بروكسل تقطع الحبل.. الغاز الروسي يختفي من الأسواق الأوروبية بحلول 2027
توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مؤقت بشأن لائحة ملزمة للتوقف التدريجي عن استيراد الغاز الطبيعي الروسي بحلول عام 2027.
وقال المجلس الأوروبي اليوم الأربعاء إنه توصل إلى اتفاق مع البرلمان الأوروبي بشأن الاستغناء عن واردات الغاز الروسي بحلول 2027 في إطار جهود تهدف لإنهاء الاعتماد على موارد الطاقة الروسية.
ولا يزال الغاز الروسي يمثل ما يقدر بنحو 13% من واردات الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2025، ولكن الاتفاق الجديد يهدف إلى سد هذه الثغرة النهائية في مجال الطاقة بشكل دائم.
وستتضمن الاتفاقية حظرا تدريجيا ملزما قانونا على واردات الغاز الطبيعي المسال والغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا مع فرض حظر كامل لكليهما اعتبارا من نهاية 2026 وخريف 2027 على الترتيب.
ويشكل هذا الاتفاق، الذي أُعلن عنه اليوم، عنصرًا أساسيًا في خارطة طريق الاتحاد الأوروبي، التي تهدف إلى إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بعد أن حوّلت روسيا إمدادات الغاز إلى أسلحة خلال حربها ضد أوكرانيا.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في مؤتمر صحافي بـ"بزوغ حقبة جديدة، هي حقبة استقلال أوروبا الكامل في مجال الطاقة عن روسيا".
ويعد الاتفاق تسوية بين البرلمان الأوروبي الذي كان يسعى لحظر الواردات في موعد أقرب، ودول الاتحاد الأوروبي التي كان بعضها يريد كسب مزيد من الوقت.
وقال المفوّض الأوروبي المكلّف بشؤون الطاقة دان يورغنسن "فعلناها! ولّى زمن محاولات الابتزاز. ولّى زمن تلاعب بوتين بالأسواق. ونحن متضامنون مع أوكرانيا".
واعتبر الكرملين من جهته أن من شأن هذا القرار أن يسرّع من خسارة أوروبا لنفوذها مع "طاقة أعلى كلفة".
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف خلال إحاطة صحافية حضرتها وكالة فرانس برس إن "أوروبا تجني على نفسها بمصادر طاقة أعلى كلفة، وهو ما سيؤدي حتما إلى تسريع مسار خسارة" الاتحاد الأوروبي نفوذه.
مواعيد بدء الحظر الأوروبي على الوقود الروسي
بموجب الاتفاق، سيُحظر استيراد الغاز الروسي بعد ستة أسابيع من دخول اللائحة حيز النفاذ، مع مواعيد انتقالية متدرجة لعقود التوريد الحالية:
- بالنسبة لعقود التوريد قصيرة الأجل الموقعة قبل 17 يونيو/حزيران 2025، سيُحظر الغاز الطبيعي المسال الروسي اعتبارًا من 25 أبريل/نيسان 2026، والغاز عبر خطوط الأنابيب اعتبارًا من 17 يونيو/ حزيران 2026.
- بالنسبة لعقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل، سيُطبق الحظر اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2027، بما يتماشى مع حزمة العقوبات التاسعة عشرة للاتحاد الأوروبي.
سيُحظر عقود الغاز طويلة الأجل عبر خطوط الأنابيب اعتبارًا من 30 سبتمبر/أيلول 2027، بشرط أن تكون أهداف تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي على المسار الصحيح. في حال عدم تحقيق هذه الأهداف، سيكون الموعد النهائي هو 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2027 على أبعد تقدير.
ولضمان الامتثال، تُلزم الاتفاقية بإجراءات الحصول على موافقة مسبقة لجميع واردات الغاز ذات الصلة. ويجوز للمفوضية الأوروبية مراجعة قائمة الدول المعفاة إذا كشفت الرقابة الجمركية عن أي تجاوزات موثقة.
خطط التنويع والتخلص التدريجي من النفط الروسي
يُطلب الآن من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقديم خطط وطنية للتنويع. يجب أن توضح هذه الخطط كيفية نيتها استبدال الغاز الروسي والتغلب على التحديات ذات الصلة. كما يجب على الدول الأعضاء إخطار المفوضية خلال شهر واحد بما إذا كانت لديها عقود توريد غاز روسي أو ما إذا كانت تطبق حظرًا وطنيًا.
ينطبق الشرط نفسه على الدول التي لا تزال تستورد النفط الروسي. وتعتزم المفوضية اقتراح تشريع للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسي بحلول نهاية عام 2027.
- أوربان يتحدى الاتحاد
ولجأت المفوضية الأوروبية إلى خيار اعتماد اقتراح تشريعي عوضا عن فرض عقوبات في هذا المجال، وذلك لأن الأول يمكن اعتماده بالغالبية، في حين يتطلب الثاني إجماع أعضاء الاتحاد.
وتفادى الاتحاد الأوروبي بذلك استخدام الفيتو من جانب المجر أو سلوفاكيا المعارضتين لهذه الخطوة، واللتين تربطهما علاقات وثيقة بموسكو.
وكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قد تحدّى الاتحاد مرّة أخرى في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، متعهّدا مواصلة استيراد الهيدروكربونات الروسية خلال لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.
وتنصّ التسوية التي تمّ التوصّل إليها على أن تقدّم المفوضية الأوروبية في الأشهر المقبلة مقترحا لوضع حدّ لواردات النفط الروسي إلى المجر وسلوفاكيا بحلول نهاية 2027.
وقرّر الاتحاد الأوروبي التخلّي عن النفط الروسي اعتبارا من 2022 لكنه منح استثناء لهذين البلدين غير الساحليين.
ويؤكد الاتحاد الأوروبي أن هدفه من حظر واردات الغاز الروسي هو حرمان موسكو موارد مالية أساسية لتمويل مجهودها الحربي في أوكرانيا.
وقلّصت دول الاتحاد بشكل كبير وارداتها من الغاز الروسي عقب بدء الحرب في أوكرانيا. وتراجعت حصتها من واردات الغاز الإجمالية من 45% في العام 2021، إلى 19% في 2024.
وفي حين خفّف الاتحاد الأوروبي من وارداته المنقولة عبر الأنابيب، تحوّل أكثر إلى الغاز الطبيعي المسال الذي ينقل بالسفن ويفرّغ في المرافئ ويعاد تحويله إلى غاز قبل ضخّه في الشبكة الأوروبية.
وبعد الولايات المتحدة (45%)، تحتلّ روسيا مرتبة محورية مع 20% من واردات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي سنة 2024، أي حوالى 20 مليار متر مكعّب من أصل نحو مئة مليار تمّ استيراده.
ومن المرتقب أن تبلغ واردات الغاز الطبيعي الروسي إلى الاتحاد الأوروبي 15 مليار يورو هذه السنة.