الجماعة السياسية الأوروبية.. قمة رابعة تعيد «شباب» القارة العجوز
عامان على إطلاق الجماعة السياسية الأوروبية لمواجهة واقع جيوسياسي متغير في القارة العجوز، تخللها قمم ثلاث، وبعض المناوشات.
أحد التغييرات الرئيسية في القارة الأوروبية بعد حرب أوكرانيا، كان تدشين ما يعرف بـ"الجماعة السياسية الأوروبية" في مايو/أيار ٢٠٢٢، التي تستعد لعقد اجتماعها الرابع في المملكة المتحدة غدا الخميس.
ويضم اجتماع الجماعة السياسية الأوروبية (EPC)، زعماء الاتحاد الأوروبي الـ27، بالإضافة إلى 17 قائدا لدول القارة خارج التكتل مثل بريطانيا وتركيا والنرويج وأوكرانيا.
وبناءً على عمل الاجتماعات السابقة للمجموعة السياسية الأوروبية، يناقش القادة كيفية جعل أوروبا أكثر مرونة وازدهارًا وأمنا في إطار تحولات جيوستراتيجية عالمية متسارعة، وكيفية تأمين الحدود الأوروبية.
كما ستناقش قمة المملكة المتحدة، الدعم المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى التحديات المشتركة مثل الطاقة والاتصال والأمن والديمقراطية والهجرة.
واللافت أن الجماعة السياسية الجديدة تضم جميع دول القارة الأوروبية باستثناء بيلاروسيا وروسيا، ما يظهرها في صورة محاولة التعاون بين دول القارة في مواجهة الدولتين.
التأسيس والهدف
الجماعة السياسية الأوروبية ليست فكرة جديدة وليست من ابتكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان له الفضل في الانطلاقة الحالية، إذ جرى طرح الفكرة لأول مرة من قبل رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق إنريكو ليتا (بين ٢٠١٣ و٢٠١٤).
ومع بداية الحرب في أوكرانيا، تبنى ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الفكرة، ثم أيدها المجلس الأوروبي في يونيو/حزيران ٢٠٢٢.
ورغم الوتيرة السريعة لتبني الفكرة وتحويلها إلى واقع، إلا أن الجماعة السياسية الأوروبية لا تزال تفتقر إلى مهمة محددة بوضوح ولا تملك تعريفا واضحا.
الجماعة السياسية الأوروبية منتدى حكومي دولي لرؤساء الدول والحكومات على غرار مجموعة السبع أو مجموعة العشرين، وعند تأسيسها لم يكن لها أمانة خاصة بها أو ميزانية أو موظفين:
كل قمة تنظمها في المقام الأول الدولة المضيفة، حيث يشكل المضيف الجديد والمضيف المنتهية ولايته والمضيف المستقبلي ”ثلاثي الاستضافة“ لتنسيق تنظيم القمم ووضع جداول الأعمال.
وبصفة عامة، تهدف الجماعة السياسية الأوروبية إلى تعزيز الحوار السياسي والتعاون لمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز أمن واستقرار وازدهار القارة الأوروبية.
وقبل قمة الغد، اجتمعت الجماعة السياسية الأوروبية 3 مرات. في الاجتماع الأول في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ناقش القادة بشكل رئيسي قضايا السلام والأمن، وخاصة حرب روسيا في أوكرانيا، وأزمة الطاقة.
وفي الاجتماع التالي في يونيو/حزيران 2023، ناقش قادة الدول المشاركة، الجهود المشتركة من أجل السلام والأمن ومرونة الطاقة والاتصال والتنقل في أوروبا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، ناقش قادة الدول، ملفي السلام والأمن، فضلا عن الطاقة، في قمة ثالثة عقدت في غرناطة في إسبانيا. لكن هذه القمة تلقت ضربة قوية، كانت الأكثر تأثير للجماعة الأوروبية منذ انطلاقها، إثر مقاطعة تركيا وأذربيجان.
وجاءت مقاطعة تركيا وأذربيجان لقمة غرناطة على خلفية الصراع بين أنقرة وأرمينيا في ذلك الوقت، ما أبرز التحديات التي تواجهها الجماعة السياسية الأوروبية.
"وعاء أمني"
ووفق تقرير سابق كتبه الخبيران دانيلا شفارتزر ويان فيري، فإن الجماعة السياسية الأوروبية تهدف، على النحو الذي اقترحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مايو/أيار ٢٠٢٢، إلى أن تكون بمثابة منتدى للقادة الأوروبيين "لإيجاد مساحة جديدة للتعاون السياسي والأمني"، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل سياسة الطاقة والبنية التحتية.
وبحسب التقرير "سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على الحاجة إلى إعادة تشكيل علاقة الاتحاد الأوروبي مع جيرانه.. لقد فشلت سياسة الجوار الأوروبية، وهي إطار مصمم لتعميق العلاقات مع جيران الاتحاد الأوروبي في الشرق والجنوب، بشكل مريع".
وأضاف: "كما أن عملية التوسع في التكتل الأوروبي بطيئة بشكل مؤلم"، لافتا إلى أنه "من خلال منح وضع المرشح لأوكرانيا ومولدوفا، أظهر قادة الاتحاد الأوروبي نوع العمل الحازم الذي يتطلبه المشهد الجيوسياسي الجديد".
الخبيران قالا أيضا: "لكن هذا القرار أدى أيضا إلى معضلة: يمكن للاتحاد الأوروبي إما تسريع عملية التوسع وإما الحفاظ على المعايير والجدول الزمني الحاليين، أي انتظار المرشحين فترة زمنية تصل إلى عقد لإتمام الانضمام".
لكنهما حذرا من أن "السماح لعملية التوسيع بالتحرك بوتيرة بطيئة، وإجبار أوكرانيا ومولدوفا على الانتظار حتى تنتهي العملية، من شأنه أن يحول التزاما مهما سياسيا إلى مسار محبط".
aXA6IDE4LjIxNy4yMTYuMTkyIA== جزيرة ام اند امز