"الانتصار على النازية".. نظرة مختلفة لحلفاء الأمس بعد حرب أوكرانيا
ألقت الحرب الأوكرانية بظلالها على نظرة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لاحتفالات الانتصار على النازية هذا العام.
ويرى الكاتب الأمريكي، روجر كوهين، أنه فى حين تنظر روسيا لاحتفال العام الحالي بالانتصار على النازية على أنها مناسبة لتذكر حلاوة الانتصار على النازية وتعبئة المجتمع لشد أزر قواته المسلحة فى حربها الجارية ضد أوكرانيا، تنظر لها دول أخرى بينها فرنسا على أنها مناسبة لتذكر عار الحرب فى القارة العجوز بما يحشد التأييد لمزيد من الوحدة الأوروبية فى مواجهة روسيا.
وفى مقال بـ "نيويورك تايمز" تحت عنوان "أوروبتان تواجهان إحداهما الأخرى على عظمة الحرب أو عارها"، كتب كوهين إنه فى الماضي استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاحتفالات بيوم النصر لتعزيز عسكرة المجتمع الروسي، وتمجيد قيم البطولة الوطنية، ومقارنة روح المحارب الروسي بما يراه فى "الانحطاط الأخلاقي" للغرب.
ولكن هذا العام، سيحاول بوتين بلا شك استحضار "النصر" في ظل تأخر تحقيق النتائج التي تتمناها موسكو من عمليتها العسكرية في أوكرانيا بإيجاد بعض التبريرات لحرب سارت بشكل أقل بكثير مما كان متوقعًا ضد التهديد "النازي"، حسبما تراه روسيا.
فى المقابل، سيحيي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يوم أوروبا" بشكل أخر.
في مقر البرلمان الأوروبي، سيضع ماكرون رؤيته الطموحة لاتحاد أوروبي يضم 27 دولة مضطرًا الآن إلى تجاوز مجرد الثقل الاقتصادي نحو أن يصبح قوة عالمية أكثر اتحاد وأكثر قوة.
ويقول كوهين إنه خلافا للفكرة السائدة بأن التكامل الأوروبي جاء من أجل تحقيق المصالح الاقتصادية، فإن الحقيقة أن التزام أوروبا نحو اتخاذ خطوات من أجل الوحدة فيما بينها- جاء لإيجاد السلام بين دولها.
وفي 9 مايو 1950، اقترح روبرت شومان، وزير الخارجية الفرنسي ، دمج إنتاج الصلب الفرنسي والألماني بحيث "لا تصبح أي حرب بين فرنسا وألمانيا غير واردة فحسب، بل مستحيلة" من الناحية الواقعية. هكذا كانت بذرة الأمل فى "أوروبا بلا حدود ومع عملة واحدة".
فى المقابل، فإن الرئيس الروسي الذى تولى السلطة قبل ٢٢ عاما، يرى أن الرئيس الفرنسي، وأوروبا كلها ، يجب أن يعترفوا بشيء آخر: "التضحية السوفيتية الهائلة، التي تنطوي على وفاة 27 مليون شخص من مواطني الاتحاد الذين أنقذوا أوروبا من النازية".
وفى كلمته العام الماضي، قال بوتين: "كان شعبنا وحيدًا، وحيدًا على الطريق الصعب والبطولي والتضحية للنصر على الفاشية".
وقال ميشيل إلتشانينوف، المؤلف الفرنسي لكتاب "داخل عقل فلاديمير بوتين": "إنه يعتقد أن أوروبا جاحدة وأنه إذا تم بناء الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك كان فقط من خلال التضحية الروسية"، مضيفا "هو (بوتين) يحتقر تمامًا فكرة أن التجارة يمكن أن تجلب السلام إلى الأمم."
ويرى كوهين أن جاذبية نجاح الديمقراطية الأوروبية، مهما كانت عيوبها، أكثر تهديدًا لحياة بوتين من حلف شمال الأطلنطي، ومن هنا جاء رد فعله العنيف على ارتباط أوكرانيا بالاتحاد الأوروبي، وقلقه من علم الاتحاد الأوروبي الذى وضع على واجهة وزارة الخارجية الأوكرانية في عام 2014 ، بعد أن لفظت البلاد الرئيس الأوكراني الموالى لبوتين "فيكتور ف يانوكوفيتش."
الحرب الجارية، بحسب كوهين، قد تدفع أوروبا للتفكير فى تعزيز الجانب العسكري على الأقل الذي كانت تتجنبه إلى حد كبير في أكثر من ثلاثة عقود منذ نهاية الحرب الباردة.
وحفزت الحرب في أوكرانيا الدعوات لتسريع عملية اتخاذ القرار بشأن السياسة الخارجية والدفاعية. ودعا ماريو دراجي، رئيس الوزراء الإيطالي ، هذا الشهر إلى "الفيدرالية البراجماتية" في الدفاع ومجالات أخرى.
وقال دراجي: "يجب أن نتغلب على مبدأ الإجماع هذا الذي يؤدي إلى استخدام حقوق النقض مرارا- ونتحرك نحو القرارات التي تتخذها أغلبية مؤهلة" ، في إشارة إلى إجراء يسمح بتمرير القرارات بمجرد الوصول إلى عتبة معينة من الدعم .
وأضاف: "حماية أوكرانيا تعني حماية أنفسنا ومشروع الأمن والديمقراطية الذي بنيناه معًا على مدى 70 عامًا".
وفى حين يؤيد المستشار الألماني أولاف شولتز هذا النهج، يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متردد بعض الشيء تجاه ذلك.
ووفقا للمحللين، فإن ماكرون يري أن وحدة أوروبا القوية من وحدة الغرب.. فهو يرى أن أوكرانيا لم تكن لتصمد من دون دعم أمريكي، وكذلك أوروبا، لن تستطيع أن تكون قوة عالمية من دون علاقة تنسيق قوية مع الولايات المتحدة. وفى نفس الوقت يدعو ماكرون باستمرار التواصل مع الرئيس الروسي.
aXA6IDUyLjE0LjYuNDEg جزيرة ام اند امز