثيوبيا، حيث ظلت هذه القطاعات تسيطر عليها الحكومة بالكامل وترفض خصخصتها.
وتشمل المبادرات التحريرية التي أطلقها آبي أحمد التوجه نحو الخصخصة، مع التركيز بشكل خاص على قطاع الاتصالات، ومواصلة النمو في قطاعي الصناعة والخدمات، واكتشاف الفرص من خلال العلاقات التجارية الخارجية، والسعي لاجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
وأعلنت رئيسة إثيوبيا سهلى ورق زودي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن الحكومة الإثيوبية تعتزم السماح لأول مرة بدخول مشغلين للاتصالات في أول عملية تهدف لفتح هذا القطاع أمام المستثمرين والشركات الدولية الكبرى، دون أن تذكر شركات بعينها.
وقال الرئيس الجديد لهيئة تنظيم الاتصالات في إثيوبيا "بالتشا ريبا" إن بلاده تعتزم إصدار رخصتين لاتصالات المحمول إلى شركات متعددة الجنسية بحلول أبريل/نيسان 2020.
وسينهي إصدار الرخصتين احتكار الدولة للقطاع وسيفتح واحداً من آخر أسواق الاتصالات الكبيرة المغلقة في العالم، في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 100 مليون نسمة.
وأعلنت وزارة المالية والتعاون الاقتصادي الإثيوبية، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن خصخصة 6 مصانع من بين 13 مصنعاً للسكر مملوكة للدولة في الربع الأول من عام 2020.
وشهدت إثيوبيا خلال نوفمبر/تشرين الثاني، تدشين مجموعة علي بابا كأول منصة للتجارة الإلكترونية العالمية، وتعد الثانية في أفريقيا بعد رواندا.
وبلغ إجمالي الناتج القومي في إثيوبيا نحو 84 مليار دولار، ويعتمد الاقتصاد بشكل أساسي على الزراعة والصناعة ومجال الخدمات.
محاولة انقلاب فاشلة
في 22 يونيو/تموز، شهد إقليم أمهرة شمال إثيوبيا محاولة انقلاب فاشلة أسفرت عن مقتل حاكم الإقليم أمباتشو ميكونين وعدد من أفراد حكومته، وتزامن ذلك مع مقتل رئيس الأركان الإثيوبي سعري مكونن، والجنرال المتقاعد جيزاي ابيرا؛ أثناء وجودهما في منزل الأول في أديس أبابا، على يد حارسه الشخصي.
وقتل أيضاً العقل المدبر للمحاولة الانقلابية مسؤول الأمن بالإقليم الجنرال أسامنيو تسيجي.
وفي 10 مارس/آذار الماضي تحطمت طائرة إثيوبية، وقتل كل من كانوا على متنها، وبلغ عددهم 149 راكباً و8 من أفراد طاقم الطائرة، وهي من طراز بوينج 737 ماكس، تحطمت بعد 6 دقائق فقط على إقلاعها من مطار أديس أبابا.
فوز آبي أحمد بنوبل
في أكتوبر/تشرين الأول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يفوز بجائزة نوبل للسلام، تقديراً "لجهوده في تحقيق السلام مع إريتريا، ومحاولاته لترسيخ الديمقراطية والإصلاحات السياسية، وتمكين المرأة ووساطته بين الفرقاء السودانيين وجهوده في استقرار منطقة القرن الأفريقي.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول، تسلم رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد جائزة نوبل للسلام، خلال مراسم بالعاصمة النرويجية أوسلو.
وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أجريت أول عملية استفتاء لقومية السيداما بشأن حصولهم على إقليم جديد منفصل عن شعوب جنوب إثيوبيا.
وأعلن مجلس الانتخابات الإثيوبي رسمياً موافقة 97.7% من المشاركين باستفتاء انفصال قومية السيداما عن "شعوب الجنوب"، ما يمهد لتأسيس إقليم جديد لهم يكون الإقليم العاشر.
ومطلع ديسمبر/كانون الأول، وقّعت أحزاب الائتلاف الحاكم الرئيسية والموالية على وثيقة إعلان حزب الازدهار الجديد، بعد دمج الجبهة الديمقراطية الثورية في حزب واحد عريض، باستثناء جبهة تحرير شعب تجراي التي رفضت الاندماج.
تطلعات لعام 2020
خلال العام الجديد 2020 تتطلع إثيوبيا إلى إجراء انتخابات هي السادسة، في ظل تغيرات سياسية وإصلاحات اقتصادية، يتوقع الكثيرون أن تتم في أجواء تنافسية تحرسها رقابة نزيهة، خاصة بعد الإصلاحات والتعديلات التي أجرتها حكومة آبي أحمد على مجلس الانتخابات.
الإصلاحات الاقتصادية هي الأخرى ستكون عامل دفع نحو المشاركة الفاعلة من قبل الجماهير في ظل الاستقرار الأمني، والشواهد على أن يكون الوضع الاقتصادي بالبلاد منتعشاً ترسمه الوعود الأممية والإقليمية المتتالية بتقديم القروض والمنح للحكومة الإثيوبية.
وفي الـ14 من ديسمبر/كانون الأول، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن إثيوبيا ستحصل على 3 مليارات دولار من البنك الدولي، لتدعيم الإصلاحات الاقتصادية بإثيوبيا.
وتوقع الكاتب والمحلل الإثيوبي مختار سعيد أن يشهد الاقتصاد الإثيوبي حالة انتعاش كبيرة خلال العام المقبل، قائلاً: "الغرب سينافس الصين بقوة في إثيوبيا، وهذا سيتيح دخول مرحلة اقتصاد السوق".
وأوضح سعيد أن ذلك سيتم في ظل وجود الإصلاحات التي تشمل خصخصة الشركات الكبرى، وتأسيس سوق السندات، بجانب تحرير جزئي لسعر صرف العملة، وتحرير قوانين التجارة والاستثمار.
aXA6IDEzLjU4LjIwMy4yNTUg جزيرة ام اند امز