نيران أوكرانيا تبدد الدفء.. وأوروبا تتدثر "بخارطة طريق" قبل شتاء مخيف
خارطة طريق أوروبية تنشد كبح جماح ارتفاع أسعار الطاقة واجتثاث أشواك زرعتها حمم الحرب الروسية الأوكرانية.
اتفاق تقاطعت عنده رغبة قادة دول تكتل القارة العجوز، المجتمعين بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أملا بتجاوز أسوأ معضلة تحاصر القارة منذ عقود طويلة، مع ارتفاع أسعار الطاقة جراء قطع الإمدادات الروسية.
ويجتمع قادة الاتحاد الأوروبي، الخميس والجمعة، في محاولة لتجاوز انقساماتهم والتوصل إلى استجابة مشتركة للارتفاع الهائل في أسعار الطاقة، على خلفية توتر فرنسي ألماني يفاقم تداعيات الحرب شرقي القارة.
وتستعد أوروبا لاستقبال شتاء عصيب هذا العام، في ظل شح إمدادات الغاز عبر خطوط أنابيب تصل روسيا بألمانيا ومنها إلى دول القارة، وفي مواجهة ذلك، تتحرك القارة ببطء منذ فبراير/ شباط الماضي، بسبب المصالح المتعارضة أحيانا للدول الأعضاء.
في غضون ذلك، تتهم أوروبا موسكو باستخدام الغاز ورقة للضغط عليها لرفع العقوبات المفروضة على خلفية الحرب في أوكرانيا، فيما تقول روسيا إن تعليق الإمدادات أو وقفها يعود لأسباب تقنية.
مفاوضات شاقة
مفاوضات شاقة شكلت السمة الأبرز لاجتماعات قادة أوروبا خلف الأبواب المغلقة بمقر التكتل في بروكسل، وانتهت -في يومها الأول- بخارطة طريق لمواجهة المعضلة الأبرز التي باتت تتقاطع عندها أولويات القارة بأسرها.
لكن، ورغم محاولات الكتلة الأوروبية منح انطباع بأنها الجبهة الموحدة، فإنه لا يزال يتعين حسم الكثير من النقاط، ما يشي بأن المفاوضات في الأسابيع المقبلة ستكون صعبة بل شاقة.
فماذا لو لم يتمكن تفعيل التدابير لوقف ارتفاع أسعار الغاز؟ حينها، سيكون على قادة أوروبا الاجتماع من جديد لبحث سبل الاتفاق على نسخة نهائية، وهذا ما أكده المستشار الألماني أولاف شولتز.
وقال شولتز إنه إذا لم يتمكن وزراء الطاقة من الاتفاق على نسخة نهائية، فستكون هناك حاجة إلى قمة جديدة لرؤساء الدول.
لكن مسؤولين أوروبيين حاولوا التخفيف من نبرة التشاؤم الناضحة من تصريحات المستشار الألماني، حيث قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين "لدينا الآن خريطة طريق جيدة جدا".
من جانبه، تحدث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل عن "الاتفاق على حزمة من الإجراءات" التي يجب الآن "التعامل معها بدقة"، دون أن يخوض في مزيد من التفاصيل.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فأكد أنه يمكن تنفيذ الآليات المتوخاة "في نهاية أكتوبر/تشرين الأول (الجاري) أو بداية نوفمبر/تشرين الثاني (المقبل)".
وبالنسبة له، فإن قادة أوروبا "أرسلوا إشارة واضحة جدا إلى الأسواق بشأن تصميمهم ووحدتهم".
تحرك سريع
رغم الخلافات النسبية، إلا أن قادة أوروبا يتفقون على ضرورة التحرك سريعا لوضع حلول جذرية لمعضلة الطاقة، قبل حلول شتاء السخط كما سبق أن وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش.
رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، أكد من جانبه، أن هذه القمة هي "الأهم منذ فترة طويلة".
وحذر دي كرو، في تصريحات إعلامية، من أنه إذا لم يؤد ذلك إلى "إشارة سياسية واضحة بأن لدينا الإرادة للتوقف عن تحمل أسعار الغاز المرتفعة"، فسيشكل هذا "فشلا لأوروبا".
في غضون ذلك، عقد ماكرون وشولتس، بعد ظهر الخميس، اجتماعا لمحاولة تسوية خلافاتهما قبل بدء أعمال القمة مباشرة.
وماكرون المعروف بتمسكه بمفهوم الاتحاد الأوروبي، أكد في تصريحات أعقبت وصوله إلى بروكسل، سعيه للحفاظ على الوحدة الأوروبية وعلى الصداقة والتحالف بين ألمانيا وفرنسا أيضا.
وأضاف أن "كلا منا يعمل على المستوى الوطني وأعتقد أنه من الأفضل دائما التشاور والتنسيق "، لافتا إلى أنه "لطالما اعتبرت أن واجبي هو أن أفعل كل شيء حتى نجد مسارات اتفاق بين ألمانيا وفرنسا، ما يجعل من الممكن بعد ذلك بناء اتفاقات أوروبية".
عربون حسن نية قدمه الرئيس الفرنسي قد يطوي صفحة التوتر مع ألمانيا، لكن ارتدادات حرب أوكرانيا لا تزال تشكل المعضلة الأكبر للقارة، وسط انقسامات بين الدول السبع والعشرين التي تعتمد مزيجا مختلفا من مصادر الطاقة.
فهل يفلح اليوم الثاني للقمة في تحقيق توافق أوروبي حول سبل مواجهة الأزمة الخانقة؟