أوروبا.. رحلة استثمارات مليارية لإقامة محطات للغاز المسال
من المحتمل أن يأتي معظم الغاز المسال لتلبية احتياجات أوروبا من الولايات المتحدة، رغم أن البعض قد يأتي من آسيا والشرق الأوسط.
قبل عامين، كان الاتحاد الأوروبي يريد إزالة الغاز من مزيج الطاقة في أسرع وقت ممكن؛ وقتها سعى بنك الاستثمار الأوروبي إلى قطع تمويل مشاريع البنية التحتية للغاز الطبيعي.
لكن غزو روسيا لأوكرانيا غير المفاهيم بالكامل؛ بدلاً من احتمال تقطع السبل بأصول الغاز الطبيعي في العقد المقبل، حوّل صانعو السياسة انتباههم إلى كيفية الحفاظ على الإضاءة وتدفئة المنازل هذا الشتاء.
وسيتبع ذلك استثمار عشرات المليارات من اليورو في مشروعات الغاز، وهو ما بدأت دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا تنفيذه، من تدشين مشاريع ومخازن للغاز الطبيعي المسال.
إنه جزء من التدافع في جميع أنحاء أوروبا، خاصة من جانب ألمانيا والنمسا وإيطاليا، لإيجاد طرق لتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي لروسيا، والذي يمثل ما يقرب من ثلث إمدادات القارة.
لكن لتحقيق هذه الاستثمارات، بدأت أوروبا تتقشف في استهلاك الطاقة، إذ وافق الاتحاد الأوروبي على خطط لخفض استخدام الطاقة بنسبة 15%.
فعلى سبيل المثال، خفضت ألمانيا إضاءة الشوارع ووضعت إسبانيا قيودا على استخدام التدفئة وتكييف الهواء في معظم المباني؛ وصولا إلى الهدف المثالي لدول التكتل وهو التخلص التدريجي من الواردات الروسية بحلول عام 2030.
ومع ذلك، يدرك حتى أكثر السياسيين نصرة للمناخ في أوروبا أن الضرورة السياسية لاستبدال الغاز الروسي المفقود لن تأتي فقط من الحفاظ على الطاقة؛ فحتى العام الماضي، غذى الغاز الطبيعي ما يقرب من خمس توليد الكهرباء في الاتحاد الأوروبي.
لذلك تقديرات وكالة الطاقة الدولية، تشير إلى المزيد من الإنفاق على محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال لإعادة تحويل الوقود إلى غاز، الذي يتم إحضاره إلى أوروبا على ناقلات متخصصة، وخاصة إلى ألمانيا.
وتباطأت التدفقات من نورد ستريم 1، وهو أنبوب مباشر من روسيا يستورد 113 مليون طن سنويا، قبل أن يتم وقف الإمدادات من خلاله نهائيا، بحلول نهاية أغسطس/آب الماضي.
وأصبح نورد ستريم أحد الأصول التي تقطعت بها السبل في حد ذاته؛ إذ قام المساهمون من الشركات غير الروسية بتدوين قيمة خط الأنابيب في ميزانياتهم العمومية.
نورد ستريم 1، هو أنابيب الغاز عمره تقريبا 11 عاما، بلغ إجمالي القيمة المعلنة في الميزانيات العمومية لمجموعات الطاقة 8 مليارات يورو حتى العام الماضي.
وبينما تندفع أوروبا لبناء محطات جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، هل ستصبح هذه المحطات عالقة في السنوات المقبلة مثل نورد ستريم 1 و2؟
يقوم مصدرو الغاز الطبيعي المسال مثل الولايات المتحدة أيضا ببناء محطات جديدة؛ يمكن أن يكون لها عمر خدمة متوقع يصل إلى نصف قرن، في فترة التنبؤ للانتقال من الوقود الأحفوري.
تصل واردات الغاز الطبيعي إلى القارة العجوز عبر خطوط الأنابيب أو ناقلات الغاز الطبيعي المسال؛ بعد ذلك، لدخول أنظمة خطوط الأنابيب في البلدان، يجب أن يعود هذا الغاز المسال (المبرد بشكل أساسي) إلى حالته الغازية.
محطات إعادة التحويل الغازية المبنية على اليابسة مكلفة، في وقت يتوقع تغيرا مفاجئا في طلب أوروبا على الغاز الطبيعي المسال، من حوالي 72 مليون طن سنويا في عام 2021 إلى أكثر من 110 مليون طن سنويا حتى 2030.
من المحتمل أن يأتي معظم الغاز لتلبية احتياجات أوروبا من الولايات المتحدة، على الرغم من أن البعض قد يأتي من آسيا والشرق الأوسط.
يتطلب تحويل الغاز إلى غاز طبيعي مسال فائق التبريد في دول مثل الولايات المتحدة وقطر قدرا أكبر من الطاقة وعادة ما يتم إجراؤه على اليابسة.
من خلال استبدال روسيا كمورد لأوروبا، يمكن للولايات المتحدة أن تتفوق على المصدرين الرئيسيين الآخرين، مثل أستراليا وقطر بحلول عام 2025 وتصبح الأكبر في العالم، بسعة إنتاج تزيد عن 100 مليون طن سنويا، وفق وكالة الطاقة الدولية.
يأتي ذلك، بينما ارتفعت أسعار الغاز العالمية بشكل صاروخي، وتضاعفت ثلاث مرات في أوروبا هذا العام إلى أكثر من 230 يورو لكل ميغاواط ساعة، مما أدى إلى توسيع الفائدة الاقتصادية للفحم كبديل.
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA= جزيرة ام اند امز