منتخبات يورو 2020.. إسبانيا "المحيرة" تبحث عن استعادة الذات
قبل أقل من 10 سنوات من الآن كان منتخب إسبانيا هو المهيمن على الساحة الكروية العالمية والأوروبية بشكل تام دون منافس.
تلك الهيمنة بدأت مع تتويجه بلقب كأس الأمم الأوروبية عام 2008، بعد أداء مميز، واستمرت بعد حصد لقب كأس العالم 2010 للمرة الأولى في تاريخه، قبل أن يزيد من سيطرته بحصد لقب يورو 2012 للمرة الثانية على التوالي والثالثة في تاريخه بالبطولة.
في تلك الفترة، لم يكن أحد من متابعي المنتخب الإسباني ومحبيه يتوقع أن تنتهي تلك السيطرة عما قريب، لتحمل السنوات التالية هبوطا شديدا في الأداء والنتائج، وبالتالي تغيب البطولات من جديد، ليبدأ من جديد مرحلة البحث عن الذات.
ومع عودته للمشاركة في يورو 2020 التي تنطلق بعد أيام، يحاول منتخب إسبانيا إعادة هيبته القارية من جديد، باعتباره الأكثر تتويجا بلقب كأس الأمم الأوروبية بـ3 ألقاب بالتساوي مع ألمانيا، لا سيما بعدما ودع النسخة الأخيرة من البطولة من ثمن النهائي بالخسارة من إيطاليا 0-2.
تاريخ محير
مثل تاريخ الإسبان في كأس الأمم الأوروبية لغزا محيرا دائما، عطفا على أدائهم ونتائجهم في النسخ الـ10 التي ظهروا خلالها في نهائيات البطولة على مر تاريخها.
ودخل الماتادور تاريخ بطولات كأس الأمم الأوروبية من الباب الكبير، منذ مشاركته الأولى في النسخة الثانية عام 1964، والتي توج بلقبها عقب فوزه على المجر في نصف النهائي 2-1 بعد وقت إضافي، وبالنتيجة ذاتها على الاتحاد السوفييتي حامل اللقب في النهائي.
لكن الفريق غاب عن النسخ الثلاث التالية، قبل أن يعود لتسجيل ظهور خافت في نسخة 1980، التي ودع فيها من المجموعات دون تحقيق أي فوز، حيث تلقى هزيمتين بنتيجة 1-2 أمام بلجيكا وإنجلترا، مقابل تعادل سلبي أمام إيطاليا.
وعلى النقيض من ذلك، ارتدى الإسبان ثوب الوحش من جديد في يورو 1984 بفرنسا، وشقوا طريقهم بقوة إلى النهائي، قبل أن يخسروا اللقب أمام أصحاب الأرض بنتيجة 0-2.
لكن كعادته المحيرة، عاد منتخب إسبانيا بظهور خافت جديد في النسخة التالية لليورو في عام 1988، وودع من المجموعات مكتفيا بفوز وحيد على الدنمارك 2-3، مقابل خسارتين أمام إيطاليا 0-1 وألمانيا 0-2، قبل أن يغيب تماما عن النسخة التالية.
حظ سيئ
في النسخ الثلاث التي تلت يورو 1992 التي غاب عنها، واصل منتخب إسبانيا تسجيل ظهوراته المحيرة في كأس أمم أوروبا، والتي تحالفت في تلك المرة مع سوء الحظ الذي كان يواجهه إما بمواجهة صاحب الأرض أو البطل اللاحق.
وبدأت المشاركات الثلاث المذكورة باكتفائه بالتأهل إلى ربع النهائي في المركز الثاني بمجموعته في يورو 1996 خلف فرنسا، قبل أن يودع بركلات الترجيح أمام المنتخب الإنجليزي المستضيف.
وتكرر الأمر في نسخة "يورو 2000"، حيث تأهل الماتادور لربع النهائي لكن في صدارة مجموعته هذه المرة، قبل أن يودع بالخسارة أمام فرنسا البطل اللاحق 1-2.
وفي 2004 عاد الإسبان لمشاركاتهم المخيبة في اليورو من جديد، حيث ودعوا من المجموعات، مكتفين تحقيق فوز وحيد، مقابل تعادل وهزيمة، مسجلين هدفين فقط، ليخرجوا بفارق الأهداف أمام اليونان مفاجأة البطولة والبطل اللاحق.
تتويجان تاريخيان
فكت إسبانيا في يورو 2008 شفرة 44 عاما من المشاركات الملغزة في كأس الأمم الأوروبية، بعدما تمكنت من التتويج باللقب عن جدارة واستحقاق عقب الفوز على الماكينات البطل التاريخي للمسابقة حينها بهدف دون رد في النهائي.
وتكرر الأمر في يورو 2012، حيث بسط الماتادور قبضته على الكأس دون أن يتمكن أحد من انتزاعها منه، واكتسح كل منافسيه وآخرهم كان منتخب إيطاليا في النهائي بنتيجة 4-0، محققا إنجازا فريدا بالتتويج بالبطولة في نسختين متتاليتين، وهو ما لم يحققه منتخب آخر.
لكن مشاركات إسبانيا الملغزة عادت في يورو 2016، النسخة الأخيرة للبطولة حتى الآن، بعدما تأهلت عن مجموعتها في المركز الثاني خلف كرواتيا، وودعت من ثمن النهائي عقب الخسارة من إيطاليا 0-2.
أحلام تصطدم بالواقع
خاض منتخب إسبانيا إجمالا 40 مباراة خلال مشاركاته العشر السابقة في اليورو، فاز في 19 منها، وتعادل في 11 وخسر 10، مسجلا 55 هدفا، ومستقبلا 36، ومحققا 3 ألقابا، والمركز الثاني مرة، فيما ودع من المجموعات 3 مرات، ومن ربع النهائي مرتين، ومن ثمن النهائي مرة.
ويعتبر فرناندو توريس مهاجم منتخب إسبانيا السابق هو هدافه التاريخي في البطولة برصيد 5 أهداف، سجل هدفين منها في نسخة 2008، و3 في 2012، فيما يعد قائده الغائب سيرجيو راموس هو لاعبه الأكثر ظهورا فيها بواقع 15 مباراة.
ويحمل ألفارو موراتا مهاجم يوفنتوس الإيطالي لواء الهجوم الإسباني في يورو 2020، باعتباره الأكثر تسجيلا فيها بين التشكيلة الحالية، بواقع 3 أهداف، وكذلك هداف التشكيلة الحالية من اللاعبين برصيد 19 هدفا، في غياب القائد سيرجيو راموس صاحب الـ23 هدفا.
وتحلم الجماهير الإسبانية بعدوة منتخبها ملكا على الساحة الأوروبية من جديد، عطفا على تشكيلته التي تضم عددا من اللاعبين الشباب أصحاب الطموحات الكبيرة، بقيادة المدرب المميز لويس إنريكي.
إلا أن تلك الأحلام تصطدم بواقع افتقاد الفريق الحلول الهجومية القادرة على فض الاشتباكات عند تعقد المباريات، كما كان يحدث في التشكيلة التاريخية بوجود لاعبين مخضرمين في كل الخطوط يمتلكون القدرة على الحل في أي وقت، وهو ما يضع الأحلام الإسبانية في مهب الريح.
يذكر أن منتخب إسبانيا يخوض مبارياته في كأس الأمم الأوروبية 2020 ضمن المجموعة الخامسة التي تضم إلى جواره منتخبات السويد وبولندا وسلوفاكيا.