حكاية الماعز والراهب.. تاريخ القهوة الإثيوبية
بعض المصادر التاريخية والقصص الشعبية تقول إن اكتشاف القهوة كان عن طريق الصدفة في إحدى المناطق وسط الهضبة الإثيوبية.
تشتهر إثيوبيا بزراعة القهوة منذ آلاف السنين، ويختلف حجم إنتاجها وأنواعها بحسب البيئة الجغرافية والطقس الذي تُزرع فيه.
وعن تاريخ اكتشاف القهوة في إثيوبيا، تقول بعض المصادر التاريخية والقصص الشعبية إن الأمر كان عن طريق الصدفة في إحدى المناطق وسط الهضبة الإثيوبية.
وأشارت تلك المصادر إلى أنه قبل آلاف السنين لاحظ راعي أغنام إثيوبي يدعى خالد، تعثر ماعز أثناء سيرها، وأن سلوكها يتغير بشكل ملحوظ، وعندما تابعها وجد أنها تأكل نوعاً من الثمار يشبه التوت الأحمر "ثمر القهوة قبل النضوج"، ولها أوراق لامعة غير مألوفة.
وقرر خالد تجربة بعض هذه الأوراق، وبدأ سلوكه يتغير يوماً بعد يوم، حتى اعتاد على تلك الثمار، فتحدث مع أحد الرهبان عنها، ويبدو أن الراهب كان دائماً يغفو في منتصف صلواتة، ولكن عندما استخدم تلك الثمار كان يظل مستيقظاً لفترة طويلة.
وقام الراهب، الذي لم تذكر كل الأدبيات الإثيوبية اسمه، بفكرة تجفيف الثمرة، وغليها لصنع مشروب، فقام بتناوله مع زملائه الرهبان، فأعجبهم كون طعمه جيداً.
وللقهوة أهمية كبيرة في حياة الإثيوبيين، وتجدها لا تفارق حياتهم اليومية مهما كانت ظروفهم الاقتصادية.
ويقول يرقالم زودي: "القهوة طقس اجتماعي مهم جداً في البلاد، كما أنها تمثل مورد اقتصادي مهم جداً، وهي إرث ثقافي فريد يعكس الثقافة الإثيوبية".
أما أبرا أنجلو فيقول: "القهوة لها تاريخ طويل، ونحن وجدناها وتوارثناها من أجدادنا منذ قديم الزمان، وتختلف من منطقة لأخرى، ونحن أكثر الشعوب التي أدمنت القهوة".
وتوجد أنواع مختلفة من القهوة الإثيوبية، التي وجدت رواجاً عالمياً، مثل قهوة "أرابيكا"، و"هرر"، وتنمو في شرق إثيوبيا، وخاصة إقليم هرر.
وهناك قهوة "يرقا تشفي"، و"سيداما"، و"كفا"، والتي تعتبر أيضاً من أجود أنواع القهوة الإثيوبية، وتُزرع في منطقة غرب إقليم أوروميا، ولها قبول في الأسواق العالمية.
وهذه الأنواع الـ3 تعد الأجود في إثيوبيا، ولا تُستخدم كثيراً داخلياً، نظرًا لارتفاع سعرها، لهذا تُصدر للخارج، لتوفير العملات الأجنبية.
ويوجد نوع آخر من القهوة يسمى "قهوة الغابات"، وتزرع بالطرق التقليدية، ولا تدخل فيها أي محسنات كيمائية، وكميتها قليلة، وتستخدم داخلياً نسبة لقلة الكمية المنتجة.
وتعمل الحكومة بالتعاون مع عدد من المنظمات العالمية التي تهتم بزراعة القهوة في تطوير هذا النوع، بتوعية المزارعين في أماكن زراعة القهوة، لزيادة الكمية المنتجة من قهوة الغابات.
واعتاد الإثيوبيون خلال استهلاكهم القهوة، وخلال عملية الشراء، أن يسألوا عن الاسم ومراجعة الشكل الخارجي لحبيبات القهوة، والتركيز على خام القهوة، الذي يختلف حسب منطقته والبيئة التي يزرع فيها.
وللمادة الزيتية التي تخرج من القهوة أهمية كبيرة عن القهوة الجافة التي لا توجد بها دهون، وكذلك يركز الإثيوبيون على المذاق، فهناك من يفضل قهوة شرق إثيوبيا عن غربها، والبعض يفضل قهوة الغابات وجنوب غرب إثيوبيا "قهوة سيداما".
وتختلف طرق إعداد القهوة من منطقة لأخرى، فبعض القبائل يعدون القهوة بالحليب، وآخرون يفضلونها بالسمن أو الزبدة، وبعض قبائل الجنوب الإثيوبي مسقط رأس القهوة، يتناولونها بالملح فقط، دون إضافة أي شيء يذكر، حتى لا يتأثر الطعم الحقيقي للقهوة.
يقول يرقالم زودي: "إن القهوة بالنسبة لإثيوبيا هي دعامة الاقتصاد، وعلى الرغم من ذلك لم تستفد البلاد من القهوة بصورة كبيرة ،والآن هنالك جهود كبيرة حسب ما نتابع لتطوير إنتاج القهوة، وأعتقد أنه سيفيد الاقتصاد عقب تطوير إنتاج القهوة ابتداء من المزارع".
وتواجه زراعة القهوة في مناطق مختلفة بالبلاد تحديات عدة، متمثلة في تقلبات الطقس، بالإضافة لبعض الآفات التي تهدد المحصول، ما أجبر بعض المزارعين لزراعة محاصيل أخرى سريعة الدخل والإنتاج.
وهذا ما حدث في أهم المناطق التي تعرف بإنتاجها للقهوة في مقاطعات "جما" غرب البلاد، ومناطق "هيرنا" و"أوداي" في إقليم "هرر".