عمر العلماء: تضافر الجهود الدولية يحقق الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي
أعمال القمة العالمية للحكومات تشهد اجتماعا على مستوى قيادات المنظمات الدولية المشاركة في أعمال المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي
في ظل عالم يستكمل مسارات التحوّل الرقمي بخطى متسارعة، وظهور فرص لا حدود لها في توظيف الذكاء الاصطناعي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في مختلف المجالات، لا بد من أطر ناظمة توجّه ابتكارات الذكاء الاصطناعي في شتى الاتجاهات لتشمل منافعها جميع الدول، وتساعد في جسر الفجوة التنموية بين الدولة النامية والدول المتقدمة تكنولوجياً.
وضمن هذا السياق، شهدت أعمال القمة العالمية للحكومات 2019 اجتماعاً على مستوى قيادات المنظمات الدولية المشاركة في أعمال "المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي" في نسخته السنوية الرابعة.
وأكد عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي بالإمارات مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، ضرورة تضافر الجهود الدولية لتحقيق الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي الذي بات متشعباً ومتسارع النمو، مشيرا إلى أنه لا يمكن لأي دولة أن تنجح بمفردها في تفعيل فرصه والاستعداد لتحدياته لأن المتطلبات المستقبلية للذكاء الاصطناعي تحتاج إلى منهجيات متعددة المستويات وهو ما أدركته دولة الإمارات مسبقاً.
ونوه بأن المسار المستقبلي الوحيد لإنجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو إشراك جميع المعنيين بهذا المستقبل وهم 7 مليارات إنسان ليكونوا شركاء في هذه الرحلة الإنسانية، وأن العمل الجماعي أقوى من الفردي داعياً الجميع لتنسيق الجهود والعمل من أجل مستقبل أفضل يكون فيه الذكاء الاصطناعي ممكناً للتنمية العالمية.
وأضاف: "نستعد لتحولات جذرية سيحدثها الذكاء الاصطناعي في عالمنا، وستتأثر كل القطاعات الاقتصادية والخدمية وآليات عمل المؤسسات والأفراد ومختلف جوانب حياتنا اليومية بهذا التغيير العامودي والسريع، رغم التفاوت في مستويات الأبحاث والتطوير والتباين في مدى تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العالم، والفروقات في حجم وآليات استجابة الحكومات للذكاء الاصطناعي بفرصه وتحدياته".
بدوره قال كونستانينوس كاراكاليوس، العضو المنتدب لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE، إن الاجتماعات التي يشهدها المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي في القمة العالمية للحكومات منحت الفرصة للتعاون المشترك وتبادل الأفكار والخبرات لوضع أطر مدروسة هدفها تعزيز الشفافية والمسؤولية الأخلاقية في استخدامات الذكاء الاصطناعي للمستقبل، وإتاحة الفرصة من جديد لاستعادة الهوية الرقمية كي لا نكون عبيداً للتكنولوجيا، مؤكداً ضرورة خلق إطار حوكمة مدروس يحمي حقوق مستخدمي التكنولوجيا وخاصة الأطفال.
من جانبه أشار معز شقشوق ممثل اللجنة العالمية لأخلاقيات المعارف العلمية والتكنولوجية "كوميست" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" إلى أن دور اللجنة يتمثل في دعم وتمكين الخبراء من مختلف أنحاء العالم لوضع منهجيات عمل يسترشد بها صناع القرار في القطاعات التكنولوجية والعلمية، لتكون بمثابة مرجعية أخلاقية تحترم كرامة الإنسان وحريته وحقوقه.
وأكد أنه لا يوجد أداة فردية قادرة وحدها على التعامل مع الآفاق الواسعة لمستقبل الذكاء الاصطناعي، وأن نجاح الحوار العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي في القمة يسهم في وضع الفرص المستقبلية في إطار إنساني عبر تمكين الأفراد وتوعيتهم، معلناً أن اليونسكو ستطلق في أبريل/نيسان 2019 معايير داعمة لهذا التوجه العالمي.
وأشارت آن كارلانش، ممثلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى الفعاليات الرئيسية التي أنجزتها المنظمة حتى الآن لوضع مبادئ أساسية لسياسة للذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن مهمة مجموعة خبراء المنظمة وضعت مبادئ تعزز الثقة في الذكاء الاصطناعي وفرصه وتشجع على تبنيه، آملة أن تحقق المجموعة هدفها الأعلى بالمساهمة في جهود وضع سياسة ذكاء اصطناعي وتقديم نتائج عملها لإدارة المنظمة في مايو/أيار 2019.
