الاقتصاد وأوروبا.. كيف سيتعامل ماكرون ولوبان مع القضايا الشائكة؟
في 24 أبريل/نيسان الجاري سيقرر الشعب الفرنسي من الفائز في الانتخابات الرئاسية 2022، التي أيضا ستكون مرحلة جديدة داخل الإليزيه.
وسيقرر الفرنسيون ما إذا كانوا سينتخبون الرئيس الوسطي المؤيد للأعمال إيمانويل ماكرون لفترة جديدة أو سينسفون إجماعا سائدا منذ عقود على اختيار مرشح التيار الرئيسي لصالح مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.
الوضع الاقتصادي
ورصدت وكالة رويترز للأنباء تقريرا عما يمكن توقعه من ماكرون ولوبان بشأن القضايا الرئيسية والتي منها الاقتصاد مثلا.
فالمرشحة اليمينية لوبان أحدثت في الاقتصاد إذ غيرت وجهة حزب والدها الداعم للسوق الحرة والتدخل المحدود للحكومة في السياسة العامة والقطاع الخاص إلى حزب داع إلى الحمائية.
وتريد تنفيذ سياسة "شراء الفرنسي" على المناقصات العامة وخفض الحد الأدنى لسن التقاعد إلى 60 لمن بدأوا العمل قبل بلوغ سن العشرين وإلغاء ضريبة الدخل لمن تقل أعمارهم عن 30 عاما وخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة إلى 5.5 % من 20 %.
كما ستنفق ملياري يورو (2.18 مليار دولار) على مدى خمس سنوات لرفع رواتب العاملين بالمستشفيات وتوظيف 10 آلاف غيرهم. سترفع رواتب المعلمين 15 % على مدى خمس سنوات.
وتقول جيل إيفالدي، أستاذة العلوم السياسية في معهد العلوم السياسية بباريس، إن البرنامج الاقتصادي لحزبها يميل إلى اليسار أكثر مما كان عليه منذ عقود.
أما الرئيس المنتهية ولايته، يخطط لمضاعفة إصلاحات السوق الحرة التي نفذها خلال فترة ولايته الأولى، إذ كان البند الرئيسي في برنامجه هو زيادة الحد الأدنى لسن التقاعد إلى 65 من 62.
ويتعهد ماكرون أيضًا بجعل بعض مزايا الرعاية الاجتماعية مشروطة بساعات تدريب تتراوح بين 15 و20 ساعة، على غرار السياسات المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا.
التأمين ضد البطالة، الذي يضمن للعمال ما يصل إلى ثلثي رواتبهم لمدة عامين إذا فقدوا وظائفهم، سيكون مرتبطا بقوة الاقتصاد.
العلاقات الفرنسية الأوروبية
وبشأن العلاقات مع أوروبا، تعهدت لوبان، على الرغم من أنها تخلت عن خططها السابقة للانسحاب من منطقة اليورو وسداد ديون فرنسا بالفرنك، بقطع المساهمات في خزائن الاتحاد الأوروبي، وستضع مثل هذه الخطوة باريس على مسار تصادمي مع المفوضية الأوروبية وأعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين.
وتصر على أن القانون الفرنسي يجب أن تكون له اليد العليا على قواعد الاتحاد الأوروبي، في تحد للمحكمة العليا في التكتل، وتقول إنها تريد في النهاية استبدال الاتحاد الأوروبي بـ"أوروبا الأمم"، رغم أنها لم توضح بعد كيف سيبدو ذلك؟.
كما ستوظف لوبان آلافا من وكلاء الجمارك لفحص البضائع التي تدخل فرنسا، بما في ذلك من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بدعوى مكافحة الاحتيال، فيما يقول محللون إن ذلك من شأنه أن يقوض السوق الموحدة.
ماكرون سيواصل المؤيد للاتحاد الأوروبي سعيه لتطوير ما يسميه "الاستقلال الاستراتيجي" لأوروبا في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والزراعة والطاقة وتقليل اعتماد التكتل على القوى الأخرى.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، سعى ماكرون إلى إعادة توجيه الاتحاد الأوروبي نحو موقف أكثر حمائية، ومنع بعض صفقات التجارة الحرة مع الكتل الأخرى مثل ميركوسور وإنشاء آلية تزيد من التدقيق في عمليات الاستحواذ الخارجية على شركات الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية.
ومن المرجح أيضا أن يدفع ماكرون من أجل المزيد من التنظيم لعمالقة التكنولوجيا من الولايات المتحدة، وقال إنه يريد إنشاء "ميتافيرس أوروبي" للتنافس مع فيسبوك.
التحالف الغربي
المرشحة اليمينية تريد سحب فرنسا من القيادة المشتركة لحلف شمال الأطلسي، في تحد لهيكل الأمن الغربي في فترة ما بعد الحرب الباردة.
ويتهمها معارضوها بأنها مقربة من موسكو، حيث حصل حزبها على قرض مصرفي من بنك روسي في عام 2014 واستضافها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية لعام 2017.
ونددت بالعمليات العسكرية في أوكرانيا، لكنها قالت إن موسكو قد تكون حليفة مرة أخرى بعد الحرب.
وفي مقابلة مع رويترز وصفت نفسها بأنها "ديجولية" نسبة للزعيم في زمن الحرب شارل ديجول وقالت إنها ستنتهج سياسة خارجية على مسافة متساوية من واشنطن وموسكو.
وعندما سئلت عما إذا كانت لديها رسالة إلى البلدين الحليفين التقليديين لفرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة، قالت "تخليا عن أفكاركما المسبقة عني".
أما منافسها ماكرون، وعلى الرغم من أنه أثار استياء حلف الأطلسي، لا سيما في شرق أوروبا وألمانيا، عندما وصفه بأنه "ميت دماغيا" في عام 2019، فقد قال بعدها إن الهجوم الروسي لأوكرانيا "أعاده إلى الحياة".
ومع ذلك فإنه سيسعى إلى جعل الأوروبيين أقل اعتمادا على الجيش الأمريكي فيما يتعلق بالأمن.
ودفع ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى التركيز أكثر على منطقة المحيطين الهندي والهادئ ونفوذ الصين المتزايد في المنطقة، ومع ذلك، فقد خاض صداما مع واشنطن ولندن وكانبيرا بعد أن تراجعت أستراليا عن صفقة غواصات ضخمة مع فرنسا.
وكان حذرا بشأن ما إذا كان سيسعى إلى التعاون مع التحالف الأمني الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ضد الصين أو محاولة إقناع الاتحاد الأوروبي باتباع سياسته المستقلة تجاه بكين.