برلمان في عين العاصفة.. هل سقط قرار أوروبا في شباك الفساد؟

عاصفة تضرب البرلمان الأوروبي وسط شبهات بفضيحة فساد تخشى المؤسسة التي تعتبر نفسها بوصلة أخلاقية أن تفاقم اهتزاز صورة تكتل القارة العجوز.
البرلمان الذي يعتبر واحدا من ثلاث هيئات تمثل السلطة التشريعية في الاتحاد الأوروبي يدخل مدار جدل متفجر على خلفية اتهامات بالفساد طالت 4 أشخاص، بينهم نائبة رئيسة المؤسسة إيفا كايلي.
اتهامات تأتي عقب توقيف كايلي والثلاثة الآخرين، في إطار تحقيق حول شبهات بشأن تلقي دفعات مالية "كبيرة" للتأثير على قرارات أعضاء البرلمان الأوروبي الذي يتخذ من العاصمة البلجيكية مقرا له.
فضيحة فجرت الغضب في بروكسل ومخاوف بين نواب القارة العجوز والزعماء السياسيين من أن تزيد من اهتزاز صورة التكتل داخليا وخارجيا، وهو ما دفع بالبرلمان إلى النأي بنفسه سريعا عن كايلي.
قضية قالت ألمانيا إنها خاطرت بمصداقية أوروبا بأكملها، خصوصا أن البرلمان الذي يجمع 27 عضوا من بلدان القارة، يعتبر نفسه بوصلة أخلاقية في بروكسل، إذ يصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم، وتحمل حكومات الاتحاد الأوروبي المسؤولية.
زوبعة
في تواتر سريع للأحداث ببروكسل، قرر البرلمان الأوروبي، الثلاثاء، إقالة كايلي، وذلك بعد وقت قصير من قرار زعماء الكتل السياسية بالبرلمان الأوروبي، بالإجماع، تجريد نائبة رئيسة البرلمان من دورها.
من جانبهم، قال ممثلو الادعاء إنهم اشتبهوا منذ شهور بمحاولات التأثير على صنع القرار في بروكسل.
زوبعة مدوية تحاصر البرلمان الأوروبي بالأيام الأخيرة، وسط تواتر سريع للأحداث والتصريحات، في عاصفة لم تهدأ حتى الساعة وسط مخاوف من ظهور حيثيات جديدة تزيد من سوء الوضع في بروكسل.
ومن الإثنين إلى الجمعة الماضيين، فتشت الشرطة البلجيكية 19 منزلا ومكتبا في البرلمان الأوروبي مع مصادرة أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة ومئات الآلاف من اليورو.
ومع أن محامي كايلي في اليونان، ميكاليس ديميتراكوبولوس، نقل عن موكلته تأكيدها بأنها "بريئة" وأنه "لا علاقة لها بالتمويل"، إلا أن ذلك لم يخفض منسوب الانتقادات والتحذيرات.
مصداقية أوروبا
وأمس، حذر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي من أن مصداقية الاتحاد القاري على المحك، فيما أعلن حزب باسوك الاشتراكي اليوناني فصلها.
من جهتها، أوضحت مصادر مطلعة على القضية أن المتهمين الثلاثة الآخرين جميعهم إيطاليون - وهم النائب الأوروبي السابق بيير أنطونيو بانزيري والأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال لوكا فيسينتيني والمساعد البرلماني فرانشيسكو جورجي وهو شريك حياة كايلي.
وفي تعليق على القضية، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، لدى وصولها لعقد اجتماع دوري في بروكسل، إن "هذا أمر لا يصدق ويجب معالجته بالقوة الكاملة للقانون"، محذرة من أن "الأمر يتعلق بمصداقية أوروبا".
فيما رأت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أن شبهات الفساد في البرلمان الأوروبي "مثيرة للقلق الشديد. إنها مسألة ثقة بالأشخاص الذين هم في قلب مؤسساتنا. هذه الثقة تنطوي على معايير استقلالية ونزاهة عالية جدا".
وبانتظار ما ستؤول له التحقيقات والمحاكمات، يعتقد مراقبون أنه بغض النظر عن النتائج بأروقة بروكسل، فإن ما جرى سيكون بمثابة الخدش الكبير الذي ضرب مصداقية المؤسسة والتكتل بشكل عام.
واعتبروا أن الاتهامات وحدها كافية لتزج بالقارة العجوز ضمن دائرة الشكوك، وهذا أسوأ ما قد يحصل لمؤسسة تعتبر نفيها بوصلة أخلاقية.