خبير يكشف لـ«العين الإخبارية» كيف وصلت سحب رماد بركان إثيوبيا إلى اليمن وعُمان؟
وصف خبير جيولوجي ثوران بركان هايل جوبي في إثيوبيا لأول مرة منذ نحو 12 ألف عام، بأنه "واحدا من أكثر الأحداث الجيولوجية ندرة في القرن".
وتسببت ثوران هذا البركان في سحابة من الرماد والغازات، وصل أثرها المنطقة العربية، وتحديدا في اليمن وسلطنة عمان، ليثير ذلك تساؤلات حول أسباب امتداد تأثيره.

ويوضح د.حسن بخيت، الرئيس الأسبق لاتحاد الجيولوجيين العرب في تصريحات للعين الإخبارية، أن بركان هايل جوبي الواقع في أقصى شمال شرق إثيوبيا قرب الحدود مع إريتريا، داخل منطقة الأخدود الإفريقي الشرقي، يقع في واحدة من أكثر النقاط نشاطا جيولوجيا على كوكب الأرض.
ويضيف: "هذا البركان لم يُسجل له أي نشاط منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، فنحن نتحدث عن نوم جيولوجي طويل يُقاس بآلاف السنين".
وتُشير بيانات برنامج السجل البركاني العالمي في معهد سميثسونيان إلى أن آخر نشاط معروف لهذا البركان يعود للعصر الهولوسيني.
عمود رماد يصل 14 كيلومترا
وبحسب مركز مراقبة الرماد البركاني في تولوز، فإن الانفجار البركاني "كان قويا بشكل لافت"، إذ أطلق أعمدة كثيفة من الرماد والغازات ارتفعت إلى 14 كيلومترا في الغلاف الجوي.
ويقول د.بخيت "عندما يصل الرماد إلى هذا الارتفاع، يصبح على تماس مباشر مع التيارات الهوائية العليا التي تعمل كمسارات سريعة تنقل الجزيئات عبر آلاف الكيلومترات، وهذا بالضبط ما حدث مع رماد بركان هايل جوبّي، وتسبب في وصوله باتجاه اليمن ثم سلطنة عُمان، قبل أن يمتد إلى الهند وشمال باكستان".

حوادث مشابهة.. دروس من إريتريا وآيسلندا
ويؤكد الدكتور بخيت أن انتقال الرماد إلى مسافات بعيدة ليس أمرا جديدا. ففي عام 2011، أدى ثوران بركان نبرو في إريتريا إلى وصول الرماد إلى السودان ومصر والسعودية.
كما يشبه ما حدث حديثا بعد ثوران بركان "إيافيالايوكل" في آيسلندا عام 2010، الذي عطل الطيران في معظم أوروبا بعد أن حملت الرياح الرماد إلى آلاف الكيلومترات.
ويضيف: "الجزيئات البركانية خفيفة للغاية، وبعضها يبقى معلقا في الجو أياما طويلة، ما يتيح لها قطع مسافات غير متوقعة".
ما حجم الخطر على اليمن وعُمان؟
ويرى د.بخيت، أن التأثير على اليمن وعُمان سيكون "محدودا في الغالب"، إذ أن الكثافة العالية للرماد تكون عادة قرب موقع البركان.
ويتابع: "ما يصل إلى تلك الدول غالبا مجرد طبقة خفيفة من الجزيئات الدقيقة، وقد تتأثر جودة الهواء قليلا، لكنها لا تشكل خطرا مباشرا على السكان ما لم تكن الكثافة مرتفعة".
منطقة نائية.. وغياب معلومات عن الخسائر
حتى الآن، لم تُسجل خسائر بشرية، ويعود ذلك، وفق د.بخيت، إلى أن البركان يقع في منطقة نائية قليلة السكان، كما لم تُعلن السلطات في إقليم عفر أي بيانات عن الخسائر أو عمليات الإجلاء.
ويختتم الدكتور بخيت حديثه قائلاً: "عودة بركان نام منذ 12 ألف عام ليست حدثا عاديا، إنه تذكير قوي بأن الأخدود الإفريقي ما يزال في حالة تشكل، وأن هذه المنطقة مرشحة لمزيد من النشاطات الجيولوجية، وستظل هذه السحابة البركانية موضوع دراسة لسنوات طويلة لفهم كيف تنقل الرياح الرماد لمسافات هائلة تصل من قلب إفريقيا إلى سواحل الخليج".