من جانبه قال ممثل اللجنة رفيعة المستوى حول التعاون الرقمي التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، أمانديب سينغ، إن العالم اليوم يحتاج إلى ثلاث ركائز عمل أساسية في التحول الرقمي هي الأخلاقيات وتقييم الفرص وإدراك الأولويات التي تهم الإنسان، لافتاً إلى أن لجنة التحول الرقمي وضعت مجموعة توصيات رئيسية هدفها تعزيز الاندماج، والتوعية، وتقييم المبادئ والعمل عليها، والحوكمة، والأمن، والاستفادة من البيانات، بما يضمن حوكمة سليمة للتحول الرقمي، ويساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، ويرسي معايير أخلاقية أساسية ستكون العنصر الأهم لنجاح الذكاء الاصطناعي مستقبلاً.
من جانبه قال جوناثان ووتزل من مؤسسة ماكنزي إن تأسيس قاعدة بيانات عالمية للذكاء الاصطناعي يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهناك حماس عالمي كبير لهذا التوجه، حيث أيد أكثر من 90% من الدول والمؤسسات والحكومات التي طرحنا هذا السؤال عليها هذا المشروع، لكن علينا أن نتفق على أفضل آلية لحوكمة هذا البنك العالمي لبيانات الذكاء الاصطناعي بما يعزز فرصنا المستقبلية وتعلمنا بالتجربة حتى نصل في المحصلة إلى صيغة توظفه لخدمة الإنسان.
وناقش الاجتماع رفيع المستوى الوضع الراهن للذكاء الاصطناعي، والخطوات العملية المطلوبة في المستقبل القريب، لإرساء إطار عمل عالمي متكامل لحوكمة هذه التكنولوجيا الثورية التي ستتخطى باستخداماتها المستقبلية كل التوقعات والتصورات.
واطلع المشاركون على النتائج العامة والتوصيات الاستراتيجية التي توصلت إليها مختلف مبادرات وجلسات المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي التي شهدتها الأيام السابقة ضمن القمة العالمية وعشية انطلاقها، وفي مقدمتها الاجتماعات الدولية لأخلاقيات البرمجة بالتعاون مع اليونسكو ومنظمة ومعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE.
واطلع المجتمعون على مستوى التغيرات التي تشهدها مجتمعات العالم وضرورة وجود حوكمة عالمية لهذا التغيير، راجعوا بعدها الخطوات المقبلة والمطلوبة لتطوير معايير تضمن خصوصية الأفراد وتؤدي الأهداف المرجوة من التكنولوجيا في تحسين حياة الإنسان وتطوير المجتمعات.
واستمع المجتمعون إلى الأسباب العملية التي تستوجب إنشاء قاعدة بيانات دولية تشكل بنكاً عالمياً لمعلومات الذكاء الاصطناعي لتسخيرها في تطوير مختلف القطاعات الاقتصادية وتحقيق التنمية البشرية، وتمكين المجتمعات.
كانت دولة الإمارات داعماً رئيسياً لهذه المبادرة في فعاليات المنتدى العالمي لحكومة الذكاء الاصطناعي هذا العام.
وتم أيضا استعراض وجهات نظر خبراء الذكاء الاصطناعي بخصوص الأنظمة الاختبارية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الجديدة، وسبل تعزيز تبادل المعلومات والبيانات بالتزامن مع حماية خصوصية الأفراد واحترام سيادة الدول، والتأسيس لهويات رقمية سليمة تعزز مصداقية استخدامات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن بحث آليات التقييم الحكومي للذكاء الاصطناعي، وسبل تعزيز الخدمات الحكومية التي تستفيد من تطبيقاته.
وأكد المجتمعون في الختام ضرورة إعداد الكوادر الأكاديمية والمهنية وتوعيتها لمواكبة التحوّل في متطلبات سوق العمل واستكشاف مسارات وخيارات مهنية جديدة واعدة في مجال الذكاء الاصطناعي تحقق تكامل الجهد البشري مع ذكاء الآلة، وتمكن الأفراد والمؤسسات من التكيف مع التحولات الجديدة واستكشاف فرص أكبر.