أسعار الغاز تحرق دفاتر "مالية" أوروبا.. "رش النقود" لن يجعل الشتاء دافئا
يعيش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي مزيدا من الضغوطات أكثر فأكثر، مع مزيج من التضخم الجامح، وارتفاع تكاليف توريد مشتقات الطاقة.
في ستراسبورج، من المقرر أن تلقي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خطابها السنوي عن حالة الاتحاد غدا الأربعاء؛ وسيجسد هذا تفاصيل تتعلق بسقف قيمة الوقود وضريبة غير متوقعة تم التصديق عليها بشكل مفاجئ من قبل وزراء الطاقة يوم الجمعة.
وبعد حزم تحفيز نفذتها دول الاتحاد الأوروبي خلال جائحة كورونا، فإن هذه المرة يجب أن تكون وزارات المالية أكثر حذرًا، وأن تضمن تركيز تدخلاتها على الفئات الضعيفة بدلاً من "رش النقود" في جميع القطاعات.
لكن الضغط على وزارات المالية في الاتحاد الأوروبي اليوم يتمثل في توسيع المساعدة المالية، بما يفوق 350 مليار يورو من التدابير التي تم اتخاذها حتى الآن لضبط أسعار الطاقة.
هذا الضخ من الأموال قد يصبح أكثر كثافة لأن الشتاء يقترب، ويزداد الانكماش سوءا؛ ومن المحتمل أن تتسع الدعوات لتقديم مدفوعات حيوية للأسر إلى أشكال مختلفة من الفواتير، مقابل غلاء الوقود والطاقة الكهربائية.
إصلاحات مطلوبة
الأسبوع الماضي، قارن وزير الاقتصاد الفنلندي ميكا لينتيلا أزمة الطاقة الحالية في أوروبا، بدور ليمان براذرز في الانهيار المالي لعام 2008، حيث كشف النقاب عن حزمة قرض وضمان بقيمة 10 مليارات يورو لحماية قطاع الطاقة في بلاده.
وكان من شبه المؤكد أنه كان محقا في نقطة واحدة؛ فدون تدخل، كانت أزمة وجودية تلوح في الأفق بالنسبة للعديد من شركات الطاقة في أوروبا، مما أدى إلى الضغط على البنوك التي تقرضها.
يصر صانعو السياسة المالية على أنهم استعدوا تماما - ليس فقط لهذه الصدمة بل لصدمات أخرى مقبلة- إذ ظلوا يشيرون إلى قوة النظام المصرفي الأوروبي في مواجهة كوفيد والآن في مواجهة انهيار الطاقة والتضخم المتفشي.
ويقولون إن هذا يثبت نجاح التنظيم المالي لما بعد عام 2008، عندما تم تشديد قواعد السيولة ورأس المال المصرفي.
لقد كان النظام المصرفي قوياً بالفعل، على الرغم من أنه يرجع إلى حد كبير إلى تدخلات الدولة قبل أن يصل الضغط الاقتصادي إلى البنوك.، أي أن الدول دعمت الأسر والشركات وشركات الطاقة قبل أن تمتد الأزمة إلى البنوك.
سلطت الأزمة المالية لعام 2008 الضوء على الطبيعة الحرجة للنظام المصرفي، وأطلقت عملية إعادة هيكلة تنظيمية لحمايته بشكل أفضل في المستقبل؛ لكن صنع السياسة كان يتضاءل.
نقاط التحكم
تم تحويل نقاط التحكم الحرجة بشكل واع إلى هياكل مهمة من الناحية النظامية في تلك الحملة التي أعقبت الأزمة، لكن المنظمين قبلوا حجة البورصات بأن الضمانات الصارمة جعلت مستويات رأس المال المرتفعة بمثابة مخازن للمخاطر غير ضرورية.
اليوم، ثبت أن ما يسمى بمعيار TTF هو مقياس معيب لأسعار الغاز لأسواق الكهرباء، يتلاعب به بوتين في الواقع؛ بالنظر إلى الدور المهيمن للغاز الروسي في تلك الآلية، كان من الممكن توقع التلاعب به.
وعلى نطاق أوسع ، فإن التنظيم الضعيف لتسعير الطاقة والتحوط يشبه إلى حد كبير الرقابة على نماذج التمويل المعيبة للبنوك ضعيفة الإشراف في الفترة التي تسبق عام 2008.
يقول تقرير لصحيفة فايننشال تايمز: "نحن نعاقب الآن لعدم فهمنا لمدى هشاشة أنظمة الطاقة لدينا.. يجب على صانعي السياسات أن يكونوا استباقيين في ضمان أن جميع بنيتنا التحتية الحيوية -الطاقة والمياه والإنترنت- تخضع للتنظيم الصارم كما كانت البنوك بعد عام 2008.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز